رمضان العباسى

أنا الشعب

الإثنين، 05 مايو 2014 09:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الأسبوع الماضى، فوجئ رجل بريطانى متقاعد برسالة من رئيس مدينة بارو بورو البريطانية، تطالبه بإعادة مبلغ لا يزيد عن دولار ونصف إلى خزينة الدولة، حصل عليها المواطن البريطانى بالخطأ قبل 20 عامًا عند استلامه إعانات البطالة، وطالب رئيس مجلس المدينة فى الرسالة بضرورة إعادة المبلغ إلى خزينة الدولة خلال 14 يومًا بشكل منفصل عن الضرائب المستحقة عليه، حسبما ذكرت صحيفة دايلى ميل البريطانية، وإلا سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضده باعتبار ذلك إهدار للمال العام، ولن يسكت البريطانيون عن هذا الهدر.

وفى نفس الأسبوع، أصدر الرئيس المؤقت عدلى منصور، قرارًا بقانون يمنع أى مواطن مصرى من الطعن فى العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين، ويشمل المنع كافة العقود التى يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها من وزارات ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات والمؤسسات العامة، والشركات التى تمتلكها الدولة أو تساهم فيها، وكذلك القرارات أو الإجراءات التى أبرمت من خلالها هذه العقود، وقرارات تخصيص العقارات.

إذا كانت الحكومة البريطانية تطالب شخصا متقاعدا بدولار ونصف، لأنها اكتشفت بعد 20 عامًا خطأ موظف، واعتبرت ذلك إهدار للمال العام، وإذا علم البريطانيون من دافعى الضرائب بذلك لن يتركوا الأمر يمر مرور الكرام، وبالرغم من تفاهة المبلغ إلا أن مجلس المدينة وضع تحصيل هذا المبلغ الزهيد، ضمن أولوياته لان كل سنت من حقوق المواطنين البريطانيين لا يمكن السكوت عنه، أما فى مصر فقد اكتشفت الحكومة أن الشعب قاصر ولم يبلغ سن الرشد، ولا يعرف حقوقه وواجباته.

لذلك قررت أن تكون الحكومة هى ماما وبابا معا تتصرف كيفماء تشاء فى حاضرنا ومستقبلنا وممتلكاتنا، دون أن يحق لنا التدخل أو الاعتراض على قراراتها، باعتبارنا أطفال أو مجانين، وأن الاعتراض على الآباء عيب وحرام، ولا يحق للأبناء القيام به وكأنها تقول للعالم أنا الشعب والحكومة معا.

للأسف تجاهلت الحكومة عودة المليارات من الفاسدين، فى الوقت الذى وضعت فيه الحكومة البريطانية عودة دولار ونصف، ضمن أولوياتها، فلم تعد قضية عودة الأموال المنهوبة وحقوق الشهداء ومعاقبة الفاسدين مدرجة نهائيَا على جدوال أعمال الحكومة وكأنها قضية هامشية لاتسحق الاهتمام، كما رفضت الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير المجيدة تنفيذ أحكام القضاء واستلام الشركات التى حكم القضاء بعودتها إلى المالك الحقيقى وهو الشعب المصرى، وكأنها حكومات المستثمرين والمنتفعين وليست حكومات المصريين.

وبدلاً من معالجة الأخطاء والقضاء على الفساد، قررت الحكومة الحالية أن تواصل السير على درب أسلافها السابقين، ولم تكتف بالبيع والتخصيص على مزاجها كما كانت تفعل الحكومات السابقة، وإنما قررت عدم السماح للمواطنين بالطعن على أى قرار تتخذه سواء كان صحيحا أو خطأ، يحقق منفعة الوطن أو شلة المنتفعين، سواء كان القرار سبوبة للأصدقاء والحبايب أو استثمار حقيقى، وكأنها حكومة من الأنبياء ينزل عليها وحى السماء ولا يحق للمواطن الشكوى أو الاعتراض أو الطعن أمام القضاء على ما تفعله دون أن تدرك أنها بذلك لا تحمى الاستثمار، بل تحمى الفساد بالقانون وتمنع المواطن من الدفاع عن حقوقه وثرواته وممتلكاته، ولا تدرك أن الاستثمار الحقيقى لا ينمو إلا فى شفافية مطلقة كشعاع الشمس المشرقة وإجراءات قانونية واضحة يعرفها الجميع وليس فى ظلمات الليل وكواليس السماسرة والمنتفعين ولصوص الأوطان.

إذا كانت الحكومة تستهدف من هذا القرار تعزيز مناخ الاستثمار وتحفيز النشاط الاقتصادى، وتوفير نظام إجرائى يضمن استقرار تعاقدات الدولة، فلماذا تحمى المستثمرين فقط وتمنحهم حق التقاضى والمطالبة بحقوقهم، وتحرم المالك الحقيقى –الشعب- من هذا الحق إلا إذا كانت نواياها غير خالصة أو قدرتها العقلية عاجزة عن وضع حلول علمية لمشاكل مصر الحقيقية، ولا تريد صداع الرأس، بحجة الإصلاح الاقتصادى الذى تحدث عنه مبارك منذ 30 عاما ولا يشتم منه الناس سوى رائحة الفساد التى أزكمت البلاد والعباد.

لم تكتفِ الحكومة بهذه القرارات، بل أصدرت فى الأسبوع نفسه قرارًا بزيادة أسعار الغاز، وشرعت فى تسخير جيشها الإعلامى فى تهيئة المواطنين، لتلقى المزيد من الصدمات، نتيجة الارتفاع فى أسعار الطاقة وغيرها من المنتجات دون أن تدرك أن الدستور يمنعها من ذلك، وفقًا لنص المادة 124، التى تقول إنه «لا يجوز أن يتضمن قانون الموازنة أى نص يكون من شأنه تحميل المواطنين أعباء جديدة»، ولكن يبدو أن الحكومة تعتبر زيادة الأسعار وفرض الضرائب وعدم المطالبة بعودة الأموال المنهوبة أفراح كثيرة وليست أعباء جديدة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

احييك على هذا المقال الرائع والكلام الموضوعى الموزون بالعقل والحكمه - نامل الاستمرار

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

نريدها مدنيه تنعم بالاستقرار والامن والرخاء - لا فلول ولا عشيره ولا كسر ولاجبيره

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

بناء الثقه والمصداقيه بين الشعب وقواته المسلحه تعد من اهم ركائز استقرار الدوله ونهضتها

بدون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة