د. محمد على يوسف

لن يكون سلعة تحتكر

الجمعة، 06 يونيو 2014 08:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المعلوم فى دين الإسلام ذلك النهى عن احتكار السلع التى يحتاجها الناس بغية زيادة سعرها فى الحديث الحسن: "مَنْ احْتَكَرَ حُكْرَةً يُرِيدُ أن يُغْلِى بِها على المسلمينَ؛ فهوَ خَاطِئٌ"، وعلى ما يبدو فإن ذلك الاحتكار لم يعد اليوم، قاصرا على السلع ولكنه صار يمتد ليصل إلى احتكار الفكر والرأى والحقيقة ثم احتكار الدين نفسه للأسف، أناس نصبوا أنفسهم أو نصبهم غيرهم أوصياء على ديننا محتكرين لحقيقته جاعلين من أنفسهم بوابات لا يحق لأحد أن يلج إلى الدين إلا من خلالها، يستوى فى ذلك التسلط والاحتكار أولئك الأضداد ممن عينتهم السلطة أو من معارضيهم بل حتى عوام الناس من البسطاء صار لهم أيضا نصيبا من احتكار فهم الدين والتسلط على المخالف فلا تكاد تجد خطبة يتجرأ الخطيب فيتكلم فى أمر لا يعجب المستمعين إلا ويناله من أذاهم لمجرد أن بعض المستمعين قرروا أن ما قاله ليس هو الدين الذى يعرفون.

عليك فقط أن تأتى على جرح للمؤيد أو للمعارض على سواء ولو بمجرد تلميح ربما لا يكون مقصودا لكن يكفيك جرما أن السادة المحتكرين قرروا فهمه كما يحلو لهم، لماذا تكلمت عن كذا؟
وهل كنت تقصد بإشارتك كذا؟! ولماذا لم تتكلم عن كذا وكذا؟!وكأن الخطيب عليه أن يتحول إلى برنامج ما يطلبه المستمعون فقط ليسلم من إهانتهم وتطاولهم هذا بالنسبة لما يحدث اليوم فى بلادنا من احتكار تسلطى للدين على مستوى عوام الناس فما بالك بخواصهم ونخبتهم؟ !أولئك الذين يتحملون النصيب الأكبر من المسؤولية عن تلك الحالة والتى ترسخ فيها أن من يختلف معهم ليس من الإسلام وأن الإسلام برىء من تشدده أو تفريطه يستوى فى ذلك الخطاب الإقصائى من هم موالون للسلطة ومن هم فى خندق معارضتها ولا يتورعون عن تضييق مفهوم الدين وقصره فى مناهضة الحاكم وحسب حتى صار تعليم الناس الخير أو دعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة فى عرف هؤلاء هروبا أو ضعفا وتخاذلا وحتى لو كان ذلك الداعى ممن لم يسكتوا عن حق أو يتخاذلوا عن مبادئه وقيمه، مجرد أنه لم يتكلم أربع وعشرين ساعة فيما يريدون ويجيدون فإن ذلك يكفى لنبذه ولفظه واحتقار جهده وبذله!
خطاب إقصائى متكبر استحل متبنوه أن يعينوا أنفسهم قضاة يحاكمون الناس على فهمهم هم للدين وبدلا من أن يتواضعوا كما تواضع من هم أفضل منهم فقالوا رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرنا خطأ يحتمل الصواب حكموا على رأيهم بأنه الصواب المطلق ورأى غيرهم هو الخطأ المبين، حينئذ فليمنع هذا الخطيب ولتوقف هذه المجلة وليكتم هذا الصوت لا بنقاش أو معايير علمية تقبل الأخذ والرد والتحسين لكن بتلك العبارة المطلقة الواسعة: هذا ينافى الفكر الوسطى، وهذا ينافى صحيح الدين وعزة الإسلام والسؤال هو: من الذى عينكم لتحددوا الفكر الوسطى؟! من جعلكم كهنة وأوصياء على ديننا وأعطاكم الحق لتحددوا بدون دليل أو نقاش أن هذا ينافى صحيح الدين وهذا يوافقه؟! من منحكم سلطة توزيع الصكوك التى تقرر أنه هذا ليس هو الإسلام، الإسلام هو القرآن والسنة الصحيحة، الإسلام هو سعة وتنوع ورحمة وجدال بالحسنى بل بالتى هى أحسن، أين فى ديننا هذا التسلط والوصاية من هؤلاء وأولئك؟!الإسلام أرحب وأرحم بكثير من ذلك التضييق الرسمى وغير الرسمى، الإسلام دين بلا كهنوت ولا وصاية ولا صكوك ولا احتكار فارفعوا أيديكم عنه وانسوا أن تجعلوه يوما ما.. سلعة تحتكر.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة