"حكايتى فى تل أبيب" لرفعت الأنصارى يكشف أسلوب الموساد فى تجنيد العملاء

الخميس، 12 فبراير 2015 10:07 م
"حكايتى فى تل أبيب" لرفعت الأنصارى يكشف أسلوب الموساد فى تجنيد العملاء غلاف الكتاب
كتبت آلاء عثمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أن تكون دبلوماسيًا، فهذا أمر عادى، أما أن تكون دبلوماسيًا مصريًا فى تل أبيب، فهذا أمر محفوف بالمخاطر، ومحاط بالشك والريبة.

فى كتاب "حكايتى فى تل أبيب.. أسرار دبلوماسى مصرى"، للدكتور رفعت الأنصارى، يكشف لنا هذه المخاطر، ويروى حكايته فى تل أبيب حين كان يعمل بالسفارة المصرية هناك، وكيف وضعته أجهزة الأمن الإسرائيلية تحت المراقبة منذ لحظة وصوله، لاصطياده وتجنيده، وعندما فشلت فى ذلك، حاولت اغتياله ثلاث مرات.

"حكايتى فى تل أبيب" يقدم للقارئ صورة حقيقية عن المجتمع الإسرائيلى من الداخل، بسياساته، ومؤسساته، وطوائفه، وفئاته، وأعراقه المختلفة، من وجهة نظر مؤلفه، وهى الصورة التى سيدرك القارئ من خلالها عدم تجانس المجتمع الإسرائيلى المكون من أكثر من ستين جنسية مختلفة الأعراف والعادات، واللغات، والخلفيات الثقافية.

يكشف الكتاب المخططات الإسرائيلية العدائية تجاه العرب، التى عرفها الدكتور رفعت الأنصارى، من خلال علاقاته الوطيدة التى أقامها هناك، وبالطبع لم تسامحه أجهزة الأمن الإسرائيلية عليها، فبدأت فى محاولات اغتياله، حتى تمكنت السلطات المصرية من إعادته لمصر سرًا.

وفى هذا العرض الموجز للكتاب، نركز على بعض النقاط المهمة فى هذا الكتاب الشيق، والمهم أيضًا.

زيارة السادات للقدس وصداها على المجتمع البريطانى

فى البداية يشير الدكتور رفعت الأنصارى إلى عمله كدبلوماسى مصرى فى لندن، والتقارير السرية التى كان يرسلها إلى مؤسسة الرئاسة والأجهزة الأمنية المصرية المعنية بالأمر، عن النشاط الصهيونى فى بريطانيا، وبصفته كان موجودًا ببريطانيا، وقت زيارة الرئيس أنور السادات إلى القدس، فيتطرق إلى ردود فعل المجتمع البريطانى عن هذه الزيارة، ويصفها بأنها كانت مفاجأة كبرى، ومدوية، ولم تكن وسائل الإعلام البريطانية تعلم عنها الكثير، وأن إسرائيل ذاتها لم تقتنع بإمكانية تحقيق ذلك، وحسبتها تغطية بارعة لهجوم مصرى جديد سيقع عليها.

ولكن بمجرد أن تحققت الزيارة خلفت سعادة وإعجاب المجتمع البريطانى بشجاعة الرئيس السادات، وجرأته فى الذهاب للقدس، وإلقائه كلمة تعبر عن موقف مصر دون تنازلات فى عقر الدار الإسرائيلى "الكنيست"، ويشير لسعادة وإعجاب المواطنين البريطانيين بالزيارة فيقول "عندما كانوا يعرفون أننى مصرى، يبادرون بالقول "تقصد أنك من بلد السادات".

العمل فى إدارة التطبيع

ومن خلال عمل السفير رفعت الأنصارى عام 1980 فى إدارة التطبيع التابعة لمكتب الفريق كمال حسن، نائب رئيس الوزراء، ووزير الخارجية وقتها، استطاع التعرف على بعض طبائع الإسرائيليين، فكانت الوفود الإسرئيلية تردد دائمًا مقولة "إنهم قد دفعوا ثمنًا غاليًا للسلام مع مصر، وليس أقل من أن تعطى مصر مقابل ذلك الأولوية للمطالب الإسرائيلية حتى ولو كانت على حساب علاقتها مع الدول العربية" وكيف كان ممثلو الوزارات المصرية، يحاولون كبح جماح المطالب الإسرائيلية عن طريق وضع العراقيل بحجة الالتزام بالقوانين.

أسلوب جهاز الموساد فى تجنيد العملاء

فى عام 1981، نُقل الدكتور رفعت الأنصارى للعمل بالسفارة المصرية فى "تل أبيب"، ومن خلال حياته هناك، يشرح كيف يتم تجنيد العملاء فى جهاز الموساد، وهى العملية التى تبدأ بالفرز والاختيار للهدف المطلوب تجنيده، ويقوم بها ما يطلق عليهم "الفراز" الذى يقوم بالتحرى عن كل المعلومات المتعلقة بالهدف، ويتقرب منه وينمى العلاقة بينهما لبناء الدافع ليصبح عميلًا، واكتشاف نقاط ضعفه، حيث من خلالها يمكن البدء فى تجنيده.

وهنا يشير الدكتور رفعت الأنصارى إلى أن العرض فى البداية يكون بطريقة غير مباشرة، من خلال بعض الأعمال التجارية، أو الوظيفية، وإذا كان العميل عربيًا فيعرض عليه فى مرحلة لاحقة العمل لحساب الناتو، أو دولة أوربية، أو الـ"cia"، أو إذا كان أجنبيًا فيعرض عليه مباشرة العمل لصالح الموساد، وأنه فى حالة الموافقة يتم التوقيع على عقد لفترة، وبأجر محدد، وبذلك يكون الهدف قد دخل فى دائرة الابتزاز التى تُسفر حتمًا عن التجنيد.

صفات المستهدفين للتجنيد فى الموساد

ويشرح الدكتور الأنصارى الصفات التى تحرض أجهزة المخابرات الإسرائيلية فى شخصية من يستهدفون تجنيده، وعلى رأسها أن يكون طموحًا، وغير مكترث، ولا يساوره الشك، ولا يتأثر بضميره، وأن يتصف بالثبات وبوضوح الرؤية عند تعرضه للمخاطر، ويكون قادرًا على اتخاذ القرارات الصحيحة فى هذه الظروف، وأن يكون لديه الرغبة والقدرة على إطاعة الأوامر بدون نقاش.

ضرب المفاعل العراقى والشبهة حول الرئيس السادات

طلب رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين لقاء الرئيس أنور السادات، ووافق الأخير على أن يعقد اللقاء فى شرم الشيخ، فى 4 يونيو 1981م، واصطحب بيجين الرئيس السادات فى جولة فى سيناء بطائرة مروحية، فى حين عقد الوفد الذى كان يصاحب السادات، اجتماعًا مع الوفد المصاحب لمناحم بيجين، اجتماعًا فى فندق "مارينا" برئاسة وزيرى الخارجية، واستعرض الاجتماع مسيرة التطبيع، وما تحقق منها والصعاب التى تواجهها، ويقول الدكتور الأنصارى فى الكتاب، أنه كان على رأس المطالب الإسرائيلية كانت تتعلق بالسياحة، والتأشيرات، والطيران المدنى، والبحث عن الجثث الإسرائيلية وغيرها الكثير.

ثم يستطرد الدكتور الأنصارى السرد فى كتابه، فيقول "فى 7 يونيو، أى بعد اللقاء بثلاثة أيام فقط، قامت إسرائيل بمفاجأة العالم حين قصفت المفاعل النووى العراقى ودمرته بالكامل".

وهنا يشير إلى أن مقابلة السادات لبيجين، قبل ضرب المفاعل النووى، بأيام قليلة، أخذت تثير التساؤلات مثل "هل أطلعه بيجين على نية ضرب المفاعل أم لا؟" وأن ذلك أساء إلى مركز الرئيس السادات فى العالم الإسلامى بدون مبرر، وتسبب له فى حرج بالغ فى مصر والعالم العربى، برغم أن الأجهزة المعنية أكدت أن لم يكن يعرف شيئًا.

تفاصيل تدمير المفاعل النووى العراقى

يسرد الدكتور رفعت الأنصارى بعض التفاصيل التى استطاع أن يتوصل لها عن حقيقة تدمير المفاعل النووى، عن طريق تعرفه على عدد من الشخصيات الإسرائيلية فى مقهى "إكسودس" بتل أبيب، من هذه الشخصيات، طيار برتبة رائد، عرف أنه شارك مع فى تدمير المفاعل النووى، ويصفه فيقول عنه أنه كان يشرب الكحوليات بشراهة، حتى يكون غير مسيطر على تصرفاته وأحاديثه.

ويشرح السفير كيف استطاع التقرب منه بأن أهداه زجاجتين من الويسكى الفاخر، وتبادل معه بعض الأحاديث التى جعلت ذلك الطيار يثق به، حتى أنه بعد ثلاثة أيام من ذلك اللقاء، اتصل به وأخبره أنه يريد زجاجة ويسكى أخرى، فرحب الأنصارى به، ودعاه إلى غرفته بالفندق المقيم فيه، فحضر وجلس يشرب الويسكى، وبدأ يتحدث بغضب وحزن قائلاً، "إنه كان من أربعة عشر طيارًا قادوا طائرات من طراز "إف 15"، التى شاركت فى غارة تدمير المفاعل النووى العراقى".

ويستطرد الطيار حديثه بأنه لم يكن أمام بيجين غير الخيار العسكرى، وكيف أن القوات الجوية قامت ببناء نموذج للمفاعل بالحجم الطبيعى من خلال ما هو متاح من المعلومات، وكيف أنهم بدأوا فى التدريب بالطائرات على تدمير النموذج، وأنه تم وضع الخطة بشكل محكم، وكذلك خطط بديلة فى حالة الفشل.

وهنا يشرح كيف قاموا بالعملية بالضبط فيقول "فمنا بالتنفيذ فى التاسعة من صباح اليوم المحدد 7 يونيو 1981م، بخط سير منخفض فوق الأرض إلى الأردن، ومنه إلى العراق، وتم التنفيذ بدقة وسهولة، ولم نواجه مقاومة حقيقية من جانب المدفعية العراقية، كما لم يطلق علينا صاروخ واحد، وفى أقل من خمس عشرة دقيقة كانت جميع الطائرات قد أفرغت حمولتها، وتم تدمير الموقع بالكامل، وعدنا جميعًا سالمين".

وأخبره الطيار الإسرائيلى كذلك، بأن شيمون بيريز طل من بيجين عدم تنفيذ الهجوم، خشية رد الفعل الدولى، وتحسبًا من أن نجاح العملية يعد دعاية انتخابية كبيرة لليكود، وهو على أبواب الانتخابات، وقد حدث بالفعل.

مناحم بيجين يعتذر للسادات عن ضرب المفاعل النووى العراقى

التقى الرئيس السادات بمناحم بيجين مرة أخرى يوم 25 أغسطس 1981م، وكان هو آخر لقاء تم بينهما، على ما يذكر الأنصارى فى كتابه، وكان اجتماعًا مغلقًا أوضح السادات بعده أن بيجين قدم اعتذاره له بشأن ضرب المفاعل النووى العراقى، وقد قرر الرئيس السادات وبيجين عقد لجنة التطبيع خلال 48 ساعة فى إسرائيل، للتفاوض بشأن الموضوعات العالقة.

امتلاك موشى ديان لآثار فرعونية فى بيته

فى حفل كبير استقبله بيت السفير المصرى سعد مرتضى، جلس الدكتور رفعت أنصارى، يحاول جذب انتباه وزير الدفاع الإسرائيلى موشى ديان، وكان يعرف أن الآثار تستهويه، فبدأ حديثًا جذابًا عنها، لفت انتباه موشى ديان، الذى أخبره بأنه ينقب بنفسه مع علماء الآثار فى مواقع غير معروفة للبحث عن الآثار، وهنا حاول السفير الأنصارى جره إلى نقطة أخرى فسأله إذا كان يمتلك آثارًا عثر عليها فى سيناء خلال الفترة من 1967م، وحتى 1973م، لكن موشى ديان نفى ذلك بشكل قاطع، إلا أن كذب حديثه أكتشف حين مات بعد ذلك اللقاء بشهر ونصف، وقامت زوجته ببيع مجموعة من الآثار والتحف المصرية إلى أحد المتاحف العالمية، ومن بينها تابوت لمومياء فرعونية.

إشاعة وجود خريطة توضح حدود إسرائيل من النيل للفرات

فى نفس اللقاء أراد الدكتور رفعت الأنصارى جر موشى ديان لأحاديث أخرى، فسأله عن حقيقة وجود خريطة فى الكنيست توضح حدود إسرائيل من النيل إلى الفرات، وهى ما يطلق عليها اسم "إسرائيل الكبرى" فأخبره ديان أن هذه مجرد اشاعه، ودعاه إلى زيارة الكنيست حتى يتأكد بنفسه عدم وجودها، ويقول الدكتور الأنصارى، أن موشى ديان فى هذه المرة لم يكن كاذبًا.

أجهزة تصنت فى شقة السفير الأنصارى

جاء وفد مصرى إلى السفير، مهمته عمل مسح شامل لسكنه، ومكتبه، للكشف عن أجهزة التصنت والعمل على نزعها، وحضروا إلى شقته بطريقة محاطة بعدم إثار الشك، وقاموا بفحص الشقة فى مدة استمرت ثلاثة ساعات، وأكدوا له بعدها وجود عدة أجهزة للتصنت، وسلموه ورقة صغيرة كانت عبارة عن رسم كروكى لشقته موضح فيها أماكن أجهزة التصنت، لكن لم ينزعوها من مكانها لعدم اثارة الشكوك، وقالوا له بجدية "عليك أن تأخذ حذرك فى الحديث وأنت بالقرب من هذه الأماكن، وكذلك عندما تكون فى سيارتك أو من خلال الحديث فى الهاتف".

رسائل تهديد بقتله

يشير الدكتور رفعت الأنصارى، أنه وجد داخل مقبض سيارته فى يوم ما ورقة مطوية عدة مرات، وعندما فتحها وجد بها كمًا كبيرًا من الشتائم البذيئة لمصر والمصريين، مكتوبة بخط اليد وبعربية ركيكة.

لكنه لم يولى الأمر اهتمامًا، وفى خلال أسبوعين تلقى خمس رسائل جديدة من نفس النوع، حتى تطورت وأصبحت تهديدًا صريحًا بقتله، وعندها قام بإبلاغ الشرطة الإسرائيلية للتحقيق فى الأمر، وطلب منه الضابط الاحتفاظ بهذه الأوراق، وأنه سيقوم بعمل تحقيقات موسعة حول الأمر، لكنه الضابط ذهب ولم يره السفير ثانيةً.

المحاولة الأول لاغتياله

كان من الواضح أن تواجد الدكتور رفعت الأنصارى فى تل أبيب واستمراره فى عمله يمثل عنصر استفزاز، وتوتر لأجهزة الأمن الإسرائيلية، لذلك اتخذ أسلوب التعامل معه، أسلوبًا أكثر تطورًا، من خلال تحذيره بالترهيب، وصولاً لمحاوله اغتياله.

ويذكر السفير الأنصارى، أن أولى المحاولات بدأت فى 25 مارس، فيقول أنه فى أثناء سيره لعبور الشارع باتجاه منزله، لمح سيارة "بيجو" سوداء بها أربعة أفراد تغلب على أوصافهم السمة الرسمية، وكانت السيارة تأتى مسرعة باتجاهه، وكادت تصدمه لولا أنه قفز على رصيف الشارع، فطلعت السيارة فوق الرصيف، لكنها تجاوزته بسنتيمترات وهو يقفز للمرة الثانية فوق سور صغير يحيط بالمبنى الذذى يسكن فيه".

محاولات أخرى لاغتياله

المحاولة الثانية بدأت حينما استيقط من نومه ليلًا بسبب شعوره بالاختناق، فوجد بخار مياه كثيف فى الغرفة، وعندما فتح الإضاءة وجد كمية كبيرة من المياة تقترب درجتها من الغليان تغمر الأرض، فنزل وتحرك إلى الحمام بسرعة فاكتشف أن ماسورة المياة الساخنة كُسرت بفعل فاعل، بطريحة واضحة، فأسرع السفير واتصل بالسفارة، فأرسلت له طقم حراسة من 14 جندى من قوات الصاعقة.

لم تتأخر المحاولة الثالثة لاغتياله كثيرًا، إذ حدثت وهو فى طريق العودة إلى منزله، وبمجرد أن فتح باب شقته، شعر برائحة قوية نفاذة، أدرك على الفور أنها رائحة غاز، فترك الباب مفتوحًا، وعاد سريعًا إلى السفارة، وحضر معه ثانية طاثم من حراس الأمن، وجدوا أن ماسورة الغاز كانت محطمة تمامًا، لكنهم استطاعوا السيطرة على الأمر.

تبرئة زميلته رونا ريتشى من تهمة التجسس لصالح مصر

فى جانب آخر من الكتاب يحاول الدكتور رفت الأنصارى، تبرئة ساحة زميلته الدبلوماسية البريطانية "رونا ريتشى" التى عملت كسكرتير أول للسفارة البريطانية بإسرائيل، فى أثناء فترة عمله بتل أبيب، واتهمت ظلمًا بالتجسس لصالح مصر، وألقى القبض عليها وقدمت للمحاكمة فى بريطانيا، واضطرت للاستقالة من الخارجية البريطانية، وواجهت حكمًا بالحبس، وانتهى عملها كدبلوماسية لامعة، ويقول السفير فى كتابه "أعتقد أنه حان الوقت لإثبات براءتها واستعادة كرامتها، ومحو وصمة العار التى لحقتت بها من جراء ذلك".










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

د.محمد عبد الفتاح

دكتور/ اذا دعتك اوهامك لكتاب ((( كاذب )))

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة