ناجح إبراهيم

محمد والمسيح.. الحب الخالد

الخميس، 01 يناير 2015 06:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلتقى هذه الأيام ذكرى مولد محمد والمسيح عليهما السلام، ومن قبل التقت أرواحهما وجمعت بينهما النبوة والرسالة، ومحبة الله، وعبوديته وتوحيده سبحانه، والتقاه فى رحلة الإسراء مع النبيين الذين قدموا محمدًا لإمامتهم فى الصلاة، والتقاه كذلك فى المعراج، ووصفه لأصحابه حتى كأنهم يرونه رأى العين.
لقد عاش الرسول وأمته كلها مع عيسى وأمه العذراء مريم وأسرته الكبرى «آل عمران» من خلال سور كثيرة، منها سورة «آل عمران» ثانى أكبر سورة فى القرآن، وتحكى عن صلاحهم وعبادتهم وتبتلهم وصيامهم وقيامهم وزهدهم وعفتهم. وهذه سورة «مريم» الرائعة التى يتغنى بها القراء، ويشرحها المفسرون، مادحة هذه الأسرة الكريمة. إن ما بين محمد والمسيح عليهما السلام من الحب والود والنصرة أكبر من أن يكتب عنه مثلى، أو أى كاتب، ويكفى أن الرسول قال: «أنا أولى الناس بعيسى بن مريم فى الأولى – أى الدنيا - والآخرة».
ويمكننى القول إن محمدًا هو أعظم من تحدث عن المسيح، وأعطاه حقه، والقرآن كذلك، فمن ذا الذى يستطيع أن يرد على القرآن أو الرسول، وقد تشابه الرسولان فى كثير من مضامين الرسالة، ويمكننى اختصارها على النحو التالى:

1 - أرسل الله عيسى ليؤدب بنى إسرائيل الذين قتلوا بعض الأنبياء، وكذبوا بعضهم، وتحايلوا على الشريعة، وأصاب الجفاء قلوبهم ونفوسهم حتى أصبحت كالأرض البور المجدبة.
وأرسل الله محمدًا إلى أمة العرب التى ملأتها العصبية والقبلية والتقاتل وحب الذات، والفخر بالدنيا، وعبادة الأوثان والأصنام من دون الله، وطواف النساء والرجال عرايا حول البيت الحرام يصفقون ويغنون ويصدون عن سبيل الله.

2 - جاء كل منهما يوجه خطابًا دعويًا قويًا وحازمًا ورقيقًا فى الوقت نفسه إلى قومه، فهذا المسيح يصدح فى بنى إسرائيل «قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله– أى القيامة- فتوبوا وآمنوا بالبشرى».

وفى نفس النهج يهتف محمد فى قومه «إن الرائد لا يكذب أهله والله لو كذبت على الناس جميعًا ما كذبتكم.. إنى رسول الله لكم بين يدى عذاب شديد».

3 - وكلاهما دعا إلى العمل، وعدم الاتكال على النسب الصالح، فهذا نبى الله عيسى يهتف فى عصاة بنى إسرائيل الذين يعتقدون أن نسبهم إلى إبراهيم سيشفع لهم دون عمل أو طاعة، «يا أولاد الأفاعى لا تقولوا لنا إبراهيم أبًا، لأنى أقول لكم إن الله قادر على أن يقيم من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم، فكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تقطع وتلقى فى النار»، وكأنه يقول لهم إن انتسابكم لإبراهيم لن يغنى عنكم من الله شيئًا، وإن الدين والهداية ليست بالوراثة، ولكن بالعمل والطاعة. وها هو محمد يصيح فى قومه نفس الصيحة وبنفس المعانى: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِى عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِى مَا شِئْتِ مِنْ مَالِى لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا».

4 - وكلاهما كان يدعو للسلام ويحض عليه، فهذا عيسى يدعو للسلام قائلاً: «طوبى لصانعى السلام»، أما شقيقه محمد فيقول: «أفضل الأعمال بذل السلام للعالم، ويقول آمرًا: «أفشوا السلام بينكم»، ويقول: «« أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ»، أى التى بسببها يسقط الشهداء دفاعًا عن الإسلام والأوطان.

5 - وكلاهما كان يدعو للحب، وهى السلعة الغالية التى إن غابت عن دنيا البشر فإن الدنيا تصبح موحشة قاتمة كئيبة، فالحب هو الرباط الجميل بين القلوب، والذى يجعلها تتكاتف وتتآلف وتتغافر وتتسامح وتتراحم، وبغيابه تغيب كل الفضائل. ويؤسفنى أنه غائب اليوم عن مصرنا، وعن معظم الدول العربية التى ملأتها الكراهية والأحقاد، فهذا المسيح يهتف فى قلوب بنى إسرائيل الصخرية مختصرًا رسالته فى كلمتين «الله محبة»، ويتابعه ويؤيده محمد الذى يصدح بنفس الشعار الرائع «أفضل الأعمال الحب فى الله»، ويذكر من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله «رجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه»، وكان العرب فيهم من الأنفة والجفاء ما يمنع الرجل أن يقول لأخيه «إنى أحبك فى الله» مهما كان حبه إياه، فعلمهم الرسول ذلك، فمن لا يعرف المحبة لن يصل إلى الله، لأن الله هو الحبيب الأعظم، ومن لا يحبه سبحانه لن يحب الناس ولن يحبه الناس، وكل المحاب، مثل محبة الوالدين والزوجة والأولاد والأصدقاء والناس تنبع أساسًا من محبة المحبوب الأعظم، وهو الله، ويعد الأنبياء جميعًا أكثر الخلق حبًا لله وحبًا للناس.

6 - وكلاهما جاء لتزكية النفوس والقلوب، فلن ينفع علم ولا فقه إلا فى قلب تمت تزكيته وتهذيبه وتطهيره حتى لا يستخدم العلم فى المكر والكيد، أو التحايل على تعاليم الشريعة. فهذا عيسى يقول لأصحاب القلوب الخربة رغم امتلاكهم المال والجاه والسلطان بالباطل والظلم والبغى «ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه»، ليطابق قول الله « قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا»، وهذا محمد [ يهتف فى الناس: «دع ما يرييك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة»، ويهتف: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الأمانى».

7 - وهذا عيسى يرحم المذنب والعاصى ويحنو عليه حتى يتخلص من ذنبه وإثمه، فيقول: «أنا ما جئت لأدعو أبرارًا للتوبة بل خطائين»، ويقول: «ما جئت لأهلك أنفس الناس بل لأخلص»، وهذا محمد يفتح باب التوبة لكل العصاة حتى آخر لحظة من حياتهم، ولا يقنطهم من رحمة الله، بل يحكى لأصحابه قصة الذى قتل 99 نفسًا ثم أراد التوبة الصادقة فتاب الله عليه، ويهتف محمد فى المذنبين فى كل العصور: «يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه»، ويشجعهم على ذلك بأنه وهو المعصوم يستغفر الله ويتوب إليه فى اليوم سبعين مرة، وهو كناية عن الكثرة.

8 - وكلاهما دعا إلى الرحمة، فهذا عيسى يدعو إلى الرحمة، فيقول: «طوبى للرحماء فإنهم يرحمون»، ومحمد يردد نفس النداء: «الراحمون يرحمهم الرحمن»، فمن لا يعرف الرحمة فلا خير فيه، ومن لا يعرف الرحمة فلن يعرف الرحمن، ولن يعرفه الرحمن.

9 - وكلاهما يدعو للتواضع، فهذا عيسى يهتف فى موعظة الجبل وهى أعظم مواعظه: «طوبى للمنكسرة قلوبهم»، أما محمد فيدعو: «اللهم أحينى مسكينًا وأمتنى مسكينًا واحشرنى فى زمرة المساكين»، ويحذر الذين يزدرون الفقراء والمساكين والغلابة قائلاً: «ربّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب– أى يرفض الأكابر دخوله عليهم- لو أقسم على الله لأبره»، فهذا الذى ترفض مكاتب ودواوين الكبار والوزراء والمديرين دخوله عليهم لعله أفضل منهم عند الله، ولعله لو أقسم على الله بشىء لحقق الله قسمه لمكانته عند الله.

10 - وكلاهما يرفض تكفير الخلائق، أو إغلاق أبواب الجنة أو التوبة أمامهم، فيصيح عيسى : «ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السموات والأرض قدام الناس فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون»، وهذا يطابق قوله تعالى «قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّى إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً».. إن البعض من ذوى الأفق الضيق لا يدرك مدى سعة رحمة الله بعباده وشفقته عليهم، ولذلك هتف محمد فى الدنيا عبر أبى ذر الذى كرر عليه السؤال ثلاث مرات: «وإن زنى وإن سرق رغم أنف أبى ذر».








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد واحمد وناجح ابراهيم !! ^_^ ^_^

دقاتٌ قلب المرءِ !!........قائلة له ؟؟........ان النصارى اقربهم الينا مودة !!

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

محمد والمسيح احباب الله ونور وهدى لعباده المؤمنين

بدون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة