وائل السمرى يكتب: نوبل تعيد الاعتبار للصحافة.. المؤسسة العالمية منحت "صحفية" جائزتها لاهتماماتها الإنسانية وكأنها تقول لأبطال السعار التحريضى فى إعلامنا: اتقوا الله فيما تكتبون تنالوا أضعاف ما تتمنون

الخميس، 08 أكتوبر 2015 07:10 م
وائل السمرى يكتب: نوبل تعيد الاعتبار للصحافة.. المؤسسة العالمية منحت "صحفية" جائزتها لاهتماماتها الإنسانية وكأنها تقول لأبطال السعار التحريضى فى إعلامنا: اتقوا الله فيما تكتبون تنالوا أضعاف ما تتمنون البلاروسية سفيتلانا أليكسيفيتش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت مفاجأة كبيرة لمتابعى الجائزة الأهم، فقد فازت البلاروسية سفيتلانا أليكسيفيتش بجازة نوبل فى الآداب وهى مجرد "صحفية" لا تملك تاريخا إبداعيا كبيرا مثل أدباء ماركيز، ولم تبهر أجيال الأدباء والمبدعين مثل "محفوظ، ولم تؤثر فى تاريخ آداب إقليمها مثل "همنجواى" ولم تقدم حركة أدبية عالمية جديدة مثل "ألبير كامو" ولم تؤسس لوعى عالمى جديد مثل جان بول سارتر، فازت بها المرأة المجهولة "أدبيا" فقط لأنها أجرت حوارات صحفية مع مجهولين مثلها، رأت من خلال أعينهم ويلات الحروب وسجلت آهات الوجع، ورسمت المعاناة الإنسانية التى اكتست بلون الدم، فصارت اليوم أشهر إنسانة على وجه الأرض تتابعها الكاميرات، وتتجه إلى صورها العيون، ويتلهف القراء إلى مطالعة أعمالها المنتقاة.

هى صحفية ولا غير، دافعت عن كلماتها ووقفت أمام الطغاة ونالت ما نالت من النفى والكبت والقهر فلم تلن عزيمتها، سمعت بقلبها ضجيج مدافع الحرب العالمية الثانية من خلال شهادات العجائز، ورأت الحروب المشتعلة فى إقليمها فى عيون أطفال بلدتها، وحفظت فى داخلها روح الأم واندفاع الطفل، فصارت من أعلى الكتاب مبيعا فى 19 بلدة، وباعت ملايين الكتب التى تصنف باعتبارها "شهادات ميدانية" وليست "أعمالا أدبية، لتؤسس بفوزها مبدأ جديدًا يؤكد أن الأدب لا يقتصر على الشعر والقصة والمسرح والنظريات الكبرى، وإنما تتسع حدود الأدب لتشمل كل ما هو إنسانى وكل ما هو حقيقى وكل ما هو عالمى.

"لو كان لنا أن ننظر إلى الوراء حيث يقبع التاريخ سنجد أن التاريخ ليس إلا قبرا جماعيا ضخما وحماما من الدم الساخن، بل هو محادثة دائمة بين الجلادين الضحايا" هكذا تقول الأديبة الصحفية العالمية " سفيتلانا أليكسيفيتش" فى أحد كتبها، ملخصة بتلك المقولة المفعمة بالألم رؤيتها للتاريخ والحاضر والمستقبل، قبور تمشى فوق قبور، بحيرات من دم تصب فى بحيرات من دم، وأن ما بين خيارين حتميين، إما أن تكون "ضحية" أو أن تكون "جلاد"، كلمات الأجراس، تدق فوق رؤوس الطغاة وتلجم الشر الكامن فى الأنفس، نسأل أنفسنا: يا إلهنا أليس من طريق آخر؟ أليس من مصير آخر؟.

يا صحفيى العالم، ويا صحفيى مصر، هذه بنت مهنتكم، لم تكتب رواية، ولم تبتكر قريحتها مدرسة شعرية أو مسرحية جديدة، ولم تصنع نظرية ثقافية أو نقدية، فقط أحبت مهنتها فحسب وأخلصت إليها ولم تتوان لحظة عن الفناء فى محبتها، فصارت اليوم أديبة سامقة، يتلهف العالم على قراءة أعمالها، وينظر إليها الجميع بعين الإجلال والاحترام، كما ينظر إليها الأدباء بعين الغيرة والحسد، صحفية واحدة، غيرت من الصورة الذهنية للصحفيين ووضعتهم فى مصاف صانعى الوعى الراقى، وليس صانعى الفتنة والحرب والفضائح، آمنت برسالتها بأن كل شىء فى الدنيا فان، إلا الإنسان، فنالت أرفع التكريمات وأهم الجوائز، موجهة بهذا الفوز رسالة إلى أبطال السعار التحريضى فى إعلامنا أن اتقوا الله فيما تكتبون، تنالوا أضعاف ما تتمنون.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

المواطن مصري

مين نوبل ؟؟؟

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة