أحمد بان

اليمن لم يعد سعيدًا والحكمة ما عادت يمانية

الثلاثاء، 27 يناير 2015 08:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة، وألين قلوبا، الإيمان يمان والحكمة يمانية" هكذا تحدث رسولنا الكريم عن اليمن وأهلها فأثبت لهم حكمة تجلت عبر العصور، فأنتجت فقهاء وقضاة كانوا أعلاما فى الفقه والقضاء وعلوم الشريعة، وبينما نعتهم الرسول بالحكمة نعتهم الرومان والإغريق بالسعادة، فسموا اليمن بالسعيد، فهل لايزال اليمن سعيدا وما زالت الحكمة يمانية.

تجيبنا التطورات السياسية الأخيرة فى اليمن الحبيب بغير ذلك، البلد الذى ظل طوال العقود السابقة يحكم بتحالف ثلاثى غير مكتوب بين على عبدالله صالح وحزبه وتركيبته القبلية المعقدة من جهة، واللواء محسن بن على الأحمر قائد الجيش، الذى ظل يحتفظ بأهم أسلحة وقوة الجيش بيده من جهة أخرى، ثم الشيخ عبدالله بن على الأحمر شيخ قبيلة حاشد ومؤسس حزب التجمع اليمنى للإصلاح، الذى ضم بشكل أساسى الإخوان المسلمين فى اليمن.

كرست تلك التركيبة التى هى نتاج توازنات إقليمية ودولية، ما بين حرص أمريكا على بقاء على عبدالله صالح، الذى قدم نفسه للأمريكان باعتباره الأقدر على مواجهة تنظيم القاعدة، التى تعاظم نفوذه فى اليمن حتى أصبح فرعه هناك من أكثر الفروع تهديدا لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية، حيث افتتح العمليات التى استهدفت المصالح الأمريكية مع تفجير المدمرة كول فى العام 2000 قبل أحداث الحادى عشر من سبتمبر، بما أكد مركزية هذا الفرع فى كل العمليات، التى استهدفت الغرب ومصالحه عموما، كذلك مثل حكم على عبدالله صالح للسعودية بديلا آمنًا يحول دون صعود الحوثيين المدعومين إيرانيا، الذين ظلوا يحاولون إنتاج صيغة قريبة من صيغة حزب الله رغم اختلاف السياق السياسى والاجتماعى والإقليمى، لم تنجح تلك التركيبة بالمرور بالدولة اليمينية من ربقة التخلف التنموى الذى احتفظ لها بالمركز 164 من ضمن 182 دولة فى مؤشر تقرير الشفافية الدولية لعام 2011، كما أكد حضورها ضمن الدول الفاشلة، حيث احتلت المرتبة 13 فى مقياس الدول الفاشلة، بما انعكس على كافة مناحى الحياة فى دولة ظلت تعانى الفساد وسوء توزيع الدخل والتنمية بين أقاليمها المختلفة، بالذات الجنوب بالشكل الذى خلق أوضاع دفعت اليمينين إلى الثورة، وتصاعدت ضغوط الشباب ولم تفلح كل محاولات صالح الالتفاف على الثورة وساهم فقدانه لورقة القبائل التى اعتمد عليها فى حكمه فى رضوخه بالنهاية للمبادرة الخليجية، التى استهدفت إخراجه بشكل أمن ومبرمج يعيد تسكينه فى اللعبة السياسية من جديد، حيث بقى رئيسا لحزب المؤتمر آمنًا من الملاحقة وتدحرجت الأمور باتجاه انتخاب رئيس انتقالى جديد، هو عبد ربه هادى منصور نائب صالح الرجل، الذى اتهمه بعض خصومه بأنه لم يكن سوى سياسى باهت، ينوب عن صالح فى افتتاح بعض المشروعات.

وللحقيقة الرجل ظلم فى تجربته، حيث يعتقد البعض أنه لم يتسلم من الدولة اليمنية سوى العلم، بينما بقيت كل أوراق الدولة بعيدة عن يده، حيث يبقى القرار السياسى لأى رئيس ترجمة أمينة لقدراته الميدانية على الأرض، ومدى قدرته على تحريك مؤسسات الحكم، التى ظلت فى حالة عبد ربه بعيدة عن سلطته، بفعل الضغوط التى مارستها حركة أنصار الله الحوثيين من جهة، وبفعل أجندة على عبدالله صالح، التى اقتضت الاحتفاظ بولاء قوات الجيش ورقة فى لعبته للعودة للحكم عبر ابنه أحمد، حيث يبدو أنه لم يتخل بعد عن حلمه فى توريثه حكم اليمن، يعزو البعض سقوط هادى لتخليه عن حلفائه من حزب الإصلاح ورضوخه لمطالب الحوثيين، الذين كانت خطتهم تقضى ببقائه حتى يعين نائبا حوثيا يحكمون اليمن من خلاله، أو من خلال مجلس عسكرى فضلوا ألا يكون الصيغة الأولى للحل خوفا ربما من حليفهم على عبدالله صالح، الذى بدا التحالف بينه وبينهم مجرد تحالف تكتيكى أقرب إلى توظيف متبادل يسعى فيه كل طرف لمصالحه الخاصة، بما يعزز فرص الصدام القادم بينهما على غنيمة حكم اليمن، الذى سقط فعليا فى فراغ سلطة وفوضى تبدو ملامحها فى رفض البرلمان لاستقالة هادى حيث لا يريد البرلمان أن يبدو كما لو كان ينتظر تلك الخطوة، بالشكل الذى يجعل مطالب تولى رئيسه رئاسة الدولة بشكل مؤقت وفقا للدستور مطلبا شعبيا لإنقاذ الدولة من الفراغ الدستورى، بما يمهد لصالح أن يكتب مع حزبه السيناريو القادم لليمن، الذى سيحدد فصوله فى تقديرى طبيعة العلاقة بين الحوثيين وصالح من جهة، والقاعدة التى تمثل أجواء الفوضى السياسية أفضل البيئات لصعودها خصوصا مع تقارير تقول إنها سيطرت بالفعل على ثلاث محافظات بجنوب ووسط البلاد.

ويزيد الأمر تعقيدا أحاديث عن وجود داعش فى اليمن، بما يفتح الباب مع تعدد اللاعبين وتنوع وتضارب الأجندات، إلى حرب أهلية مفتوحة بين كل الأطراف، حيث لم يعد مصير اليمن مرتبطا بالساسة، الذين يقرأون الواقع المحلى والإقليمى والدولى ويستدعون تراث الحكمة والتوافق، الذى جعل اليمن يوما سعيدا وحكيما، بل ما يكتب المستقبل ربما سلاح القاعدة والقبائل داخليا، وإيران والسعودية خارجيا فى هذا البلد ذى الأغلبية السنية الشافعية التى تصل إلى سبعين بالمائة لكنها متشظية قبليا وجغرافيا، مقارنة بأقلية زيدية يقال إنها تحولت إلى الجارودية الأقرب إلى ولاية الفقيه فى المذهب الاثنا عشرى، يتعقد الأمر كل ساعة فى اليمن حتى
أن أربعا من محافظات الجنوب أعلنت تشكيل كيان سياسى جديد وتنسيقية لإدارة أمورها، مؤكدة رفضها تلقى أى أوامر أو تعليمات من العاصمة صنعاء. أطلق احتلال الحوثيين لقصر الحكم وإجبار هادى منصور على الاستقالة هو ورئيس حكومته الفوضى من عقالها فى اليمن، وأتصور أن فرص عودته إلى اليمن الذى كنا نعرفه بعيدة، بالشكل الذى قد يجعل عودته سعيدا بعيدة بعدما غادرت الحكمة ولم يبق سوى صوت السلاح.








مشاركة

التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmed

أين أنت يابلال يافضل

لماذا لم نسمع لك صوتا وبلدك الحوثيين إستولوا عليها

عدد الردود 0

بواسطة:

ايناس

اخفق الكاتب في تحليل الوضع في اليمن ، مما يعني عدم درايته بحقائق الامور

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

ومين سعيد فى الزمن الاغبر ده - داعش من الشرق وليبيا من الغرب والحوثيين من الجنوب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة