علاء عبد الهادى

استعادة الهيبة المفقودة للدولة

الأحد، 08 يونيو 2014 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحد التحديات الأساسية التى تواجه الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى هى إظهار هيبة الدولة فى الشارع المصرى، وأحد ملامح عودة هذه الهيبة هو تفكيك دولة البلطجة التى اختطفت الشارع المصرى، وسلمته إلى غير رجعة - حتى الآن - للباعة الجائلين، وتحولت الشوارع والأرصفة إلى أسواق مفتوحة لبيع كل شىء. كنت أظن، وبعض الظن إثم، أن أوروبا والدول المتقدمة لا يوجد بها باعة جائلون، أو لا توجد بها أسواق شعبية، واكتشفت أن اعتقادى كان خاطئا مبنيا على صورة ذهنية لا أساس لها فى الواقع، ففى أكثر الدول الأوروبية تحضرا توجد أسواق شعبية للباعة الجائلين، ولكن كيف تعاملوا هناك مع الظاهرة وطوعوها وأخضعوها للقانون بحيث تحقق الغرض منها ولا تتضرر الدولة.
كل من زار باريس سيكون بالتأكيد قد شاهد الباعة الجائلين وأغلبهم من دول أفريقية وليس لهم إقامة، يفرون بمجرد رؤية الشرطة الفرنسية ببضائعهم التى يحملونها على ظهورهم ويبيعونها للسياح حول برج إيفل، وفى أغلب الدول الأوروبية توجد أسواق الأحد كما يخصص لكل حى شارع يقوم المرور بإغلاقه ويخصصه للسوق ويقوم بتحويل المرور منذ الساعات الأولى للنهار إلى الخامسة مساء، تأتى عربات الباعة الجائلين المجهزة بالثلاجات إذا كان ما سيتم بيعه أشياء مجمدة أو مأكولات مثل الجبن والزبد واللحوم، كذلك الأمر بالنسبة لباعة الخضر والفاكهة، تأتى كل عربة تقف فى مكان مخصص لها وفق اشتراطات مسبقة، وتقف العربات التى تستخدم المياه بجوار منفذ خاص على الصرف الصحى كما تزود العربات بالكهرباء عن طريق وصلات خاصة قانونية، والملاحظ أن «تندات» الباعة الجائلين تكون بنمط واحد وباشتراطات حضارية معينة فلا يجور بائع على مساحة جاره، ولا يسعى إلى التعدى على المكان أو على حق البلدية أو تلويث المكان لأنه مصدر رزقه كما أنه سيعود إليه الأسبوع المقبل، وعلى أطراف السوق يوجد سوق آخر للملابس المستعملة التى تشرف عليها الكنائس لبيعها وتدبير مورد مالى لتمويل النشاط الخيرى والملابس «فرز تانى» أو التى بها عيوب.. وعندما تدق الخامسة مساء تأكد أنك سترى الشارع وقد عاد إلى حالته الأولى من حيث النظافة ومن حيث الانسياب المرورى، لأنك لن تجد بائعا واحدا يصر على البقاء فى مكانه بعد الموعد وينتقل البائع المتجول بعد ذلك إلى سوق حى آخر أو مدينة أخرى فى يوم جديد حسب جدوله واحتياجاته، وبنظرة بسيطة ستجد أن الجميع مستفيد: البائع المتجول، باع بضاعته وربح، والدولة حصلت رسوم الخدمات وحصلت ضرائبها على النشاط، وضمنت أن كل شىء تحت رقابتها وتحديدا رقابتها الصحية على ما يتم بيعه.
هذه ثقافة نحتاج إلى استنساخها فى مصر، يمكن بداية تحديد شارع فى كل حى يقام فيه سوق فى أحد الأيام، شريطة أن يكون الشارع بمواصفات معينة من حيث الاتساع، وتوافر الخدمات من مياه وصرف صحى وكهرباء، ثم يقوم الحى أو مجلس المدينة بتحديد «باكيات» بمسافات ومواصفات معينة مقابل رسوم بسيطة، ويشترط على البائع المتجول إذا أراد أن يستفيد من هذه الباكيات أن يخضع للمواصفات الفنية التى ستضعها الإدارة الهندسية، مقابل رسوم زهيدة. الأسواق الشعبية والباعة الجائلون لن يختفوا من الشارع ما دمنا لم نجد البديل لهؤلاء من أجل كسب أقواتهم بشرف. وبدلا من الاكتفاء بلعنة الباعة الجائلين، وهم بالفعل يستحقون بعد أن حولوا حياتنا إلى جحيم، تعالوا نحل مشكلاتهم بالأفعال وليس بالأقوال والسلام.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة