شيخ الأزهر فى مؤتمر مكافحة الإرهاب بمكة المكرمة:التكفيريون يقطعون الرؤوس ويحرقون الأسرى بناءً على اعتقاد خاطئ.. السجون ليست السبب الوحيد للنزعة التكفيرية.. ويؤكد: نواجه مخططات دولية بطريقة "فرق تسد"

الأحد، 22 فبراير 2015 02:12 م
شيخ الأزهر فى مؤتمر مكافحة الإرهاب بمكة المكرمة:التكفيريون يقطعون الرؤوس ويحرقون الأسرى بناءً على اعتقاد خاطئ.. السجون ليست السبب الوحيد للنزعة التكفيرية.. ويؤكد: نواجه مخططات دولية بطريقة "فرق تسد" الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
كتب لؤى على - محسن البديوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، تعلمون أنَّنا نواجِه مخطَّطات دوليَّة كُبرى تَستهدِف العَرب والمُسلِمين، وتُريد أن تصوغهم صِياغة أُخرى، وتشتتهم فى بلادهم بما يتفق وأحلَام الاستعمار العَالَمى الجديد المُتَحالف مَع الصُّهيُونيَّة العَالَمِيَّة يَدًا بِيدٍ وكَتِفًا بِكَتِف.

وأضاف شيخ الأزهر، فى كلمته بمؤتمر مكافحة الإرهاب، المنعقد بمكة المكرمة، برعاية خادم الحرمين الشريفين، "علينا ألَّا ننسى أن الوسيلة الوحيدة التى يَستخدمها الاستِعمار الجَديد الآن، هى الوسيِلةُ ذاتُها التى كان يستخدمُها هذا الاستعمار فى القرن الماضى، وهى مَقُولَته القاتلة: «فَرِّق تَسد» والتى تلعب هذه المَرَّة على بؤر التَّوَتُّر والخِلاف الطَّائفى والمَذهَبى، واستطاعت –للأسف الشَّديد – أن تَعبَث بهذه الأُمَّة ما شاء لها العبث وما شاء لها المكر والغَدر والتَّسَلُّط، وكان من آثار هذا العبث الماكر أن ضَاعَت العِرَاق، واحترقت سوريا، وتَمَزَّق اليَمن، ودُمِّرَت ليبيا"، مؤكدًا أنه لا يزال فى جُعبَتهم الكثير مِمَّا لَا يَعلَمه إلَّا الله تعالى، ومما نعوذُ بالله منه ومِن شرورِه، فَلننس خلافاتنا الَّتى لَمْ نَجنِ مِن ورائها إلَّا الضَّعف والذلة والهَوان، ولِيَكُن مُؤتمرنا هذا علامة فارِقة وبداية موفَّقة نتصَدَّى بها كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ الَّذى يَشُدُّ بَعْضَهُ بَعْضًا لهذا الخطر الماحِق الذى يحدق بِنَا جَميعًا.

واستطرد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أنَّ هذا المُؤتمر الذى نتداعى لساحته اليوم، ونتنادى بخطره وأهمِّيته البَالِغة يأتى فى وقته الصَّحِيح، وتَوقيتِه الدَّقِيق مَع أشباهه ونظائره مِن المُؤتمرات الكُبرى فى الشَّرقِ والغَرب، للتَّصَدِّى لِهذا البَلاء الشَّديد الَّذى اُبتليت بِه مَنطِقَتنا العَرَبيَّة، والمُتَمثِّلِ فى جمَاعَات العُنف والإرهاب، الغَريبة عن الإسلام: عَقيدةً وشَريعةً وأخلَاقًا، وتارِيخًا وحضَارة، والَّتى لَا تَمُت إلى هَدْى هذا الدِّين الحَنيف بِأدنى صِلَة أو سَبب، مشيرًا إلى أن الجَمَاعات نبذت حُكم القُرآن الكَريم والسُّنَّة وراء ظهورها، واتَّخذَت مِن الوَحشيِّة البربريَّة منهجًا ومذهبًا واعتقادًا، وقد نُزِعَت الرَّحمَة مِن قلوبهم، فَهِى كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً، وبرئ الله مِنْهُم ورَسُوله وصَالِح المؤمنين.

وأشار شيخ الأزهر إلى أنَّ هَؤلَاء قُسَاةَ القلوب غلاظَ الأكباد قد خَرجوا عَن السَّيطَرة، حتَّى كدنا نعتَاد أسَاليبهم المتوحِّشة، ومُمَارسَاتهم اللإنسانية فى تَنفِيذ جَرائِمهم البَشِعة، وبلغ هؤلاء المُجرِمون من قسوة القلب وتحجُّر الشُّعور حيث يَتقَاذفُون رؤوس القَتلى بين أرجلهم، ويَلعَبُون بِها وهُم يَضحَكُون، وحسبك من شرّ سماعه، قائلاً "لَعَلِّى لَا أُبَالِغ لَو قُلْتُ إنَّه لَمْ يَحدُث للمُسلِمين -فى تاريخهم -أن أمسى بأسُهم بينهم شديدًا على هذه الشَّاكِلة الشَّنعَاء التى نراها اليوم، وأن هَذِه الأُمّــــَة التى قال الله تعالى فيها: «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَـتْ لِلنَّاسِ» {آل عمران: 110}، قد أفضَت بها الأيَّام إلى حاضِر بئيس، وخَطْبٍ فادح، مؤكدًا أنه لَم نحكم السَّيطرة التَّعلِيميَّة والتربويَّة – فى مدارسنا وجامعاتنا - على فوضى اللجوء إلى الحُكم بالكُفر والفِسق على المُسلِمين فإنَّه لا أمل فى أن تستعيد هذه الأمة قوَّتها ووحدتها وأخوتها وقدرتها على التحضر ومواكبة الأمم المُتَقدِّمة، وقد لا ينتبه البعض إلى الأثر المدمر لنزعة التَّكفير فى تَمزيق وحدة الأمة، وما يَترتَّب على ذَلِك مِن التَّشرذُم والانقِسَامات، وكلٌ يَزعم أنَّه المُسلِم الحَقِيقى وأن غيره إما خَارِج عَن المِلَّة حلال الدم والعِرض والمَال، أو فَاسِق يَجب اجتنابه، وتجب كراهيته ومفاصلته شعوريًا ونفسيًّا وتحرم موالاته، وغير ذلك من الفتاوى العابثة بدين الله ورسوله.

وأضاف كما أتَمنَّى لَو أنَّ مُقررًا دِراسيًّا فى مَدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا يُعنى عناية خاصَّة بتصحيح المفاهيم المغلوطة والملتبسة حول قضايا شَغلت الأذهان والعقول، مثل: قضية الجِهَاد، وقضية التكفير، وسائر القضايا التى سيتناولها مؤتمرنا هذا، وبخاصة خطرَ الفُرقة والتَّنازع، وأنَّه طريق معبَّد لِلفَشَل الذَّرِيع.. وكيف أن القُرآن الكَريم ربَط بينهما ربط المُسبب بالسَّبب والمَعلُولِ بالعِلَّة فَقَال: «وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» "الأنفال"، مؤكداً أنَّ السُّجون لَيْسَت السَّبَب الأوحَد فى النزعة التَّكفِيريَّة، واستفحالها وتوحُّشها، وهى وإن كانت مِن أقوى الدَّوافِع فى هذا الأمر، إلَّا أنَّ هُنَاك أسبَابًا أكثر عمقًا يَجِبُ أنْ تُؤخَذ فى حُسْبَاننا .

وفى سياق متصل، ترحم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على خادم الحرمين الشريفين، الملك الراحل، عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وذلك فى بداية كلمته بالمؤتمر، سائلا الله تعالى أن يتغمده بواسِع مغفرته ورحمته ورضوانه، وأن يتقبله مع الأنبياء والشهداء والصالحين، كما جدد التَّهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، سائلا الله تعالى أن يوفِّقه لما فيه خير البلاد والعباد، وأن يُحقِّق الله على يديه وأيدى قادة العرب والمسلمين وحدة هذه الأمة وإعلاء كلمة الإسلام وعزّ المُسلِمين ومجدهم، مقدمًا الشكر للملكة العربية السعودية لموقفها التاريخى الذى لا ينسى إلى جوار مصر، ودعمها الأزهر الشريف بكل هيئاته، وريادتها فى نصرة قضايا العرب والمسلمين، كما بحث مع الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركى، بقصر الضيافة فى مكة المكرمة اليوم، أوجه التعاون وتوطيد العلاقات بين الرابطة ومشيخة الأزهر لما فيه خير الإسلام والمسلمين لاسيما فى المجالات الدعوية والتعليمية والثقافية.

ومن جانبه استعرض وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة خلال لقاءاته ومشاوراته مع بعض وزراء الأوقاف والشئون الإسلامية العرب والمسئولين عن الشأن الدينى والمهتمين، وذلك على هامش مشاركته فى مؤتمر الإسلام ومحاربة الإرهاب الذى تنظمه رابطة العالم الإسلامى بمكة المكرمة تأسيس اللجنة العربية الإسلامية العليا لتجديد الخطاب الدينى ومشروع توحيد خطبة شهرية فى الدول العربية والإسلامية بما يعكس وحدة الهدف والمصير المشترك، وتشمل قضايا إسلامية عامة كالتسامح الإسلامى وفقه العيش المشترك، وحرمة الذبح والحرق والتنكيل بالبشر، وإتقان العمل كسبيل للأمم المتحضرة، وخطورة الإدمان والمخدرات على الفرد والمجتمع، وهو ما لقى ترحيبًا واستجابة واسعة من الوزراء العرب .










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة