عالم الخادمات السرى.. تحرش وجلد وانتهاكات نفسية .. «داليا» فاتنة الجمال.. أجبرتها الحاجة على مغادرة منزلها.. وأخرى تتعرض لمضايقات أستاذ جامعى.. وجمعيات حقوقية تعد قانونا لحمايتهن وعرضه على مجلس النواب

الأربعاء، 27 أغسطس 2014 11:45 ص
عالم الخادمات السرى.. تحرش وجلد وانتهاكات نفسية .. «داليا» فاتنة الجمال.. أجبرتها الحاجة على مغادرة منزلها.. وأخرى تتعرض لمضايقات أستاذ جامعى.. وجمعيات حقوقية تعد قانونا لحمايتهن وعرضه على مجلس النواب خادمة - صورة أرشيفية
تحقيق سماح عبد الحميد - صفاء عاشور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جمعيات حقوقية تعد قانوناً لحمايتهن وعرضه على مجلس النواب القادم ..وألف عاملة يتضممن للنقابة المستقلة


المشرّع أخرجهن من قانون العمال.. ومصر تتجاهل التوقيع على الاتفاقيات الدولية لحماية حقوقهن


«كل مطالبنا أن نأكل اللقمة بشرف وبالحلال، والمفروض إن الدولة تحمينا».. عبارة ترددها عاملات المنازل، ممن دفعهن ضيق ذات اليد إلى «خدمة الناس».

أعدادهن بالآلاف، حيث لا إحصاء رسميًا عنهن فى مصر، فهن على الهامش، أو بالأحرى خارج كل الهوامش، والدولة لا تكاد تراهن، ومن ثم ليس ثمة قوانين تضمن حقوقهن، ولا تأمينات اجتماعية، ولا آليات تفصل بينهن وبين «السادة» فى حال اندلع خلاف.

ورغم مما تتعرض له هذه الفئة من غزو للخادمات الآسيويات والأفريقيات، واللاتى يتقاضين أجرًا مضاعفًا، وأحيانا يتم تسخير العاملات المصريات لخدمتهن، من قبل صاحبة المنزل فإن هناك عددا من الجمعيات الحقوقية التى تسعى لحماية حقوقهن ومساعدتهن فى تكوين كيانات نقابية، تتمتع بقبول رسمى.
«اليوم السابع» دخلت العالم السرى لعاملات المنازل المصريات، الذى لا يشبه بأى من الأحوال، الصورة الذهنية التى عكستها الدراما والإعلام لهن، فخلف صورة الخادمة اللعوب، والسارقة، والقاتلة، توجد نساء يتعرضن لجميع أنواع الانتهاكات، بدءا من التحرش الجنسى والانتهاك النفسى والبدنى، وانتهاء بالتعذيب، ومحاولة السيطرة عليهن، حتى يظللن خاضعات لصاحب العمل، فى ظل غياب قانون لحمايتهن.

تقول «ن.أ»: أحترف هذه المهنة منذ سنوات طويلة، منذ كان عندى 9 سنوات، وقد ذقت فى هذه المهنة ظروفًا مرة، حيث تعرضت للضرب والحرق.. ونزلت أجرى «حافية» من بيت بعد بيت.. كما تعرضت لمحاولات اغتصاب من قبل أصحاب المنازل».

لا يخلو جسدها من ندب واضحة أبت أن تختفى ربما لتذكرها دائمًا بما تعرضت له من انتهاكات طوال 16 عامًا قضتها فى العمل خادمة بالمنازل، فهنا ضربت ضربًا مبرحًا لعدم رضا صاحبة المنزل عنها، وهنا تم قص شعرها وأصيبت بحروق لأنها لم تنظف المكان كما هو مطلوب منها وغيرها من الاعتداءات التى تعرضت لها «ن.ا» منذ بداية دخولها المهنة «المشؤومة»- كما وصفتها- فى سن التاسعة.

وتبلغ «الخادمة» من العمر حاليا 36 عاما اضطرتها ظروفها بعد موت والدتها ومرض والدها للعمل كخادمة فى المنازل لتوفير احتياجات ثمانية إخوة هى أكبرهم.. وكانت تتعرض للضرب والتعنيف وقص الشعر لكنها لم تكن تستطيع أن تترك أيا من المنازل التى تعمل فيها لأنها «محتاجة القرش» كما قالت.
«جاتلى حالة اكتئاب وكنت بدخل الحمام وأقعد أعيط»، أضافت «ن.أ» باكية وهى تروى ما كانت تتعرض له بسبب عملها خادمة، وأضافت: أنا فى مرة نزلت أجرى من غير شبشب من بيت بعد ما صاحبه كان عايز يعتدى عليا».

ما يؤلم «ن.ا» بشكل أكبر هو أنه لا يمكنها رغم كل ما تتعرض له من انتهاكات أن تحرر محضرا لتسترد حقها حتى إن تعرضت للتحرش أو الاغتصاب، متسائلة: لو دخلت أى قسم شرطة لعمل محضر بتعرضها لاعتداء هل سيصدقها أحد؟!

ورغم أنها مازالت فى سن صغيرة أصيبت بمرضى السكر والضغط بسبب ما تتعرض له، فهى تعتبر أنها لا تعيش حياتها بشكل طبيعى لدرجة أنها تتخوف من أن يعلم خطيبها بأنها عاملة فى المنازل.
وتضيف «إحنا بنخاف نقول إننا شغالين فى البيوت عشان بنتعاير، أنا مقدرش أقول لخطيبى إنى خدامة فى بيت، وعارفة إنى بكدب عليه بس لو قلتله هيسيبنى لأن اتخطبت قبل كدة وسابونى لنفس السبب».
وأشارت إلى أن الخادمات المصريات يعاملن بشكل سيئ مقارنة بأى خادمة آسيوية أو أفريقية، مؤكدة أنهن يتعرضن لتمييز واضح فى المعاملة، رغم أنهن يؤدين نفس العمل.

وترى أنه من الضرورى وضع العاملات فى المنازل تحت مظلة قانون يحميهن وأن يكون لهن معاش وتأمينات إما من خلال ضمهن لقانون العمل أو أن يتم التعامل مع جمعيات معينة تنضم لها جميع العاملات فى المنازل على أن تتولى هذه الجمعيات التواصل مع وزارة القوى العاملة.

وتروى «ص.ج.» نجاتها من التحرش، فى بداية عملها كخادمة حيث توجهت لتنظيف منزل استاذ جامعة، فى الخمسين من عمره، اطمأنت «ص» لمكانة مخدومها، ومرحلته العمرية التى تجعله يقترب من أن يكون فى سن والدها، ووافقت على الذهاب لمنزله فى الحى الراقى لكنها فوجئت بالرجل يحاول التودد إليها، ويراقبها عن قرب أثناء التنظيف، ويلمح لها بإيحاءات جنسية، لا تخفى على أحد.

«ص» شعرت بالخوف، لكن حاجة أسرتها التى لا تنتهى، دفعتها للاستمرار فى التنظيف، والحذر، تقول «ص»: «كنت أحرص على ألا أدير له ظهرى أثناء التنظيف، حتى أكون مستعدة لأى حركة مفاجئة من ناحيته».

استمرت عملية تنظيف المنزل 8 ساعات، لم تخلُ من مضايقات أستاذ الجامعة، الذى كان يقطع مراقبتها له بالحديث فى الموبايل، هامسا: «لسه منشفه رأسها»، وبعد أن أنهت «ص» التنظيف، ذهبت لاستبدال ملابسها، فحاول اقتحام الغرفة عليها ورفض إعطاءها أجرتها عن يوم كامل من الشقاء بسبب مقاومتها.
تقول «ص» خرجت من منزل أستاذ الجامعة أبكى، ولم أعرف إلى من ألجأ؟ وكنا فى موسم أعياد، وأولادى الصغار فى انتظار ملابس العيد والعيدية، لكنى عجزت عن تلبية احتياجاتهم، بعد أن أشعرنى الأستاذ الجامعى بالإهانة، «وساومنى على شرفى مقابل حقى»، أنا مازلت أذكر كلماته المهينة «كفاية عليكى عشرة جنيه عشان تعرفى ترجعى.. ولا انتوا متعودين ع الشحاتة»، رغم أن الأجرة المتفق عليها كانت 70 جنيها.

داليا الجميلة

تناقل عدد من عاملات المنازل قصة «داليا»، الفاتنة التى ظهرت فجأة، واختفت فجأة، وتعرضت للعديد من المشاكل بسبب جمالها الصارخ، وطيبتها الملامسة للسذاجة، واحتياجها، الذى أجبرها على العمل فى المنازل، بعد أن كانت لا تغادر منزلها قط.

تقول إحدى صديقات داليا: الشابة كانت حياتها لا تختلف عن دراما الأفلام، فقد تزوجت تاجر مخدرات ثريا، ورزقت منه بطفلين، وبعد سنوات زج بزوجها فى السجن، وواجهت داليا الفقر والاحتياج لأول مرة، بعد أن انقطعت تجارة زوجها، فاضطرت إلى العمل خادمة.. الوظيفة الوحيدة التى تتيح لها الرزق الحلال، وعدم حصولها على تعليم يناسب أيا من الوظائف الأخرى.

عملت داليا عند إحدى الأسر السعودية المقيمة بالقاهرة، وشعرت سيدة البيت بالغيرة من جمالها فسعت إلى طردها واستجاب الزوج، الذى أشفق على حال داليا، وأعطاها مبلغا مناسبا لتستطيع من خلاله الإنفاق على أولادها حتى تجد عملا آخر.

بعد عناء، وجدت داليا عملا عند إحدى العائلات المصرية، وتكرر الأمر، حيث شعرت سيدة المنزل بالغيرة من مخدومتها، وبدأت تثقلها بالأعمال، حتى تسببت لها فى كسر مضاعف فى قدمها، بعدها اختفت داليا من عالم الخادمات.

نقابة للعاملات بالمنازل

عدد من العاملات فى البيوت قررن خوض التجربة النقابية، وتأسيس أول نقابة مستقلة للعاملات فى البيوت، تقول «صباح» نقيبة العاملات فى المنازل: عدد من جمعيات المجتمع المدنى، تبنت فكرة إنشاء نقابة، وأخضعت عددا منهن للتدريبات، وساعدتنا فى تكوين كيان نقابى، بلغ عدد المشاركات فيه ألف عاملة، وفى طريقه إلى الزيادة، كما تساعدنا تلك الجمعيات فى عمل نقابة فرعية، بعدد من المحافظات، كالإسكندرية وأسوان.

وتابعت صباح : النقابة تأمل فى توفير عدد من الخدمات للعاملات بالمنازل، خاصة الخدمات الصحية، وتوفير معاش بسيط، فى حالة تعرض إحدهن للإعاقة، فالعاملة يجب أن تتمتع بكامل صحتها الجسمانية، وفى حالة تعرضها لأى إصابة، لا يطلبها بيت للعمل، وشاهدت بنفسى خادمات تعرضن للعوز والفقر بعد أن اضطررن لترك الخدمة فى البيوت لأسباب صحية.

وتتابع «الرفاعية» نائب النقيب: الفكرة لاقت ترحيبا كبيرا بين العاملات فى المنازل، اللاتى شعرن أن حقوقهن مهدرة، فى ظل عدم وجو مظلة قانونية لحمايتهن، فضلا عن نظرة المجتمع للخادمة، الذى يضعها دائما فى صورة الجانى، حتى الأعمال الدرامية لا تظهر فيها الخادمة إلا فى صورة السارقة، أو المرأة اللعوب.

وتضيف الرفاعية أن بعض سيدات البيوت يقمن بالتبليغ عن الخادمات ويتهمنهن بالسرقة، للضغط عليهن فى حالة قررت الخادمة ترك العمل وتضطر الخادمة فى هذه الحالة إلى الاستمرار فى العمل، «للنجاة من بهدلة السجن».

مساهمات حقوقية

بعض الجمعيات الحقوقية بدأت تتطوع للإشراف على عمل الخادمات كحل جزئى لما يتعرضن له، جمعية «النشاط النسائى لرعاية الأسرة» إحدى هذه الجمعيات، التى تحاول لعب دور الوسيط بين عاملات المنازل، وسيدات البيوت، حتى تضمن للعاملات حقوقهن المادية، والمعنوية، وبذلك تستطيع العاملة الرجوع إلى الجمعية، فى حالة تعرضها لأى نوع من المضايقات.

هدى عوض، عضو مجلس إدارة الجمعية والمدير التنفيذى لها، قالت إن كل عاملة مسجلة لديها فى الجمعية لها ملف خاص بها يضم «فيش وتشبيه» وصورة من البطاقة الشخصية ورقم الزوج إذا كانت متزوجة للاتصال به وإعلامه بأن زوجته ستعمل تبعا للجمعية كخادمة فى المنازل حتى لا يحدث أى مشكلات.

وأوضحت، أن الجمعية توفر حماية قانونية للخادمات، مشيرة إلى أنهم عقدوا بروتوكولا مع المجموعة المتحدة، إحدى المنظمات الحقوقية، لتوفير محامين للدفاع عن الخادمات فى حالة وقوع أى مشكلات قضائية لهن، وذلك دون تكليف العاملة أى مصاريف إضافية.

وأوضحت أن الجمعية أعدت مشروع قانون لضم العاملات بالمنازل من سنوات طويلة لتقنين وضعهن، ومساعدتهن فى الحماية مما يتعرضن له من انتهاكات، يتقدم لها الكثير من الخادمات للانضمام إلى الجمعية، كاشفة أن حوالى %30 من الخادمات اللائى تقدمن للدخول إلى الجمعية كن يشكين من تعرضهن لانتهاكات واعتداءات أثناء عملهن.

ويضم مشروع الجمعية 120 خادمة، يتم انتقاء المنازل التى يعملن بها، لافتة إلى أنه فى حالة أن تقدمت الخادمة بشكوى ضد المنزل الذى تعمل فيه يتم الرجوع إلى صاحبة المنزل فورا ومناقشتها حتى لا يتم إهدار حقوق الخادمة، مؤكدة أنه فى حالة تكرار الشكاوى من بعض المنازل نقوم بشطبها فورا ولا نرسل لها أى خادمات.

وأشارت إلى أن الجمعية لها سجل فى وزارة التضامن الاجتماعى وهو ما يحفظ حقوق العاملات إلى حد ما، كما أنها ترفض قبول أى فتيات تحت السن للعمل فى هذه المهنة ويشترط أن يكونوا فوق الـ 18 عاما رغم أن المطالبات تكون بشكل أكبر على الفتيات الصغيرات وهو ما يعد غير قانونى كما تقول.
فى السياق نفسه قالت، إن الجمعية تحدد المبلغ الذى تحصل عليه العاملة حسب طبيعة عملها إذا كانت باليومية أو إذا كانت قائمة، وتتأكد من حصولها عليه حتى لا ينتقص صاحب المنزل الذى تعمل فيه منه.
وأوضحت أن المبلغ يصل إلى 70 جنيها للعاملات داخل منطقة شبرا و80 لخارج شبرا و90 جنيها فى حالة الذهاب للأماكن البعيدة فى المدن الجديدة.

فى حين تحصل العاملة بشكل دائم على حوالى 1600 جنيه شهريا وهو مبلغ أقل بكثير من المعروف فى مكاتب التخديم الخاصة على حد قولها التى يصل راتب الخادمة فيها إلى 2000 جنيه.
مشروع قانون

منظمة العمل الدولية أصدرت أحد أهم الاتفاقيات المتعلقة بالعاملات فى المنازل فى عام 2011 وهى الاتفاقية رقم 189 والتوصية رقم 201 بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين.
وتنص الاتفاقية على أن العمال المنزليين الذين يرعون الأسر ويعتنون بالبيوت يجب أن يتمتعوا بنفس حقوق العمل الأساسية المتاحة لبقية العمال: أى ساعات عمل معقولة، وفترة راحة أسبوعية لمدة 24 ساعة متتالية على الأقل، وحدا مفروضا على الدفع العينى، ومعلومات واضحة عن شروط الاستخدام وظروفه، إلى جانب احترام المبادئ والحقوق الأساسية فى العمل بما فى ذلك الحرية النقابية والحق فى المفاوضة الجماعية.

وبموجب القانون الدولى، تتمثل الخطوة التالية بالنسبة للدول الأعضاء فى أن تَعرِض معيارى العمل الجديدين على سلطاتها الوطنية المختصة قصد إنفاذهما أو اتخاذ إجراءات أخرى، بما فيها تصديقهما، ويعنى التصديق قبول الاتفاقية والتوصية كصكين مُلزِمين بموجب القانون ويتطلب الأمر ضمان تطبيقهما من خلال اتساق التشريعات الوطنية وأساليب أخرى.

يقول عبدالمنعم منصور مدير مشروع الحماية القانونية لعاملات المنازل بـ«الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية»، إنه بالرغم من أهمية هذه الاتفاقية فإن مصر لم توقع عليها حتى الآن، لافتا إلى أنه لا يوجد أى قانون مصرى يحمى حقوق العاملات فى المنازل، وهناك إصرار على إخراج هذه الفئة تماما من قانون العمل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

تامر محمود

زمن اللا أخلاق

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة