هشام الجخ

يجب أن ننتبه!

الثلاثاء، 15 أبريل 2014 06:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن ما يلزم من الوقت لهدم أى شىء أقصر بكثير من الوقت اللازم لبنائه مرة أخرى.. خاصةً إذا كان هذا الهدم يتم بشكل عشوائى وغير منظم ولا يجهز لإعادة البناء مرة أخرى، هذا - تقريبا - ما حدث عندما ثار الشعب المصرى ضد نظام «مبارك» الفاسد. لقد ثُرنا ضد نظام «مبارك» واستطعنا فى أيام قلائل - أقل بكثير مما كنا نتوقع - أن نسقط نظاما ظل جاثما على صدورنا لسنوات عديدة ومارس خلالها كل فنون الفساد والرشوة والإهمال.. استطعنا أن نتخلص منه بدون تفكير مستقبلى ولا تخطيط للبدائل التى يجب أن تحل محله. لقد سيطر على الشعب فى ثورة يناير 2011 الغضب والسخط والشعور بالتهميش والقمع والظلم فخرجت آهاتهم مدوية وصارخة وباطشة، ولكنها كانت غير مرتبة وغير مدروسة فنجحت فى الهدم بسرعة فائقة ولكنها أخفقت - تماما - فى البناء وإعادة ترتيب المنزل من الداخل. هذا السلوك الثورى طبيعى جدا ويحدث فى كل دول العالم.. عندما يثور الشعب - بدون قائد أو زعيم - تدخل الدولة فى مرحلة من الصراع السياسى والاستقطاب الفكرى ويظهر العديد من الكتل السياسية الطامحة للسلطة التى ترى فى نفسها الجهة الوحيدة القادرة على قيادة الدولة فى المرحلة الحالية. هذه النظرة من قبل الكتل السياسية تخلق نوعاً من التنافس الذى قد يبدأ شريفا ثم يتحول بسرعة إلى صراع واستقطاب وربما إلى اقتتال فى بعض الأحيان، هذا ما مرت به مصر عندما ضجر أهلها من قياداتهم السابقة «فى عصر مبارك» ثم تكرر المشهد بتفاصيل شبه متطابقة «فى عصر مرسى» وهذا ما مرت به معظم بلدان العالم التى ثارت على أنظمتها «فرنسا - إيران - الاتحاد السوفيتى».
المعضلة دائما تكون فى النتائج التى سوف تترتب على هذا اللغط والتخبط السياسى والصراع والأزمات التى تنشأ جراء هذا التخبط. فى المجتمعات الغنية قد تنجح الشعوب والأنظمة المتخبطة بعد الثورة فى عبور المرحلة بسلام بسبب توفر الموارد والإمكانات التى تدفع فاتورة التعطيل والاضطرابات التى تمر بها الدولة.. ولكن فى المجتمعات الفقيرة تظهر الكارثة بشكل جلىّ وبيّن. من ضمن المشكلات التى تمر بها الدول «الثائرة» مشكلة الحفاظ على الأمن فى الشارع والحفاظ على نسيج المجتمع من التفتت والتمزق.. وهذه المشكلة لا تُحل إلا بتوحيد جهة حمل السلاح فى الدولة.. بمعنى.. أن أى جهة تحمل السلاح داخل أرض الدولة لابد أن يتم القضاء عليها تماما أو على الأقل يتم القضاء على رغبتها فى حمل السلاح وهذا يفتح على الدولة معارك تشبه الحرب، وكلما تهاونت الدولة فى هذه المسألة تشجعت جهات أخرى لحمل السلاح وبالطبع سيجدون من يموّلهم بسهولة ويسر حيث إنه لا توجد دولة بدون أعداء وهؤلاء الأعداء لن يجدوا صيدا سهلا ووسيلة أيسر لهدم الدولة أفضل من هذه الجهات الراغبة فى حمل السلاح ضد الدولة حيث سيكون هدم الدولة ذاتيا وبدون إراقة قطرة دم واحدة من قبل العدو.. «يعنى منهم فيهم زى ما بيقولوا»، مصر تواجه الآن هذه المرحلة.. تواجه مرحلة التخبط التى تعقب الثورة.. تواجه الكساد الاقتصادى «الطبيعى» التى مرت به كل الشعوب الثائرة بعد ثورتها.. ولكن الوقفة الواجبة الذى يجب أن ننتبه لها جميعا هى «ماذا بعد؟».. هل ستتحول مصر إلى فرنسا أو إلى إيران وستنطلق بثورتها إلى آفاق مستقبل حقيقى وتطلعات مشرقة؟ أم ستتحول إلى الصومال ورواندى وزائير «الكونغو الديمقراطية» وغيرها من الدول التى ثارت على أنظمتها الباطشة فقبعت لسنوات طويلة تحت وطأة الصراع والتفتت وتدمير الذات؟ نسأل الله أن تمر هذه المرحلة على مصر بردا وسلاما وأن نحقق ما كنا نحلم به عندما خرجنا للشوارع يوم 25 يناير 2011.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة