مونيكا ناجى تكتب: العدالة السماوية

الخميس، 28 أغسطس 2014 06:13 م
مونيكا ناجى تكتب: العدالة السماوية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على ضوء الشموع كانت تنتظره جالسة على طاولة العشاء وقد أعدت العديد من الأصناف التى يحبها آملة أن يصفى تجاهها بعد الشجار الذى دار بينهما صباحا.

ارتدت القميص الأسود الشفاف الذى يحبه عليها فقد أخبرها مسبقا أنها عندما ترتديه تكون أشبه بحورية الأحلام التى أتت لتحقق أحلامه وتصير بين يديه.

وقد رفعت شعرها قليلا بشريطة سوداء منقطة بالأبيض من الستان وقد أسدلت منه عددا قليلا من الخصلات لتبرز رقبتها المتوسطة الطول وتبرز ظهر القميص الأسود المفتوح حتى أسفل ظهرها.

ظلت جالسة على تلك الطاولة بالساعات متلهفة دخوله من الباب حتى تركض نحوه وتخبره أنها تحبه جدا ولا تقوى على الغضب منه، جلست كثيرا لكنها لم تنظر للساعة قط فقد كانت سارحة فى مشهد من مخيلتها لرد فعله الرومانسى عندما يرى كل ما فعلته من أجله وأنه سوف يعتصرها بين أضلعه رافعا إياها عن الأرض خاطفا أنفاسها بين شفتيه.

ظلت تحلم وتحلم لكنه لم يأت حتى أغرق النوم جفونها واستسلمت له.

نامت فى دنيا الوهم غير غاضبة منه، لم تكن تعلم أنه فى تلك اللحظة يعتصر امرأة أخرى ارتمت فى حضنه واستسلمت له بعد منازعات طويلة مع الحب والشهوة، وأنه عندما تشاجر معها فى الصباح لم تكن مشاجرة محبة إنما مشاجرة دنيئة لأنه سأم منها ولأنه يبحث عن حضن امرأة جديدة تسحبه من روتين حياته الزوجية وإحساسه بالنضج والمسئولية لتنعش لديه الرغبة من جديد والإحساس بالمغامرة والشباب الذى شعر لوهلة أنه قد فقده.

فى الوقت الذى غفت فيه مطمئنة لحبه لها، كان هو يخونها فى ذلك الوقت.

دعته "إلهام"- المرأة الأخرى - للعشاء فى منزلها على ضوء الشموع, كانت قد ارتدت فستانا قصيرا كعادتها لكن هذه المرة كان الفستان أقصر قليلا عن المعتاد, كان براقا بلونه القرمزى وذو صدر مفتوح يبرز القليل من جسدها الذى كان بلون الشامبانيا.

أعدت له هى الأخرى كل ما طاب من المأكولات البحرية التى كان كلما أكل منها أكثر زادت سخونة جسده واحمرار وجهه وتصببه للعرق.

عندما انتهيا من الأكل اغتسل هو أولا وكانت "إلهام" واقفة بجانبه ممسكة له بالمنشفة, لم يستطع أن يمنع نفسه من أن يحتضنها حاولت منعه فى البداية لكنها كانت مستنفذة القوى وكان هو مصر جدا فاستسلمت له أما هو فحملها إلى الغرفة إلى غابته الخاصة التى يعرف قوانينها جيدا وكيف ينقض على فريسته وإخضاعها له.

لم تكن تلك المرة الأولى لَه لكنها كانت بالتأكيد المرة الأولى لها.. نعم لقد أفقدها عذريتها باسم الحب.. واستسلمت له هى بدافع العشق..

كانت ليلة حمراء استعاد فيها "حسين" شبابه بكل قوته وامتع "إلهام" إلى حد الجنون, فقد كانت تعشقه وتتمناه لكنها كانت تتمنع عنه حتى لا تقع فى الخطيئة لكنها لم تستطيع المقاومة أكثر من ذلك. قضى الليل كله فى حضنها وفى الصباح ذهب إلى العمل مباشرة وعندما عاد إلى المنزل ظهرا قابلته "سهى" -زوجته- بالعناق وقبلات الخد لكنه كان باردا إلى حد الاستفزاز , لم تستفز لكنها صدمت فلم يبتسم لها حتى وبالطبع لم يدرى بم حضرته لأجله فى المساء عندما لم يأت. ظنت "سهى" أنه أتى متأخرا ونام ثم استيقظ وذهب إلى عمله قبل أن تستفيق, لم تدرى بخيانته ولم تلحظ عليه شيئا.

ظل "حسين" و"إلهام" يتقابلان سرا كل ليلة بعد العمل وتجمعهما شقة العشق والشهوة التى تسكن فيها "إلهام", وفى يوم عندما كانت "إلهام" فى حضنه سألته إن كان ينوى الزواج بها فى القريب! تعجب جدا لسؤالها وكأنها صفعته على وجهه ليفيق من وهم المغامرة والشهوة لتعيده إلى أرض الواقع وحقيقة أن كل علاقة تكلل بالزواج - الذى من وجهة نظره يخنق المرء ويهلك الشباب - انتفض من السرير مدعيا انه على ميعاد هام مع أحد أصدقائه ليهرب من ذاك السؤال.

لم يستطيع أن يشرح لها وجهة نظره تلك لأنه بمنتهى البساطة لم يخبرها أنه متزوج وأنه وجد فى زواجه سجنا يخنق شبابه ورغباته وأنه لا يريد تكرار تلك التجربة لأنه لا يريد أن يخسر سحر العلاقة التى بينهما ويفقدها رونقها.

ظل "حسين" يعامل زوجته وكأنها مدبرة منزل تغسل وتطبخ وتنظف وفقط, لا يشعر بها ولا يقربها وكأنها إنسان آلى ليس لديها أى مشاعر.

وفى اليوم الثالث من شهر أغسطس كان "حسين" على ميعاد مع "إلهام" وكانت "سهى" فى طريقها من منزل والدتها عائدة إلى المنزل فرأت زوجها عند طرف الشارع الذى يسكنون فيه, شيء بداخلها دفعها إلى ملاحقته..

وصل "حسين" إلى كافيه مشبوه فكل من فيه يتبادلون الأحضان والقبلات وأحيانا بعض اللمسات علانية, بدأ الشك يتسرب إلى نفسها لكنها لم ترد التصديق حتى دخل وقابل "إلهام" وصافح شفتيها بقبلة حارة من شفتيه بينما تتحرك يديه على كامل جسدها وتسند يديها هى على أسفل ظهره!!
صعقت "سهى" من المشهد الذى رأته حتى انها شعرت وكأن لسانها أصيب بالشلل وأن ما رأته لا يمكن أن يكون حقيقيا!!

انتظرت "سهى" خارج الكافيه لساعتين كاملتين حتى خرجا من الكافيه محتضنين بعضهم ويتبادلان القبلات الحارة, خرجت من سيارتها ووقفت بجانبهما وهما يتبادلان القبلات وهى تنظر لهما بغضب شديد, وعندما أفاقا من التقبيل ونظرا بجانبهما وجداها متسمرة فى مكانها مذهولة وغاضبة فى آن واحد. استعجبت "إلهام" من موقفها فلم تكن تعلم آنذاك من هى, ظنت انها امرأة مجهولة غريبة الأطوار اما "حيسن" فصدم بشدة فلم يتصور فى يوم من الأيام أن خيانته يمكن أن تكتشف!.

تلجلج لبرهة محاولا اختراع كذبة لكن أى كذبة وقد رأتهما يتلامسان ويتبادلان القبلات, عندما رأته "إلهام" يتلجلج بذلك الشكل سألته عن ماهية تلك المرأة لكنه ظل يتلجلج حتى نطقت "سهى" أخيرا: زوجته, أنا أكون زوجته.

شعرت "إلهام" كأن جبلا من الثلج وقع فوق رأسها!! لم تستطع التفكير فقط ضربت "حسين" على وجهه واعتذرت ل"سهى" ثم رحلت باكية وكل جزء فى جسدها ينتفض. هنا علمت "سهى" أن تلك المرأة لم تقصد خطف زوجها بل هى فى الحقيقة ضحية له ولخداعه.

رحلت عنه بدون كلمة لكنه عرف انه لن يراها بعد الآن, خسر الزوجة المخلصة وخسر العشيقة المتيمة وصار وحيدا, لكنه رفض أن يكون وحيدا فذهب إلى شقة "إلهام" وصار يستسمحها ويتحجج لها بأنه لم يستطيع إخبارها بأنه متزوج حتى لا يخسرها لكنها رفضت الرجوع له, لكنه ظل مصرا حتى أنه حاول معها بالتهديد لكنها ظلت تبكى وتقول له إنه يكفى ما حدث وأنها لا تريده فى حياتها بعد الآن.

أبى "حسين" أن يتقبل فكرة الرفض وتشاجر معها حتى تطاولت يده عليها وضربها ثم خنقها وهو يقول لها إنها لا يمكنها أن تتركه, وفى ثورة غضبه لم يدرك أنها كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة, أفاق فجأة وترك رقبتها فوجدها قد ماتت فنزل هاربا إلى منزله فوجد أن زوجته قد حزمت أمتعتها وتركت المنزل.

ظل حبيس الأربع جدران لمدة 5 أيام حتى عثر البوليس على جثة "إلهام" وتم نشرها فى جميع الجرائد ومحطات التلفزيون. عندما رأت "سهى" وجه تلك الجثة فى التلفاز علمت فى الحال أنها تلك المرأة التى كان يخونها زوجها معها فهى لم تستطيع ان تنسى ذلك المشهد ابدا أو تنسى ملامح تلك المرأة.

فى الحال اتصلت بالنجدة وأخبرتهم بالقصة وأعطتهم عنوان شقة الزوجية, وما إن وصل البوليس إلى هناك حتى وجده جالسا مرتعبا على الأريكة يشاهد محطات الأخبار التى تذيع جريمته طوال اليوم.

ألقت الشرطه القبض على "حسين" وفى المحكمة رأى زوجته لأول مرة منذ ذلك اليوم وعندما انتهت "سهى" من شهادتها ناداها "حسين": أتنتقمين منى! ابتسمت وردت: لست أنا من انتقم منك لكنها العدالة السماوية.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

زينب أسامة

برافووووو

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة