طارق الخولى

ليس بـ«الولولة» نصنع البديل

الأحد، 01 نوفمبر 2015 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هم ما يتجاوز نصف أهل المحروسة، فهم طليعة ثورتى 25 يناير و30 يونيو، الذين ابتكروا وصنعوا البدع، وهو ما فشل فيه أسلافهم فلم يستسلموا للحياة التقليدية الرتيبة، بل ابتكروا وسائل تعبير جديدة، حاولوا من خلالها تغيير الواقع المرير، ومنح الأمل فى مستقبل أفضل، لكن لماذا تعثروا فى الطريق؟
كان فى مطلع الأسباب أن الشباب قد انقسموا على أنفسهم، فى أعقاب الثورة، فقد تعرضوا لأكبر عمليات الاستقطاب والسطو الفكرى بين أطراف لا تريد سوى تحقيق مخططاتهم، مستغلين النقاء الثورى للشباب، لينزلق البعض إلى بوتقة جماعات العزة بالإثم، ويخضع آخرون لمغريات غربية مسمومة، لنوصم كجيل بعار قلة انحرفت، فسرنا جميعاً ندفع ثمن ذنب لم نرتكبه، حتى رغم مقاومتنا ودرئنا لكل أشكال المغريات والاستقطاب الذى خضعوا له، حيث تم استخدامهم فيما يضر الوطن، ولا ينفع أهله، فضلاً عن افتقار جيلنا للحد الأدنى من الخبث والدهاء السياسى، وهو ما انعكس على إعلان الكثير من الشباب بعد الثورة بشكل واضح عن مقاطعتهم لكل أشكال المشاركة السياسية، وبالتالى انصراف المواطنين عنهم، وانعزالهم فكرياً عن المجتمع، فلم يملئوا الفراغ الذى خوى مرحباً بآخرين، سلبوه بمنتهى اليسر، فالثورات تولد أفكاراً دائماً ما تكون فضفاضة وحالمة، وغير قابلة للتحقيق والتطبيق إلا من خلال كيانات سياسية معبرة عن موجات التغيير الاجتماعى والسياسى، بعيداً عن أطراف الاستقطاب من المتعصبين فكرياً، وهو ما لم نصنعه أو نحققه، وإن حاول البعض.
فالشباب، إلا القليل منهم، قد امتنع وعزف عن المشاركة الحزبية حتى عن الأحزاب، التى نشأت بعد الثورة، لأنهم لم يجدوا أنفسهم فيها، فلم تكن قوية بالقدر الكافى، أو حتى معبرة عن تطلعاتهم، ليجدوها تعانى ضعفاً، ومشاكل داخلية عديدة أبرزها «الشللية»، وسطوة المال السياسى، وهى من أبرز العوامل التى أضعفت الدور السياسى للشباب، إلا أن بعد ثورة 30 يونيو بات كثير من الشباب مقبلا على المشاركة فى الحياة السياسية وبقوة، لاقتناعهم تمام الاقتناع أنها السبيل الوحيد للتغيير والتعبير عن أحلامهم، ولعل خير دليل على ذلك هو انضمام آلاف الشباب للمشروع الذى دعى إليه الرئيس لتأهيل الشباب للقيادة، إلا أن عزوف الشباب عن التصويت فى العملية الانتخابية يبين حيرته وحالة التيه ما بين الرغبة فى المشاركة فى الحياة السياسة بشكل عام، والأجواء التى تصاحب هذه العملية من افتقار القنوات الطبيعية- أى الأحزاب- لعوامل جذب الشباب، وهو ما يستدعى تواجد حوار مجتمعى حقيقى لتذليل كل العقبات أمام الشباب.
ورغم كل هذه العقبات والتحديات يبزغ بصيص أمل، فمن ضمن من أعُلن عن فوزهم فى المرحلة الأولى للعملية الانتخابية، كان هناك العديد من الوجوه الشابة، التى تخوض التجربة البرلمانية للمرة الأولى، ليطرحوا أنفسهم كبداية لصناعة بديل لأحزاب الشيخوخة وساسة المعاشات.. ورغم قلة عددهم فإن العبرة بالكيف وليس الكم، فعشرة أعضاء فقط من النواب الشباب بالبرلمان، إن كان لديهم الرؤية الواضحة والبرامج المحددة والأداء المتميز، فهم قادرون على إحداث فارق وصناعة تجربة ناجحة، ومن ثم وضع حجر الأساس فى صناعة البديل الحقيقى، بعيداً عن شباب «الولولة» دعاة الإحباط، فالسلبية والمقاطعة سهلة ويسيرة، أما أن تتمتع بروح المقاتل، فتصنع بنبل تجربة فى مواجهة تثبيط الهمم من بعض العجائز، دونما الدخول فى أى صراع بين الأجيال، وإنما بإحلال ناعم يعد من خلاله الشباب نفسه على أكمل وجه، مكتسباً ومستوعباً خبرات الكبار، ممتزجة برؤيته الخاصة كجيل فى صناعة مستقبله. فى النهاية «التجارب لا تمنح وإنما تنتزع»، فكما كان الشباب هم الطليعة الثورية، بات لزاماً أن يكونوا فى الطليعة الوطنية فى إصلاح وإعادة بناء الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فـ«مصر هتتقدم بشبابها».








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة