براء الخطيب

نادين جورديمر ماتت وبقيت «قوم جولا» و«ضيف شرف»

السبت، 09 أغسطس 2014 06:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كل جنوب أفريقيا العنصرية لم يكن أحد يمكن أن يتخيل أن تنحاز الطفلة «البيضاء» الثرية الجميلة وأن تنسلخ من جذورها البيضاء العنصرية التى نمت على أشلاء السود، وولغت كثيرا فى دمائهم، لكن نادين جورديمر فعلتها وانسلخت عن تلك الجذور العنصرية، واصطفت إلى جانب «السود»، مناهضة للتمييز العنصرى، لدرجة أنها كانت من أقرب المقربين إلى حزب المؤتمر الأفريقى بزعامة نيلسون مانديلا، إنها «الكتابة» و«الأدب» و«الإبداع» التى جذبتها بسحرها لهذا الموقف الإنسانى الفريد فى مدينة «جوهانيسبيرج» عاصمة العنصرية الكريهة على ظهر الأرض، حيث عاشت «نادين» مع الأم «فان مايرز» الإنجليزية الأصل والأب «إيزيدور جورديمر» المهاجر من «ليتوانيا» ليعمل فى مناجم الذهب، لكن هاتف الإنسانية فى قلبها منحها طاقة من الإبداع منذ طفولتها، فانجذبت إلى قراءة روائع الأدب العالمى، وبالأخص روايات القرن التاسع عشر الفرنسية والروسية المترجمة إلى الإنجليزية، بالإضافة إلى أعمال الكتاب الإنجليز أمثال «فرجينيا وولف» و«تشارلز ديكنز» والأمريكيين أمثال «هوثورن» و«هيمنجواى» والروسى «تشيخوف» فكتبت «نادين جورديمر» سبع مجموعات قصصية وثمانى روايات منها «قوم جولاى» وضيف شرف وعالم الغرباء، وغيرها، حيث حصلت على جائزة نوبل فى الأدب لتلحق بكاتبات عظام سبقنها فى الحصول على هذه الجائزة العالمية الرفيعة مثل «سلمى لاجرلوف من السويد، وحصلت على نوبل «إعجاباً بالمثالية النبيلة، والخيال الحى والنظرة الروحية التى تميز كتاباتها»، «جراتسيا ديليدا» من إيطاليا لـ«كتاباتها ذات النزعة المثالية التى تصور بوضوح الحياة على الجزيرة التى كانت موطنها الأصلى، والتى تعالج بعمق ووجدانية المشاكل البشرية بشكل عام»، و«يرل بك» من أمريكا لـ«وصفها الثرى والملحمى لحياة الفلاحين فى الصين، ولكتاباتها المميزة فى مجال سير الأشخاص» و«جبريالا ميسترال» من تشيلى لـ«شعرها الغنائى، الذى تلهمه العواطف القوية.
وحين عصفت الانشقاقات الحزبية والعنف بهذا البلد بسبب تحريف المثل الثورية، وجد «جيمس براى» نفسه مجبراً مرة أخرى على الاختيار والانحياز إلى أحد أطراف السلطة المتصارعة، الأمر الذى يكلفه حياته، وفى رواية «قوم جولاى» تبنى «نادين» روايتها على عدة رئيسية، فهى تحكى قصة «بام ومورين» الزوجين ذوى الأصول الأوروبية وأولادهما الثلاثة «فيكتور، رويس، وجينا» الذين يجبرون على الهرب من بيتهم فى «جوهانسبيرج» عند اندلاع ثورة السود فى جنوب أفريقيا، الشيئان الوحيدان اللذان يحتفظون بهما ويكفلان تفوقهم على خادمهم الأسود هما السيارة والبندقية، وفى سياق الرواية يتم تجريدهم من هذين الامتيازين، وتصبح «مورين» مجبرة على الاعتراف بأن أيام تفوق البيض قد ولت. فى نهاية الرواية تترك «مورين القرية» وزوجها وأولادها، فالماضى، كما يبدو، كان وهما، وقد نالت الكاتبة على هذه الرواية جائزة نوبل للآداب لعام 1991 وكانت قبلها فى سنة 1974 قد حصلت على جائزة «البوكر» العالمية، كانت أكثر الأدباء التصاقا بحياة السود أثناء عهد «الأبارتايد» البغيض، وقالت ذات مرة قولتها الشهيرة: «بعد سنوات أدركت أننى لو كنت سوداء، لما أصبحت كاتبة، لأن المكتبات التى كنت أتردد عليها كانت محظورة عليهم»، رحلت «نادين جوردمير» كما قالت أسرتها فى بيانها لوسائل الإعلام: «كانت تهتم بعمق بجنوب أفريقيا وبحضارتها وشعبها وصراعها المستمر لتحقيق ديمقراطيتها الجديدة»، رحلت، لكن بقيت روحها فى ضمير البشرية خالدة فى رواياتها التى فضحت وأدانت كل العنصريين البغيضين فى العالم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة