المسرح القومى.. استغرق 6 سنوات لترميمه بتكلفة 104 ملايين جنيه

السبت، 20 ديسمبر 2014 02:13 م
المسرح القومى.. استغرق 6 سنوات لترميمه بتكلفة 104 ملايين جنيه جانب من المسرح
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للمسرح القومى "مسرح وتياترو الأزبكية" بحديقة الأزبكية تاريخ طويل مرتبط بفن المسرح ورواده، إذ كان مكان حديقة الأزبكية فى بداية الأمر بركة الأزبكية تلك البركة منسوبة للأمير أزبك اليوسفى المملوكى، والذى أنشأ قصره على ضفافها وتبعه العديد من الأمراء فى بناء قصورهم الفاخرة، والزاهرة مستمتعين بالمنظر الجذاب للبحيرة وما يحيطها من خضرة.
صالة العرض بالمسرح القومى
صالة العرض بالمسرح القومى

وفى عصر الدولة العثمانية كثرت أماكن عرض خيال الظل على ضفاف البحيرة، وكانت من الأماكن المميزة التى ينشدها المصريون ليلًا وبعدها أنشأ الفرنسيون عام 1799 إدارتهم خارج القاهرة على ضفاف البركة بعد ثورة القاهرة، وتبع ذلك انشاء العديد من المسارح منها مسرح لنابليون انشأه للترفيه عن الجنود الفرنسيين، ولكن تم حرقه وتدميره إبان ثورة القاهرة، وأعاد بناء المسرح الجنرال (مينو) وأطلق عليه مسرح (الجمهورية والفن) وكان موقعه بغيط النوبى قرب مركز البركة، وتمت إزالته وهدمه بعد جلاء الفرنسيين.
جانب آخر من صالة العرض بالمسرح
جانب آخر من صالة العرض بالمسرح

الخديوى إسماعيل وبناء المسرح
وفى عام 1870 أمر الخديوى إسماعيل حاكم مصر بتحويل بركة الأزبكية إلى حديقة على غرار حديقة لوكسمبورج بباريس حتى أنه استورد نفس أنواع وأعداد الأشجار الموجودة بالحديقة الباريسية، وأسند المهمة إلى مسيو لشفيارى مفتش المزارع الخديوية والأميرية، وتم افتتاحها رسميا عام 1872 وكانت على مساحة 18 فدانا، وعلى مقربة من حديقة الأزبكية أنشأ إسماعيل المسرح الكوميدى (مبنى المطافى حالياً) ودار الأوبرا الملكية عام 1869 وأعدها لاستقبال ضيوف قناة السويس كما أنشأ فى الحديقة مسرحا صغيراً. (1870-1919) والذى شغله مسرح يعقوب صنوع رائد المسرح المصرى، وكان بمثابة أول مسرح وطنى، ليقابل ويواجه مسرح الطبقة الاستقراطية كما كان هذا المسرح مقصد الفرق الأوروبية التى تفد على مصر لتقدم عروضها للأجانب المقيمين فى مصر، كما تم به عرض للفانوس السحرى عام 1881 والعديد من العروض المسرحية والسحرية ومر على المسرح المصرى فترة من المسرح الهزلى، وانتشرت فى مسارح عماد الدين، والتى أدت إلى أن يسود هذا التيار واحتلاله رقعة واسعة من مجال المسرح بمصر حتى طغى على المسرح الجاد والغنائى.
	الزخرفة والعمارة فى المسرح القومى
الزخرفة والعمارة فى المسرح القومى

وفى عام 1917 أسست شركة ترقية التمثيل العربى (جوق عبد الله عكاشة وأخوته وشركاهم)، وذلك باتفاق كل من عبد الخالق باشا مدكور وطلعت حرب وزكى وعبد الله عكاشة وأسسوا الشركة المساهمة لتقوم بالإنفاق على فرقة عكاشة وتمويلها وتحميها من التيار الهزلى، فقامت الشركة بتأجير مسرح الأزبكية لمدة 50 عاماً بإيجار سنوى وقدره 12 جنيها بموجب عقد يسمح للفرقة بتجديد بناء المسرح، وتم طرح أسهم الشركة للاكتتاب حتى وصل رأس المال إلى 8000 جنيه لتغطى تكلفة البناء الجديد.

وشيد تياترو حديقة الأزبكية عام 1920 فى نفس موقع تياترو الأزبكية القديم من حديقة الأزبكية جنوب شرق الحديقة وهو الجزء الذى يطل على ميدان العتبة وشارع البوسطة ومنصته ناحية الميدان ومدخله من مركز الحديقة ناحية الشمال الغربى، وقد تم افتتاحه رسميا للجمهور الأول من يناير لعام 1920.
صالة العرض بعد تعرض المسرح للحريق
صالة العرض بعد تعرض المسرح للحريق

تصميم المسرح
قام بتصميم المسرح وتنفيذه المهندس فيروتشى الإيطالى الجنسية، والذى كان يشغل منصب مدير عام المبانى السلطانية فى ذلك الوقت وقد صمم المسرح من الداخل على التصميم المعمارى الذى كان سائدا فى ذلك العصر من ناحية الصالة البيضاوية على هيئة حدوة فرس، وكان تصغيراً لتصميم مسرح الأوبرا الملكية المصرية، وقد تم تصميم العديد من المسارح على غرار هذا المسرح مثل مسرح وسينما محمد على بالإسكندرية عام 1922 ( مسرح سيد درويش)، ومسرح طنطا ومسرح ريتس عام 1923 ومسرح دمنهور 1925 ومسرح الريحانى عام 1926 ومسرح معهد الموسيقى العربية عام 1928، ويرجع فضل اختيار الطراز العربى للتصميم المعمارى للمبنى إلى طلعت حرب والذى أنشأ فى نفس العام بنك مصر على نفس الطراز والزخرفة المعمارية العربية.
المسرح القومى بعد تعرضه للحريق
المسرح القومى بعد تعرضه للحريق

لم ترق فرقة عكاشة للمستوى المرجو منها فى دعم المسرح الجاد فلقت خسائر مادية عالية فلم يقدم زكى عكاشة المهارة الفنية المرجوة، وذلك أدى لتراجع الإقبال على عروض المسرح والذى تم تأجيره فى معظم الأوقات للفرق الأجنبية لتقديم عروضها.
أعمال ترميم المسرح القومى
أعمال ترميم المسرح القومى

فى عام 1934 وعلى أثر تدهور حالة المسرح وقلة الحضور استأجرت شركة مصر للتمثيل والسينما المسرح لتقدم عروضها السينمائية به وسعت لتصفية شركة التمثيل العربى ونقلت حقوق الامتياز لها فى مقابل 35000 جنيه، وتم إعداد الحديقة الأمامية لتكون سينما صيفية وتم تجهيزها بالمعدات الحديثة لذلك.
صالة عرض بالمسرح عقب تعرضه للحريق
صالة عرض بالمسرح عقب تعرضه للحريق

وفى عام 1935 أسست وزارة المعارف الفرقة القومية برئاسة الشاعر خليل مطران وقد سمى المسرح على اسم الفرقة سنة 1958.

وفى بداية تأسيسها اتخذت الفرقة من مسرح دار الأوبرا مكانا لعروضها، وذلك حتى 1941 والتى تم الاتفاق فيه مع شركة مصر للتمثيل والسينما، على أن تقدم الفرقة عروضها على مسرح حديقة الأزبكية، وذلك بعد ضمها لوزارة المعارف والتى كانت تتبعها شركة مصر للتمثيل والسينما فى نفس الوقت.
	المسرح بعد الحريق
المسرح بعد الحريق

ومنذ بداية عهدها وضعت الفرقة القومية أسس المسرح الجاد الهادف والذى تعاقب على قيادتها العديد من عمالقة فن المسرح فى مصر والذين قدموا لنا ليس فقط مسرحيات عالمية، بل ملاحم مصرية لا تقل عن مثيلتها الأوروبية حبكة أو مضمون هادف بناء.

مراحل تطوير المسرح

مر على مبنى المسرح القومى عدد من مراحل التطوير بدأت فى عام 1940 عندما قررت الفرقة القومية أن تشغله، وفيها تم تعديل خشبة المسرح وتغيير الأثاث بالصالة بالكامل وفرش الأرضية بالسجاد وإصلاح المداخل، وبعدها هناك نقطتان هامتان فى مسار حياته المعمارية، الأولى هى التجديدات التى تمت عليه فى سنة 1960 والتى تمت بعد إنشاء مسرح القاهرة للعرائس 1959 وشملتها تعديلات جوهرية فى مبنى المسرح، والثانية فى عام 1983 تمت تجديدات للمسرح والتى وصلتنا صورتها المعمارية حاليا وتلك المرة شملت تجديدات فى شكل المسرح خارجيا وتعديلات داخلية فى المسقط الأفقى.
	مبنى المسرح بعد تعرضه للحريق
مبنى المسرح بعد تعرضه للحريق

حريق المسرح
فى مساء يوم 27 سبتمبر عام 2008 تعرضت خشبة المسرح وصالة العرض لحريق هائل ألحق أضرارا بالغة بجميع عناصر مبنى المسرح وبعد رفع مخلفات الحريق قررت وزارة الثقافة إجراء مشروع ترميم وتطوير متكامل للمسرح القومى، ليعود وبقوة لأداء دورة فى الحياة الفنية وبتجهيزات وإمكانات القرن الحادى والعشرين، وكان أكبر ضرر للحريق على المسرح تأثيره البالغ على جميع العناصر الإنشائية بالمبنى، وتم إسناد أعمال الدراسات والتصميم لمجموعة من الخبراء فى هذا المجال وأجريت الدراسات الفنية، والتحاليل لتحديد مدى سلامة العناصر الإنشائية لمبنى المسرح وتقدير حجم الأضرار الناجمة على العناصر الحاملة للتوصية بالإجراءات الواجب اتباعها لإمكان استخدام المبنى من عدمه.

وقد جاءت الدراسات بناء على التحليل الإنشائى للمبنى ورصد العيوب والمشاكل وقد تبين ثبوت تحرك جميع العناصر من ركائزها أو تصدعها أو فقد اتزانها أو تجاوز تشكيلاتها الدور المسموح به.

وبناء على جميع أنواع الدراسات الهندسية والاختبارات المعملية التى أجريت على الخرسانات القديمة فقد أجمع الاستشاريون على عدم صلاحية كل من قبة المسرح وسقف خشبة المسرح الذى انهار جراء الحريق من الناحية الإنشائية لتفتت وشروخ الخرسانة، وعدم صلاحية حديد التسليح جراء التأثير الشديد للنيران على هذه الخرسانات القديمة ولعدم مطابقتها للكود المصرى الحالى لأعمال الخرسانات.
الصالة الداخلية للمسرح القومى
الصالة الداخلية للمسرح القومى

بدء أعمال الترميم
استغرقت أعمال ترميمه 6 سنوات، وبلغت تكلفة ترميمه حوالى 104 ملايين جنيه، حسب ما ذكر الفنان فتوح أحمد، رئيس البيت الفنى للمسرح، فى تصريحات إعلامية سابقة، إلا أنه سبق البدء فى أعمال ترميم وتطوير المسرح القومى مجموعة من الدراسات والتصورات لأسلوب وفلسفة مشروع التطوير طبقا لاحتياجات تشغيل المسرح وبما لا يتعارض مع كون المبنى القديم مسجلا فى عداد الآثار وتم التوافق عليها من جميع الهيئات ذات الصلة بالمسرح.

وراعى التصميم المقترح العلاقات مع المبنى الأثرى القديم، ومن أهداف المشروع إعادة إحياء مبنى المسرح القومى بعد تعرضه للدمار بعد الحريق، إزالة التعديات التى طالت مبنى المسرح على مدار عقود طويلة وإعادة المبنى لأصله الأثرى، توفير كافة الخدمات للجمهور طبقًا لللمعايير الدولية، توفير التقنيات اللازمة للحفاظ على قيمة المبنى وسلامة الجمهور، تجهيز المسرح بأحدث تقنيات العرض المسرحى العالمية ليواكب تطور العصر، إعادة إحياء عناصر المبنى من زخارف جصية وملونة بعد الحريق.

وشمل مشروع ترميم وتطوير المسرح القومى محاور عدة هى: أعمال الترميم الإنشائى، أعمال الترميم المعمارى، أعمال التجهيزات الفنية للمسرح، توفير الخدمات الأساسية لمبنى المسرح، إعداد متحف لتاريخ ورواد المسرح القومى.

انقسم العمل فى بداية أعمال الترميم الدقيق للمسرح إلى قسمين رئيسيين أولهما أعمال ترميم الزخارف الجصية التى لم تصلها النيران أو أثرت عليها تأثيرا بسيطا يمكن علاجه وترميمه وتقويته، وتمثل هذا النوع فى زخارف قاعة عبد الرحيم الزرقانى بالمدخل، وكذلك أسقف القاعات الملحقة بها حيث تمت مراعاة الحفظ الكامل لتلك الزخارف، وعدم استبدال أو استكمال أى جزء منها وتلخصت الأعمال فى إزالة بقايا السناج (تأثيرات دخان الحريق) وأعمال التنظيف اليدوى، والكيمائى لتلك الزخارف ثم أعمال تقوية وعزل نهائى لها مع إجراء بعض الرتوش اللونية لها لإظهار وحداتها الزخرفية وتمثل أيضا فى سقف قاعات الدور العلوى للمسرح.

وكانت أعمال الترميم والحفاظ على الواجهة الأثرية القديمة والوحيدة الباقية من عصر إنشاء المسرح بمثابة عودة الروح لهذه الواجهة التى عانت كثيرًا من الإهمال وعدم إجراء أى نوع من أنواع الحفظ والصيانة لها، وذلك لموقعها المعزول بعد بناء مسرحى الطليعة والعرائس فى نهاية الخمسينات من القرن الماضى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة