أيمن على حمد يكتب: فن بناء المدارس

الأربعاء، 17 ديسمبر 2014 02:11 ص
أيمن على حمد يكتب: فن بناء المدارس مدرسة - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعد أبنية المدارس بمثابة رحم الأمة التى تحمى أجنتها وتغذيهم بالعلم والأخلاق قبل أن تلدهم شبانا يافعين ينفعون أنفسهم ويرفعون أمتهم، ولا عجب أن يكون فن بناء المدارس من أهم فنون العملية التعليمية، الذى يوفر بيئة مميزة تجعل من التعليم متعة أكثر منه وظيفة، ومن بناء المدرسة فنا جماليا أكثر منه قواعد ومعايير.

ولا يقلل ذلك من أهمية وظيفة التعليم ولا يعنى إهمال المعايير، ولكنه يعنى توازنها لتحقيق الفوائد الممكنة مجتمعة، مع إضافة لمسة من الجمال تسعد القلب ومسحة من السحر تخطف اللب، وهكذا نكسى العلم برداء الفن، فيكون الفن هو حطة الميزان التى ترجح كفة الاختيار.

وليس هذا كلاما منمقا وأفكارا مزركشة، وإنما هى حلول جديدة ولكنها واقعية، وخطط مرنة متغيرة ولكنها جاهزة للتنفيذ، وأهم ما يميزها أنها توازن المعايير فى سلة أولويات مجتمعة تحقق غاية التعليم، حتى لا تصبح المعايير قيودا تضر التعليم أكثر مما تفيده !

ومثال لهذه الأضرار الحاصلة بالفعل أن نلتزم بنموذج ثابت لمدرسة ابتدائية تستوعب نصف تلاميذ قرية كبيرة، ونفرض على النصف الآخر السير عدة كيلو مترات تحت شمس الصيف أو أمطار الشتاء، ليذهب لمدرسة تحقق معيار أن يكون نصيب التلميذ من الفناء (من 2 إلى 4) متر مربع على الأقل، برغم أنه بالإمكان وضع تصميم معمارى مختلف يتناسب مع ظروف الموقع ويحقق هذا المعيار بحلول معمارية مبتكرة مثل استغلال السطح كفناء إضافى، بدلا من إجبار أطفال صغار على التنقل يوميا وتعريضهم للخطر، مما يدفعهم للتسرب من التعليم.

لذلك كان يجب وضع معيار لسهولة وصول الطلاب للمدارس، وترتيب أولويات المعايير فى تصميم خاص بالموقع لتحقيق الفوائد الممكنة.

ومثال آخر فى المدن المزدحمة وفى حالة فعلية لمدرسة إعدادية تجريبية مساحة موقعها (1800) متر مربع فى موقع متميز داخل المدينة تصل تكلفة شراء أرضها إلى (22) مليون جنيه، ويفرض معيار نصيب الطالب فى الفناء أن يكون أكبر عدد لطلابها (900) طالب فقط، بينما يحدد معيار السلم التعليمى أن يكون عدد فصولها (22) فصلا بكثافة تصميمية (40) طالبا/فصل، أما الواقع الفعلى فيفرض قبول أعداد أكبر من الطلاب حتى تصل كثافة الفصل إلى أكثر من (60) طالبا/فصل عند تشغيل المدرسة، ومن المؤكد وجود مئات أخرى من الطلاب بدون فصول قريبة طوال العمر الافتراضى للمدرسة، وهكذا تؤدى المعايير التى اخترناها إلى زيادة كبيرة فى كثافة الفصول، وعدم وجود فصول لمئات الطلاب مستقبلا، بما يضر العملية التعليمية فى النهاية.

أما الضرر الأكبر من هذا المعيار فهو أننا رفعنا تكلفة الفصل من ثمن الأرض إلى (مليون) جنيه للفصل، بينما تصل تكلفة إنشائه إلى (250) ألف جنيه، والغريب أن تمنعنا معاييرنا - التى وضعناها بأنفسنا - من زيادة عدد الفصول لتقليل الكثافة الحالية أو مراعاة الزيادات المستقبلية، وتتسبب فى زيادة التكلفة الإجمالية للفصل الواحد إلى (1.25 مليون جنيه)، بينما يوجد تصميم هندسى يحقق 56 فصلا بدلا من 22 فصلا، ويحافظ على كل المعايير اعتمادًا على فكرة فناء السطح للدورين العلويين بعد تعلية سوره بارتفاع مترين من قطاعات الحديد والخرسانة.

ونستطيع التفصيل فى أمثلة أخرى تؤكد أننا فى حاجة ماسة لإعادة دراسة معايير التصميم لتحقق سهولة التعليم وتوازن بين خصائص المواقع الجغرافية والأعداد المتوقعة للطلاب فى تصميم خاص لكل موقع، وإلغاء التصميمات الجاهزة بحيث نجد حلولا هندسية لظروف كل موقع تحقق كل المعايير، ويتطلب ذلك بالضرورة فكرا هندسيا متميزا لمهندسين تعطى لهم صلاحيات تعديل وتوازن المعايير بما يحقق التصميم المناسب فى المكان المناسب وهذا هو غاية فن بناء المدارس.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة