علاء عبد الهادى

فى رقبة الإخوان

الأحد، 02 فبراير 2014 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد عشرات وربما مئات السنين سيذكر التاريخ أنه فى 24 يناير عام 2014، استيقظ المصريون على خبر تفجير إرهابى خسيس استهدف مديرية أمن القاهرة على يد فئة ضالة استحلت الأرواح باسم الدفاع عن الدين والشرعية، وسقط من سقط من الشهداء، سيقف التاريخ كثيرا أمام الدمار الذى لحق باثنين من أهم المبانى فى قاهرة المعز، هما المتحف الإسلامى، ودار الكتب بباب الخلق.
نحن أمام كارثة ثقافية وحضارية من العيار الثقيل، لا تخص مصر وحدها، ولكنها تخص التراث الإنسانى، فالإرهاب الأسود لم يستهدف البشر فقط، بل استهدف محو تاريخهم وحضارتهم، حتى «الإسلامية» التى يتشدق من ارتكبوا إثم التفجيرات بأن جرائمهم إنما هى دفاع عن الإسلام.
ويعود تاريخ افتتاح المتحف الإسلامى إلى 1903م فى ميدان «باب الخلق».. ويضم المتحف بين أروقته ما يزيد على 100 ألف قطعة أثرية، متنوعة من الفنون الإسلامية من مصر وإيران وإسبانيا وتركيا والعديد من الدول الإسلامية أو التى تأثرت بالفن الإسلامى، مثل الهند والصين ودول شمال أفريقيا والأندلس، ومن أندر ما يضمه المتحف من التحف المعدنية إبريق مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، ويمثل الإبريق آخر ما وصل إليه فن صناعة الزخارف المعدنية فى بداية العصر الإسلامى، ومن المخطوطات النادرة المعروضة بالمتحف ما يعرف بكتاب فوائد الأعشاب للغافقى، ومصحف نادر من العصر المملوكى، وآخر من العصر الأموى مكتوب على رق الغزال، إضافة إلى دينار من الذهب تم سكه فى العام 77 هجرية، وهو بذلك أقدم دينار إسلامى تم العثور عليه إلى الآن.
ننتقل إلى دار الكتب، ففى قصر الأمير مصطفى باشا فاضل فى شارع الصليبة، بمنطقة وسط القاهرة كانت البدايات الأولى لدار الكتب أو «الكتب خانة المصرية»، وقام على باشا مبارك بدعوة وجهاء المصريين والمثقفين للاكتتاب لإنشاء دار للكتب المصرية، كان ذلك فى أواخر القرن التاسع عشر، وبالتحديد فى عام 1870، واستجاب من استجاب، وأهدى بعض أمراء الأسرة العلوية مكتباتهم والتى تحوى النفائس من المخطوطات والمصاحف والعملات والبرديات وبعضها يرجع تاريخها إلى القرن الأول الهجرى إلى دار الكتب بباب الخلق، التى انتقلت إلى مبناها الأثرى الحالى فى العام 1904، أى منذ أكثر من 110 سنوات، وقام فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق بتنفيذ مشروع رائع وفريد حقق المعادلة التى قد تكون مستحيلة، بين الحفاظ على المبنى نفسه كأثر، وبين تطويره وترميمه ومده بأحدث تكنولوجيا العصر وافتتح فى عام 2007.. وفى يوم 24 يناير عام 2014 استهدف مغيبون هذا التاريخ النابض بالتفجير.
كان د. محمد صابر عرب موفقا عندما قال من فوق أنقاض الفتارين المدمرة بأننا سنعيد بناء دار الكتب وسيكون علامة دالة وواضحة على ما يُحدثه الإرهاب فى ثقافتنا ووعينا، ولابد أن نعلم أولادنا بأن روحنا الثقافية السمحة تعرضت لانفجار ليس كبناية ولكن كتاريخ وثقافة وتراكم وعى، ولكى نعرف جزءا يسيرا من الكنوز التى تحتويها دار الكتب، يكفى أن نشير إلى المجموعة الخاصة من الفرمانات والمراسيم، والنسخة الفريدة والوحيدة من المجموعة الفارسية، و140 مصحفا من مجموعة المصاحف المملوكية دخلت ذاكرة العالم باليونسكو.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة