حـسـن زايـد يكتب: من هنا يأتى الخلل

الأربعاء، 28 يناير 2015 04:01 م
حـسـن زايـد يكتب: من هنا يأتى الخلل صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحق فى الصحة، من بين حقوق الإنسان، إذا اعتبرنا أن الصحة تعنى العافية والسلامة، والصِّحَّةُ فى البدن: حالة طبيعية تجرى أفعالُه معها على المجرى الطبيعى، على نحو ما ورد فى معجم المعانى .

وكى يحيا الإنسان حياة طبيعية، خالية من الأمراض فلابد من اقتران الحق فى الصحة ، بالحق فى العلاج ، وجوداً وعدماً . فلا محل للعافية والسلامة دون توافر العلاج، والعلاج هو مداواة الطبيب للمريض . وحال الصحة، وحال المرض لا يستثنى منهما أحد . ولا يفرق المرض حين يأتى بين غنى وفقير، أو رفيع ووضيع ، أو خلوق ورقيع ، أو شيخ ورضيع . فإذا كان المرض لا يفرق بين البشر ، فكيف بالعلاج يفرق بينهم وعلى أى اعتبار ؟ . ألا يكفى أن يكون المريض إنساناً كى تتوفر له الفرصة المتكافئة فى العلاج لهذا الاعتبار وحسب ؟ !. أم أن صحة البشر خاضعة فيما تخضع لقواعد العرض والطلب ؟ .

لا شك أن المنظومة الصحية فى مصر، المنوط بها تقديم الخدمة الطبية للمصريين ، لا تقدم هذه الخدمة على نحو متكافئ ؟ . وهذا يعنى وجود خلل فى هذه المنظومة . والخلل ليس ناتجاً عن عجز فى الإمكانيات ، أو نقص فى المستلزمات ، أو فقر فى الكوادر البشرية ، من طواقم الأطباء ، والتمريض ، والإداريين ، والعمال . فليس من المعقول قبول هذا الادعاء فى مجتمع يعانى من البطالة ، إذا اعتبرنا أن البطالة هى فائض بشرى عن الحاجة . وإنما يستساغ قبول القول بأن وجود نقص أو عجز أو فقر فى الكوادر البشرية فى جانب ، وفوائض بشرية فى جوانب أخرى ، وفائض عن الحاجة المجتمعية فى جانب ثالث ، ناتج عن سوء التوزيع فى المجتمع ابتداءً ، وغياب الرؤية الاستراتيجية فى إدارة الموارد البشرية المتاحة . فإذا عدنا إلى المنظومة الصحية لوجدنا بوناً واسعاً بين الخدمة المقدمة فى المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية المتخصصة ، وتلك المقدمة فى الوحدة الصحية بالقرية ، أو تلك المقدمة فى المستشفيات العامة ، أو مستشفيات التأمين الصحى . هذا البون تجده بداية من مدخل المكان ، وكيفية الاستقبال ، ومستوى الإنجاز فى آداء الجانب المالى والإدارى ، ومستوى الرعاية التمريضية ، ومستوى البنية التحتية المتوافرة من آثاث وأدوات ومستلزمات طبية ، ومستوى الآداء الطبى من الأطباء ، ومدى دقة الفحص والتشخيص ووصف العلاج . فإذا بحثت فى علة وجود هذا البون الشاسع فى المستويات ، فلن تجد سوى البعد المالى ، فهو البعد الحاكم للمنظومة برمتها . فعلى قدر ما فى جيبك ، أو ما فى جعبتك ، يكون علاجك ، وتكون الخدمة الصحية التى تتلقاها ، سواء على نحو مهين أو نحو كريم . ومن هنا يأتى الخلل ، إذ لو أن ما فى الجيوب ، أو الجعاب ، هو ناتج التوزيع العادل للثروة فى المجتمع ، لقلنا أن هذه الفروق فى مستويات الخدمة الطبية ، والحق فى العلاج والصحة هى فروق عادلة . ولكن توزيع الثروة فى المجتمع عدالته معطوبة ، وقد امتد عطبه إلى أبسط حقوق الإنسان ـ مطلق إنسان ـ وهو الحق فى العلاج ، والحق فى الصحة . فهناك فئات عريضة فى المجتمع ، لا تجد قوت اليوم ، والموت مرضاً لديها ، أكثر رحمة ، من الموت جوعاً ، وفئات أخرى ترجئ العلاج لحين ميسرة ، وميسرة لا يأتى رغم طول الانتظار .

وحين يذهبون لتلقى الخدمة العلاجية سواء فى الوحدة الصحية أو المستشفى العام أو فى مستشفيات التأمين الصحى ينطبق عليهم المثل الشعبى الدارج : " داخلها مفقود ، وخارجها مولود " ، وما بين الجملتين مفهوم وواضح . بينما تجد فئات قليلة تتمتع بالخدمة الفندقية فى مستشفيات ومراكز طبية موجودة على أرض مصر . ونحن لا نحسد الناس على ما أتاهم الله من فضله ، ولكننا نطالب بالعدالة فى الحقوق الأساسية ، ومن بينها الحق فى العلاج . لن نقول بهدم المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية ؛ لإذابة الفروق بينها ، وبين الوحدات الصحية والمستشفيات العامة ، ومستشفيات التأمين الصحى ، ولكننا نقول برفع مستوى الأخيرة إلى ما يقارب مستوى الأولى ، لخلق منافسة من نوع ما ، تحد من السعار فى تكلفة العلاج . لابد من الإجابة عن تساؤل منطقى حول علاقة الوحدات الصحية ، والمستشفيات العامة ، والتأمين الصحى ، بالخدمة العلاجية ، قياساً على تلك التى تقدم فى غيرها . وبحث العلاقة الجدلية بين الطبيب ، وعيادته الخاصة ، والمستشفى العام ، والمستشفى الخاص ، والتدريس فى الجامعة . وأثناء البحث لابد أن نضع فى الاعتبار أنه لا محل للاتجار بصحة البشر ، وإن صح الاستثمار فيها باعتبارها مورداً اقتصادياً فاعلاً .











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة