محمد أحمد الصغير على يكتب: سباحة ضد التيار الداعشى

الخميس، 28 أغسطس 2014 04:11 م
محمد أحمد الصغير على يكتب: سباحة ضد التيار الداعشى تنظيم داعش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليست داعش وليدة المصادفات، وإنما هى وليدة التراكمات، ولاعتبارات معينة تجسدت وأينعت وبالاً على رءوس الأشهاد. الشاهد فى ما نقول أن ما أذيع عن داعش وحزبها الموسوم بأيقونات ذات دلالات إسلامية لا يفطن إليها إلا ذوو المخزون الموغل فى القدم من رغبات دفينة فى نزع سيادة الإسلام وتجميده، وتفريغ محتواه الإنسانى ونعته بكل نعوت الطائفية والدموية والقبلية ذات الرائحة النتة! «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ».

لست أدرى عن داعش الكثير فلم التقى ذات مرة برجل داعشى أو امرأة داعشية، ولكن يمكننى أن أرى الكثير من الأفكار الداعشية تموج وتمور حولنا فى ذهنيات أشخاص عديدين يمرون بنا ونراهم يتقلدون أعلى المناصب أو يرتدون أجمل الثياب، ولكن يبقى خطر هؤلاء أقل بكثير من الداعشيين الذين يمسكون السلاح وارتضوا العنف طريقًا لإيصال أفكارهم وتأصيل دعائمها. وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع الأفكار المطروحة، تبقى الحرية الفكرية ضمانة تؤكد على الإيمان الداعم لجوهر الدين، فلا ضمانة أنجع فى تثبيت دعائم وأركان الدين الإسلامى من ضمانة الاختلاف والحرية الفكرية دون هدر دماء أو تكفير يستتبع إحلال دماء الآخرين وأموالهم ونسائهم، فلسنا فى عصر الجاهلية الأولى، فقد انزاحت عنا جاهليات الإنسان ما قبل مجىء الإسلام باعتباره قد ابتدأت معه أولى عصور التنوير العربى.

والذى لا يفهم ولا يريد أن يفهم أن الإسلام كان بمثابة بداية عصر الإنارة والاستنارة للفهم الإنسانى الكونى، فلا حاجة لى بإفهامه، وإنما الذى فهم وغض الطرف عما يحدث هو من أوجه حديثى إليه.
ويحضرنى هنا فيلم الإرهابى الذى جسد دوره الممثل المصرى «عادل إمام» وكتب السيناريو له السيناريست «لينين الرملي»، حيث قام «علي/بطل الفيلم» أداة التنفيذ لأفكار تشبه الأفكار الداعشية، بتنفيذ مخططات الجماعة التى ينتمى لها والتى تحرضه على العنف وأحدثت فى عقله خللاً شديداً بعد أن قامت بفرمته –إذا جاز التعبير- أو غسله بإتقان، وعبئته بالأفكار الداعشية التى تستند فيها على موروث مزدحم ومتراكم لمدونات تراثية متكلسة وتحتاج إلى تنقية وفلترة من جديد. وقد عمدت الجماعة الداعشية على حرمان «علي» من متعة المعرفة وأوصلته إلى حد الهاوية، ولكن يشاء صانع الفيلم وكاتبه أن يحدث نوعًا من الصراع فى داخل العقل الدموى والذى يلمح فيه بادرة أمل أن يتراجع أو يعود أو يفعل ما يطلقون عليه الآن «مراجعات فكرية/عقائدية ومذهبية» ويلتقى على –بطل الفيلم بشخصية المثقف وشخصية الطبيب وأسرة تعيش الحياة بشكل عادى وطبيعى دون إفراط أو تفريط، وبحكم انتمائها الطبقى الذى يحتم عليها التصرف على هذا النحو.

الذى أريد أن أصل إليه، لماذا بدأ على عادل أمام/على (بطل الفيلم) بعض مظاهر التحول عندما خالف أوامر جماعته ممثلة فى أميره (قام بالدور أحمد راتب)، يبدو أن الاحتكاك بالآخر أحدث فى عقله بدايات الصحوة والانعتاق من بوتقة الانغلاق والتحزب والتعبئة بالحقد الأسود ناحية الآخر.

وهذا بالضبط ما يجب أن يتم مقاومة داعش به، فليست مواجهة العنف بالعنف أنجع الحلول وإنما مواجهة العنف الدينى -المؤسس على موروثات تراثية تحتاج إلى إعادة هيكلة ومراجعة- يكون من خلال بذل الطرف المعرض للخطر بما يملكه من أدوات معرفية، أن يقوم بالاحتكاك المباشر مع الأفكار الداعشية ومحاولة رد خطئها.
ولا يفوتنى أن أنوه إلى أن كل فكر يستمد من أى دين أفكار عدوانية ودموية عنيفة ليبرر بها تصرفاته تحت أى لافتة أو شعار هو فكر داعشى بامتياز، فليس الدين السماوى داعيًا إلى القتل والحقد الأسود وإنما سائر الأديان تدعو إلى مكارم الأخلاق وفى ذلك خلاص الإنسان ونجاته من أهوال بنى الإنسان ذاته، فلسنا فى حرب "الجميع ضد الجميع" كما زعم مؤسسى المذاهب الفلسفية والفكرية المادية ولسنا فى عالم يسوده الأقوى أو الأصلح وإنما نحن فى عالم يحكمه الله ويديره ويدبر أمره، ولا شك أن الله سبحانه أراد الخير للإنسان، كل الإنسان باختلاف مذاهبه وتوجهاته، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة