حــســــن زايـــــــــد يكتب: الجهاز الإدارى.. من هنا يبدأ الإصلاح

الخميس، 29 يناير 2015 04:03 م
حــســــن زايـــــــــد يكتب: الجهاز الإدارى.. من هنا يبدأ الإصلاح ثورة - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يظن البعض جهلًا، أو سذاجة، أو عدم دراية، بأن الثورة طالما أنها قد اندلعت فى بلد ما، فلابد أن تجرف فى طريقها، الجهاز الإدارى للدولة، باعتباره الجهاز الفاسد، الذى أفضى أداؤه إلى تراكم العلل والدواعى، التى وقفت وراء اندلاع الثورة، ففساد النظام من فساد جهازه الإدارى، وفساد الجهاز الإدارى من فساد النظام، وطالما قامت الثورة على النظام، فلابد أن تجرف فى طريقها جهازه الإدارى، لأن هذا الجهاز هو الأداة المنفذة لسياسات النظام، وبقاءه مع ذهاب النظام يفرغ الثورة من مضمونها، لأنه سيعوق النظام الثورى عن بلوغ الثورة مداها.

والعلة وراء قولى بجهل، أو بسذاجة، أو بعدم دراية من يقول بذلك، هى أن الجهاز الإدارى للدولة يتمثل فى أشخاص، وأفكار ومفاهيم، فإن أزاحت الثورة الأشخاص بأفكارهم ومفاهيمهم، فقد جرفت الدولة بكاملها، وأصبح مصطلح الدولة يسبح فى الفراغ، وهذا خطر داهم يتهدد الدولة والمجتمع معًا.. وليس هناك عاقل يقول بذلك، لأن الثورة تكون على نظام حكم، وليس كيان دولة، وهيكل مجتمع.. فإن قيل فلنذهب بهؤلاء، ونستبدلهم بغيرهم، نقول بأننا بذلك نكون قد استبدلنا فاسدًا بجاهل، والجاهل أشد خطرًا وفسادًا من الفاسد العالم والقول بإزاحة الأشخاص دون الأفكار والمفاهيم مطلب عبثى لأن الأشخاص هم الوعاء الطبيعى للأفكار والمفاهيم.. بخلاف أن الأفكار والمفاهيم ذاتها فاسدة سواء كانت داخل الوعاء البشرى أو خارجه.. وربما يقال إنه من الأجدى الإطاحة برؤوس الفساد فى كل هيئة ومؤسسة ومصلحة وجهاز، حتى ولو وصل الأمر إلى المستوى الثانى فى القيادة، مع الإبقاء على الكوادر الشابة، وتصعيدها إلى المستويات القيادية، وبالتالى يتم التغلب على فكرة الفراغ، التى ستخلقها الإزاحة الكاملة للجهاز.

ولمن يقول بذلك نقول إن الهيكل التنظيمى للجهاز الإدارى للدولة، هو فى الأساس يقوم على المركزية الإدارية، والمركزية الإدارية تعنى ربط الأطراف بالمركز، رباط التابع بالمتبوع، وهذا الرباط هو رباط الوجود والعدم، أى: يوجدان معًا، وينعدمان معًا.. وقد ورثت الأجيال اللاحقة بكل مستوياتها الإدارية مفاهيم، وقيم، ومعارف، وخبرات الأجيال السابقة، بكل عبلها، وأخطائها، وانحرافاتها، وصوابها.. وتشربت هذا الإرث تشرب المجتمعات للعادات والتقاليد، جيلًا بعد جيل، حيث يصعب التعديل والتغيير والتبديل.. وقد وضعت التشريعات القانونية للعمل فيما بعد ثورة يوليو 1952 م، بما يتوافق ومركزية الدولة المصرية، حيث تبنت الدولة النهج الاشتراكى الذى تقوم فلسفته على الاقتصاد الموجه.. فالتخطيط، والتنظيم، والتوجيه، والتنسيق، والرقابة، يتم على نحو مركزى، دون تفويض صلاحيات، أو اختصاصات، أو سلطات، إلا فى أضيق الحدود.. ويجرى اكتشاف هذا الأمر بسهولة بنظرة عابرة على قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 م، وتعديلاته.


ولعل من أسباب العجز المصاب به الجهاز الإدارى للدولة، أن الجميع يذهب إلى عمله فى الصباح، يجلس فى انتظار التعليمات والقرارات الفوقية، التى تحدد له ماذا يعمل؟.. ومتى يعمل؟ انصياعًا لهذه المركزية.. فإن تجاوز ذلك تعرض للمساءلة القانونية.. بل إن تشريعات العمل تشرعن للفساد حين تقضى بأنه لو صدرت من الرئيس تعليمات بالمخالفة للقوانين واللوائح، فلا يعفى ذلك المرؤوس من المسئولية، إلا إذا نبه رئيسه كتابة إلى تلك المخالفة، فإن أعاد عليه الأمر، نفَّذ، وتقع المسئولية على مصدر الأمر.. فبدلًا من الاحتكام لجهة ثالثة، يجرى التنفيذ فى غفلة من الزمن، ويمر الأمر دون محاسبة الرئيس.. وبذلك يمكننا القول إن الإطاحة برؤوس الأجهزة، حتى ولو وصلت الإطاحة إلى المستوى الثانى من القيادات، لن تحل المشكلة.. فإن كان لا يصح الإطاحة بالجهاز ككل، ولا يصح الإطاحة بالمفاهيم والأفكار دون الأشخاص، ولا يصح الإطاحة بالأشخاص دون المفاهيم والأفكار، ولا يصح الإطاحة ببعض الأشخاص دون البعض، فما هو المخرج من هذا المأزق؟.. وأرى.ـ وقد أكون مخطئًاـ أن المخرج فى تصحيح المفاهيم، فالثورة هى نقطة البداية الصحيحة، للانطلاق فى الاتجاه الصحيح للإصلاح، وليست نقطة النهاية، والثمرات تجنى فى النهاية لا البداية، ومن ثم ليس من المعقول أو المقبول مطالبة حكومات الثورة بثمار الثورة، ولكن يُطلب منها التأسيس لنقاط الانطلاق الصحيحة، التى تصل بنا إلى الثمار.. وأتصور أن نقطة البداية الصحيحة فى إصلاح الجهاز الإدارى للدولة تتمثل فى خطوتين، إحداهما عاجلة، والأخرى آجلة.. أما الخطوة العاجلة فتتمثل فى وضع برنامج تدريبى توعوى، لحمته مادة إدارة الأعمال، وقوانين العمل ولوائحه، يجرى تدريب العاملين عليه، بقصد محو الأمية الوظيفية، مع ربط الترقية من مستوى إلى مستوى باجتياز الدورة المقررة للمستوى الأعلى، حتى نضمن جدية التدرب.. والخطوة الآجلة فتتمثل فى وضع مادة إدارة الأعمال، وقوانين العمل، ضمن المناهج الدراسية للطلاب، بما يتناسب والمرحلة الدراسية، حتى يتسنى القضاء على الأمية الوظيفية فى مهدها لدى جميع العاملين فى الدولة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة