مى عزت تكتب: عندما يحل الظلام

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015 06:06 م
مى عزت تكتب: عندما يحل الظلام عندما يصبح الخلود للنوم عملاً شاقًا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتزاحم أفكار بعقلى كأمواج البحر الهائجة فى ليالى الشتاء، امسكت القلم لأدونها، لكنهم ذهبوا كطفولتى لم أعد أذكر منها شيئًا، فذاكرتى لم يعد يتبقى بها إلا ما أحزننى فى الماضي، ولا أعرف لما لا أنساه.

بالساعات اتقلب على فراشى، لا أستطيع النوم سريعًا رغم إنى مرهقة، لكن عقلى لا يكف عن التفكير، وكأنه يعافر ليستغل كل دقيقة من حياتى، ابكى على مواقف مرت، وأشخاص ذهبوا، حياة قد ولت لا أعرف ماذا ببكائى فاعلاً؟!، فلن يعود الزمن للوراء.

حاضرى لا يخرج عن كونه روتينيًا، إذا حاولت تجديد لحظاته اسهرتنى ساعات إضافية، يومى فارغ فلما لا أفكر فى النهار؟! لكنى أتحدث معظمه مع ذاتى الأخرى التى أشاهدها فى المرآة، والباقى أحاول جاهدة فك طلاسم محادثة ابنى الصغير، واستغرق وقتًا إضافيا للإطاحة بكسلى للنزول للشارع المجاور الذى أصبحت أحفظ محلاته.

أوجاع فى عظامى متفرقة تجعلنى أفكر ألف مرة قبل النزول، ومكالمة والدتى الصباحية التى تجعل من مسافة السبعين كيلو مترًا لا شيء، وترينى أيها كأنها أمامى، تعطينى تقريرًا مفصلاً عما يدور هناك حتى لا أشعر بالغربة.

ابحث عن أصدقائى بعد الساعة السادسة حتى ينتهوا من أعمالهم، لكن دائمًا ما يقف نفاد رصيدى حائلاً أمام محادثاتهم وآخرين تفترت علاقاتنا ولم أحاول حتى الآن استعادتها، طعامًا فقد لذته ليس لسوئه بل لتكراره، وأعمالاً منزلية تقضى فى أيام لإحساسى الدائم بالتعب.

نوبات حزنًا وصمتًا وبكاءً مفاجئ بدون سبب لمجرد أن يومى يمر بدون حدث جديد، إلا من حركة جديدة لطفلى، ساعات أقضيها فى غرفة مظلمة لينام تشعرنى بوحدة، ومشادات بيننا تصل لحد الصراخ لكن عند ذهابه إلى النوم أعيد صور هاتفى لآراه واسترجع أحداث يومه وأنهى هذا المشهد الدرامى بدمعة واعتذار لموقف صدر منى تجاهه فاذهب لفراشه لأعانقه.

أتمنى لنفسى يوميًا نومًا هادئًا لا أرهق بعده ولا أستيقظ بأوجاع ظهرى، نومًا مبكرًا لا يتعدى كل يوم الخامسة فجرًا، وغطا فى النوم لمجرد دخولى للفراش. إنها لأيام مكررة أحداثها، ولكن رغم هذا فأنا لست كئيبة كما تظنون، فهناك أيام ألعب وأضحك وأغنى بصوت عالٍ، فحياتنا جميعًا لا تسير على وتيرة واحدة، ولكنى أسعى لأزيح إرهاقى جانبًا وأمضى فى حياتى وأسعد فيما تبقى منها.
من قال إن بقص شعيراتك أو صباغتها أو تغيير ربطة الحجاب أو أو ستستعيدين نفسيتك، ستشعورين بتحسن شكلى لكن ما بداخلك ما زال كما هو، والدليل أنك بعد فترة ستشعرين بالضيق مرة أخرى، تغيير النفس هو المطلوب أعزائى.

كنت قبل خمس سنوات استيقظت باكرًا مسرعة للحاق بقطار القاهرة ذهابًا وإيابًا، وبدون طلب إجازات من العمل، ولكن ماذا حدث؟ هل عظامى تحاول أن ترتاح؟ وسيستعيد جسدى عافيته بعد إجازته المطولة؟

أنى أترك سريرى لألبى نداء طفلى، وبعدها أحاول العودة للنوم لكنى استغرق ساعة أخرى متأملة فى السقف متساءلة ماذا سيحدث غدًا؟. منذ عامين فى عيد ميلادى اقترحت إحدى صديقاتى أن أدون ما أتمناه فى ورق وصدمت عندما دونت خمسين أمنية ولم أحقق منها غير حصولى على خاتم من الفضة.

عامان مرا سريعًا لم أشعر بهم إلا عندما أخذت أدون ما أتمناه مرة أخرى على ورق راجية نفسى ألا يمر عامان آخران بدون فعل شىء سوا مشاهدة فيلم فى السينما أو تناول البيتزا فى أحد المطاعم.

عزيزتى ربة المنزل التى حالها يتشابه فى تفاصيله معى، مرحلة نمر بها جميعًا تأكدى دائمًا أنك لست وحدك، وليس هذا تعازيًا لكى ولا عذرًا سنختلقه للتمسك بما نحن فيه، لكن انفضى الغبار من عليكى حتى لا تتحولى لسيارة قديمة الطراز لا تصلح أن تسير فى عالمنا السريع، انقذى نفسك بنفسك، لا تنتظرى المساعدة من أحد فأصدقائك لن ينتشلوا روحك من بئر التعاسة المحكم لأن بكل بساطة مفاتيحه معك أنت، لا تنتظري أن تأتى السعادة إليك مهرولة فإنها ليست بشخص يسير على أربع أرجل، لا تبحثى عن كيف تسعدى الآخرين ادخرى مجهودك لإسعاد نفسك أولا فهذا لا يعتبر أنانية منك لأنكِ اذا لم تكونى سعيدة وقتها ستقدمين لهم أيها على طبق من النفاق مرصعًا بابتسامة مزيفة، ابحثى فى المرآة عن ذاتك الأخرى السعيدة، قد تجدى النشوة فى قراءة رواية أو اغنية بقت فترة بعيدًا عن مسامعك أو فكرة أرادت أن تتطاير لتسكن أوراقًا لتصبح كلمات رقيقة لقصة أو شعرا لكنها وجدت الورق مملوء بمتطلبات السوبر ماركت، أو ستجدينها فى طعامًا معدًا بطريقة تجعلك تلتهمين أصابعك ورائه كما يقولون.

قبل أنا أحدثكم فإنى أحدث نفسى، لا أريد أن أضيع عامين آخرين بجوار أمنيات مصيرها دفتر فى درج مهمل، فأعمارنا لا نعرف هل تبقى فيها الكثير أم القليل، لا أقول أن التغيير النفسى سيهل عليكى الان فانا مازلت اتغير منذ ثلاثة سنوات، احاول واتعثر، لكن تعثراتى اصابت قدمى بشدة فاصبحت ازحف للسعادة ببطء، ولكنى احاول جاهدة الوقوف والسير بخطى منتظمة، فدعونا نترك الماضى بكل ما فيه ولنلون حاضرنا بالسعادة حتى ياتى مستقبلنا مشرقا وليحل ظلاما هادئا.


موضوعات متعلقة..
- مى عزت تكتب: تعددت الأحلام

- مى عزت تكتب.. كلمة م الآخر








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة