علاء عبد الهادى

أزمة مصر الحقيقية.. ثقافية

الجمعة، 23 مايو 2014 11:08 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أزمة مصر الحقيقية ثقافية بالدرجة الأولى، ولكن للأسف جانب أساسى من أزمتها يكمن فيمن يسمون أنفسهم بالنخبة الثقافية، رغم أن القوة الحقيقية التى من المفترض أن تمتلكها مصر، وعن جدارة هى قوتها الثقافية الناعمة، هذه القوة التى جعلت من قائد مثل عبدالناصر عندما يتحدث كانت الأمة العربية تنتظر ما يقول، وكانت كلمته لها اعتبارها فى أفريقيا، وكان المد الثقافى المصرى هو الذى تلين أمامه أعتى القوى، وكان وكان.

أدرك المصرى القديم خطورة القوة الثقافية الناعمة مبكرا، وكان يفتح معابده لاستقبال أبناء حكام الولايات الخاضعة للإمبراطورية المصرية، لكى يتربوا فى حضن مصر، فيضمن بذلك ولاءهم إذا ما كبروا وأصبحوا حكاما، أو انتقلت إليهم مقاليد الأمور، ونظرة بسيطة على أفريقيا ستكشف لك أن فرنسا مازالت صاحبة الكلمة الأعلى والمسموعة فيها بسبب ثقافتها التى زرعتها بمنهجية فى القارة السمراء، فى الفترة الاستعمارية، ومازالت تؤتى أكلها إلى اليوم.

هذه القوة الناعمة التى جعلت اللهجة المصرية العامية مفهومة فى أى بلد عربى، وجعلت من رموز الفن المصرى مكانة لا تضاهيها مكانة حتى لفنانى تلك البلاد العربية، وجعلت لمبعوثى الأزهر مكانة أدبية رفيعة أينما حلوا، وجعلت من بعض الحكام العرب، أمثال الشيخ الدكتور القاسمى، حاكم الشارقة، مهموما بمصر ونهضتها مثله مثل أى مصرى من المصريين لا لشىء إلا لأنه تعلم فى كلية الزراعة بجامعة القاهرة، وتفتحت مداركه على علوم الدنيا وفنونها وثقافاتها وهو يعيش فيها لمدة أربع سنوات طالبا فيها، عاد بعدها إلى بلاده يصنع نهضتها بما تعلمه فى مصر، وبقى قلبه معلقا بها.

الآن مصر بصدد انتخاب رئيس جديد بعد رئيسين أطيح بهما فى أقل من ثلاث سنوات، آخرهما أطيح به بسبب جوهره ثقافى بالذات، كما أن معركة إسقاطه انطلقت من وزارة الثقافة فى الزمالك، ولكن للأسف، وكما قال المفكر الكبير السيد ياسين الرؤية الثقافة فى برامج المرشحين تثير مشكلة عدم الوضوح، كما أنهم لم يضعوا المشكلة الثقافة فى وضعها الصحيح.

وعندما تقرأ ما دار بين المرشح عبدالفتاح السيسى ومجموعة المثقفين الذين اجتمعوا معه، أو مشروع الثقافة وثورة مصر الثقافية الخاص بالمرشح حمدين صباحى ستكتشف عدم الوضوح فى مفهوم الثقافة، فالبعض يعتقد أن الثقافة هى فقط الروايات والشعر والأدب، وهذا تقزيم لا يليق بهذا المفهوم، فالثقافة أعمق وأشمل وأهم من ذلك بكثير.

ظهر الخلل فى الهوية الثقافية المصرية من منصف السبعينيات من القرن الماضى، مع التجريف الذى تعرضت له مصر، وبدأت الثقافة المصرية بمعناها الحقيقى تتراجع أمام ثقافة جديدة آتية من دول الخليج، وثقافة الجماعات الدينية التى تعيش على التحريم لكل ما أحل الله، وتكفر كل أشكال الفنون والإبداع، ووجدت هذه الفئات فى الوضع الاقتصادى الذى يتراجع يوما بعد يوم بيئة خصبة لاستقطاب الذين أدارت لهم الدنيا ظهورها، فليس أقل من أن يهربوا إلى الآخرة أملا فى الجنة.

رئيس مصر عليه أن يعطى الملف الثقافى، بمعناه الأشمل، اهتماما كبيرا، ويدعو إلى مؤتمر ثقافى موسع، يجمع فيه النخبة، على اختلاف الأطياف، ويكون على أجندة هذا المؤتمر سؤال واحد: كيف تعود لمصر قوتها الثقافية الناعمة؟ ويضع المشاركون فى المؤتمر آليات قابلة للتطبيق من خلال جدول زمنى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة