أمراض الشقيانين.. «الصيادون» يطاردهم الفشل الكلوى.. والدوالى تنهش أقدام «البائعين».. والسرطان صديق «الاسترجية».. العمال المصريون.. يا تموت من المرض يا تموت من الجوع

الإثنين، 16 فبراير 2015 10:59 ص
أمراض الشقيانين.. «الصيادون» يطاردهم الفشل الكلوى.. والدوالى تنهش أقدام «البائعين».. والسرطان صديق «الاسترجية».. العمال المصريون.. يا تموت من المرض يا تموت من الجوع أمراض الشقيانين
رانيا فزاع " نقلاً عن العدد اليومى"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أن تعمل فى مهنة تدر عليك ربحاً هذا أمر عادى.. لكن أن تصبح هذه المهنة سبباً فى إصابة صاحبها ببعض الأمراض، هنا يجب التوقف، فأصحاب المهن الحرفية البسيطة رغم ما يتقاضونه من أموال قليلة، فإنهم يتعرضون لأمراض تتنوع خطورتها ما بين «الحساسية والربو والسرطان والزهايمر والفشل الكلوى والدوالى»، نتيجة عملهم لفترات طويلة بهدف الحفاظ على لقمة العيش، خوفاً من أن يتحولوا لعاطلين، أو يغيروا مهنتهم التى لا يعرفون غيرها ويصبح التعايش مع أمراضهم هو الحل الأمثل أمامهم، خاصة مع غياب معايير العمل الدولى ومعايير الحماية والوقاية وعدم تطبيق مبادئ السلامة والصحة المهنية، وغياب الرقابة على أصحاب الأعمال، وعدم جاهزية المستشفيات لاستقبال المرضى، أو وعى الأطباء للأمراض التى يصاب بها العاملون نتيجة قضائهم فترات طويلة فى العمل.

«اليوم السابع» أجرت تحقيقاً حول المعاناة اليومية لعدد من أصحاب المهن الحرفية، والأمراض التى يصابون بها، وكشف التحقيق عن أن أغلب المهن الحرفية لها أعراض جانبية وتسبب إصابتهم بالأمراض، ومن بين هذه المهن اخترنا ثمانى مهن، مثل: التنجيد، والصيد، والبيع فى المحال، وصناعة «المخلل» على سبيل المثال وليس الحصر، ولا نعنى بهذا خطورة أمراض هذه المهن عن غيرها.

استنشاق السموم فى ورش الدهانات
«احذر التعرض لرائحة الدهانات والدكو والزيت والرش والبلياستر».. هذه الوصية وغيرها نستمع لها كثيرًا، لتجنب الإصابة بالربو وضيق التنفس والسرطانات والفشل الرئوى، وغيرها من قائمة لا تنتهى من الأمراض، لا يمكن أن يستمع لها العاملون فى ورش رش ودهانات الموبيليا «الاستورجية» والسيارات، حتى لا يجدون أنفسهم بلا عمل.
«عيد» الذى يعمل فى ورش دهان السيارات منذ خمس سنوات، بمجرد سؤاله عن مهنته، يقول: «بتسألوا علشان المرض اللى بييجى منها يعنى، خليها على الله»، أعرف أن للمهنة مخاطر منذ بدأت العمل بها، كما أنها تسبب الإصابة بمرض الربو، وأعرف عمالًا كانوا يعملون من قبلى وتعرضوا للإصابة به، لكن ماذا أصنع؟!
الكارثة الأكبر أن أغلب هذه الورش لا توجد بها أى وسائل للوقاية، ولا يستخدم أغلب العاملين بها الكمامات مثلا، كما يكشف «عيد»: «نصحونى عندما بدأت عملى بشرب اللبن يوميًا، كوسيلة للوقاية من السموم، ومنع الإصابة بأى مرض، لكنى لم أستمر فى ذلك، وكذلك الأمر بالنسبة للكمامات.
ويتعرض أغلب العمال الذين يتعاملون مع الدهانات لأمراض حساسية الصدر، نتيجة استخدام «التنر» وغيره من المواد الكيمائية التى تؤثر سلبًا على الجهاز التنفسى، وفقًا لإحدى الدراسات الحديثة التى تؤكد أن الرائحة النفاذة التى تنبعث من الدهانات تسبب أزمات الربو، نتيجة وجود مادة «الايزوفايانيت» المستخدمة فى تركيبها.
ووفقًا للدراسة التى أجراها كل من الدكتور مجدى محمد خليل، استشارى الأمراض الصدرية، والتى أكدها المستشار الفنى فى شركة دهانات الجزيرة عماد فهمى، فإن روائح الدهانات هى الأشد تأثيرًا فى حدوث أزمات ربوية حادة، إذا ما تمت مقارنتها بروائح الدخان والعطور ومواد التنظيف، موصية بضرورة توفير تقنية صناعية خاصة تقلل من استخدام المواد الزيتية، والاستعاضة عنها بالمواد البلاستيكية الأقل تأثيرًا، وتصنيع أصناف خالية من الروائح التى تهدد حياة المصاب بالربو، وتؤدى إلى عواقب وخيمة.

الدوالى.. مرض الناس الواقفة فى المحلات الخاصة والباعة الجائلين.. ومفيش تأمين صحى ولا معاش
يتعرض عدد كبير من العمال الذين يقفون على أقدامهم لفترات طويلة للإصابة بمرض «الدوالى»، نتيجة تجمد الدماء فى أرجلهم، وتتعدد المهن المسبية لذلك، ومن أشهرها بائعو الملابس أو الأحذية، ومن بينهم عصام فهمى، الرجل الخمسينى الذى يعمل فى مهنة بيع الأحذية منذ حوالى عشرين عامًا، والذى يقول: تعرضت للإصابة بمرض الدوالى بعد 10 سنوات من العمل نتيجة الوقوف 12 ساعة يوميًا. يضيف «عصام»: «إن مهنة البيع مجهدة، لكننا تعودنا عليها، إضافة إلى عدم وجود تأمين طبى، يسهم فى تقليل مصاريف العلاج، إضافة لعدم وجود معاشات تساعدهم فى توفير مصدر رزق بعد ترك العمل. وطالب «فهمى» بضرورة معاملة العاملين بالقطاع الخاص مثل العام، وتوفير معاشات وتأمينات تضمن لهم مصدرًا ماليًا بعد بلوغهم سن المعاش، حتى لا يضطروا للعمل فى سن كبيرة.
أمل محمود، الفتاة العشرينية تعانى نفس المشكلة السابقة، فهى تعمل فى أحد محال بيع الملابس منذ 5 سنوات، ما عرضها للإصابة بالدوالى فى قدمها، تقول إن الوقوف ساعات طويلة فى العمل سبب لها الدوالى، لكن ماذا نفعل، فأى وظيفة لها أعراض جانبية.
لا يتوقف الأمر عند ذلك، فالباعة الجائلين أيضا يعانون من الإصابة بمرض الدوالى نتيجة وقوفهم فترات طويلة وتنقلهم فى مناطق عدة للبيع.

فى البنزينة.. الرصاص يدمر قلبك وكبدك ويصيبك بالزهايمر
يتعرض عدد من عمال البنزينات للإصابة واستنشاق البنزين بأمراض الحساسية والتهابات المعدة، كما أن خطورة بعضها يصل لحد الإصابة بمرض الزهايمر.
مصطفى على، 30 عامًا، مصاب بالالتهاب فى المعدة نتيجة عمله فى إحدى بنزينات الغاز الطبيعى، يقول: «نتيجة تعرضى لاستنشاق الغاز يوميًا أصبت بالتهاب بالمعدة، وهذا ليس حالى فقط، ولكن حال العديد من زملائى أيضا».
ويضيف «مصطفى» أنه يعانى أيضًا من بعض الأعراض، غير الإصابة بأمراض معينة، مثل عدم القدرة على التركيز والنسيان، نتيجة استنشاق الغاز.
ويشتكى «مصطفى» من أن أغلب أصحاب البنزينات لا يقومون بالتأمين على العمال، أو يتحملون نفقات العلاج إذا تعرض أحدهم للإصابة بمرض ما.
وائل خلف، مدير عام النقابة المستقلة لعمال البنزينات، أكد أن عددًا كبيرًا من العاملين فى البنزينات يشتكون من الإصابة بأمراض القلب، مشيرًا إلى أن النقابة طالبت أكثر من مرة بضرورة التأمين على جميع عمال البنزينات لحمايتهم من التعرض لهذه الأخطار أو الإصابة بأمراض، دون مجيب.
يحتوى البنزين على مادة الرصاص التى لها تأثيرات خطرة، تتمثل فى فقر الدم، والإصابة بالتهاب مزمن للكلى قد ينتج عنه فشل كلوى، وصعوبة فى التخلص من حمض البوليك والإصابة بالنقرس، والتهاب فى الكبد.

احذر.. الملح يأكل أجساد العاملين فى صناعة المخلل
لا يختلف الأمر بالنسبة للعاملين فى صناعة «الحادق» المخلل، ففى معمل بسيط لتصنيع «الطرشى» يجلس زياد محمد، الشاب العشرينى الذى أتى من محافظة قنا منذ ثلاثة أعوام للعمل فى القاهرة، ولم يجد ما يستر حياته إلا مشاركة أخيه مهنة «تصنيع المخللات».
يكشف «زياد» أنه أصيب بالعديد من الأمراض، منها زيادة معدل الأملاح فى جسده، وتورم أقدامه، نتيجة تعامله اليومى مع الملح، واضطراره لتذوقه، مؤكدًا أنه ذهب للطبيب أكثر من مرة، وكل مرة يسأله عن طبيعة عمله، وعندما يعرف يطلب منى أن يتركه حتى لا يتضاعف المرض، ويصاب بالفشل الكلوى، والمياه على الرئة، نتيجة تعرضه للماء البارد، وهو ما لا يستجيب له. «زياد» الذى لا يحصل من عمله إلا على أجر قليل لا يكفى احتياجاته، يتمنى أن يجد عملًا آخر لا يسبب له أمراضًا، يقول: «لو وجدت شغل تانى هسيب ده فورًا»، لكنه لا يجد أى بدائل ليستمر الوضع على ما هو عليه، وليقض الله أمرًا كان مفعولًا.

أن تكون «منجدًا» معناه أن تصاب بالحساسية والربو المزمن
مهنة التنجيد تتطلب من صاحبها تنقية القطن من الأتربة والمواد العالقة، بـ «الضرب عليه» فترة طويلة، تمتد من ساعة إلى ثلاث ساعات، ما يصيب أغلب العاملين بها بأمراض حساسية الصدر، بسبب ما يستنشقونه ويعلق بصدورهم.
من جانبه يقول أحمد حسن، الرجل الأربعينى الذى يعمل فى مهنة «التنجيد» منذ أن كان عمره 10 سنوات: إن الطبيعى أن يصاب أى منجد بالحساسية، وهناك حالات كثيرة تصل لدرجة الربو، «بس هنعمل إيه ده أكل عيشنا منقدرش نبطله أو نسيبه».
أحمد يشكو من ضعف الإقبال من قبل المواطنين الآن على التنجيد، وتفضيلهم شراء المراتب الجاهزة، ويؤكد أنه بعد عمله فى المهنة فترة زادت على عشرين عاما، أصيب بحساسية مزمنة، ويخضع الآن لعلاج شهرى، بسبب أتربة القطن والعوالق التى تخرج منه خلال العمل.

الكوافير.. الموت البطىء بـ«الصبغة والكرياتين» فى سبيل زينة الآخرين
قد تظن أن العمل فى مهنة «الكوافير» من أسهل المهن، وأبعدها عن البهدلة، والجرى فى السكك، لكنك حينما تعرف قائمة الأمراض التى تتعرض لها السيدات العاملات فيها، نتيجة استنشاق الأدخنة يوميًا، واستخدام المواد الكيماوية، مثل الصبغة والكرياتين، ستعرف أن معلوماتك المسبقة خاطئة تمامًا. تأتى «الحساسية والروماتيد» على قائمة الأمراض التى أصيبت بها الكوافير ماجدة عبد الحليم، 47 عاما نتيجة العمل بهذه المهنة منذ عشرين عامًا، بسبب ما استنشقته من أدخنة، ورغم محاولاتها قدر الإمكان استخدام أدوات وقاية لمنع الإصابة بالحساسية، وغيرها من الأمراض، من خلال ارتداء قفاز بالأيدى وكمامة على الوجه، فإنها لم تمنع إصابتها بالمرض، خاصة مع التعرض للأدخنة فترة طويلة، كما أنها لم تكن تعلم أن شد أوتار يدها فترة طويلة سيضاعف لديها الإصابة بالروماتيد. تقول «ماجدة»: «ما باليد الحيلة، فرغم إصابتى بهذه الأمراض لا أستطع ترك العمل، كما لا أستطع البحث عن آخر جديد بعد ما قضيت عشرين عاما من العمل به».

الصيادون تعيسو الحظ.. معرضون للإصابة بالفشل الكلوى والسرطان
تطول قائمة الأمراض التى يتعرض لها الصيادين من الأمراض، على رأسها السرطان والفشل الكلوى، نتيجة عملهم فى المياه الملوثة المليئة بالزرنيخ والرصاص، وغيرها من المواد الضارة.
ووفقًا لإحدى الدراسات الحديثة، فالبحيرات المصرية، بها معادن ثقيلة تفتك بصحة الإنسان، أهمها الرصاص والزرنيخ والحديد والكادميوم والزئبق، وهو ما يؤثر على الصيادين العاملين بها.
يقول أحمد المغربى، رئيس النقابة المستقلة للصيادين بدمياط، إنهم معروضون دائمًا للإصابة بأمراض الفشل الكلوى والسرطان بسبب نزولهم فى المياه الملوثة، دون وجود أى وقاية، وإن مشكلتهم لا تتوقف عند حد الإصابة بمرض معين، لكنها تمتد للعلاج، لعدم خضوعهم لأى تأمين صحى، وعدم قدرتهم على تغطية نفقات العلاج.

التعليق - 2015-02 - اليوم السابع









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة