حسام شاكر

سر عوض الأزهر

الأربعاء، 05 نوفمبر 2014 08:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ذهبت لشراء بعض المتعلقات الشخصية من أحد المحال الشهيرة بوسط البلد، وكان معى صديق منعم بارتداء العمامة، فبادرنى البائع الشاب "حضراتكم فى الأزهر" فأجبته بالإيجاب، فأسرع سائلا: "وكيف تذهب للكلية"، فدهشت من السؤال وقلت "اعمل من بنها"، فرددت سيرا على الأقدام، ويبدو أنه قال فى نفسه "الشيخ داشكله صعيدى"، فقال "ليس هذا ما أعنيه، ولكن أسأل عن المظاهرات"، فأخبرته بأن الأمور تسير على طبيعتها والجامعة مثل غيرها فى نصيبها من المظاهرات، فتعجب البائع وكأنه يقول لى "أنت فاكرنى هندى" فالإعلام ليس له حديث فى المظاهرات سوى عن جامعة الأزهر، فقلت له:" سامح الله الإعلام الذى أربك العقول وأضل الجمهور فى كل الأمور"، لم يسكت البائع وسألنى "هل تمر من أمام المدينة الجامعية بمدينة نصر"، فمررت سريعا فى الإجابة قائلا "بالتأكيد" فسألنى بنبرة- عادل إمام فى فيلم سلام يا صاحبى- "إزاى ياجدع" فالمظاهرات "خاربة الدنيا"، فرددت عليه بنفس النبرة "إزاى ياجدع" فالمدينة لم تسكن حتى الآن، فاقتنع البائع بإجابتى.

لكن تبادر إلى ذهنى أثناء المرور سر كلمة عوض التى تنتشر بعد السكن فى المدينة، فأخذت أبحث عن عوض فلم أجد من يعرف سره حتى من ينادى به، وقتها تذكرت القصة الطريفة لفتاة نشأت فى بلدة محرم فيها ترك ذيول الديوك الرومى أى أن ريشها لابد أن يقطع فبحثت تلك الفتاة عن سر ذلك فلم يجبها أحد ولم تتمكن من ترك ريش ديوكها لأنها تخالف بذلك العادات والتقاليد "هذا ما وجدنا عليه آبائنا" وبعد سنوات من البحث أخبروها بأن سيدة عجوز بلغت من العمر عتيا فى بلدة مجاورة من المحتمل أن تكون لديها الإجابة فذهبت وسألتها فأجابت العجوز لقد اعتدنا على ذلك من صغرنا وليس هناك سبب يا بنيتى إلا أن إناء جدتك كان صغيرا فكانت تضطر لقطع ريش الذيول وصارت عادة يفعلها الناس دون أن يعرفوا سببها.

ظللت أبحث عن سر عوض إلى أن تعرفت على رفاقه الذين أخبرونى بأنه كان يعمل فى المدينة فى التسعينيات وكان مسئولا عن سكينة الكهرباء وكلما كانت تفصل الإنارة ينادى الجميع بأعلى صوته "ارفع السكينة ياعوووض" إلى أن يعود النور إلى الحجرات، ولا أخفيكم سرا أننى سمعت- والحجة على الراوى- أنه قبل ثورة يناير عندما كان يراد القبض على أحد المشكوك بهم أمنيا فى منطقة الحى السادس كانت تفصل الكهرباء فينادى الطلاب مذعورين "ياعوووووووووووووض" ومرت الأيام وخرج عوض من العمل أو من الحياة جسدا وبقى اسما وسرا ينادى به الطلاب لإعلام زملائهم ببدء المظاهرة أو للاستغاثة من أمر مجهول أو لتوضيح شىء غير مفهوم وتخيلت أن عوض عاد وجلس أمام التلفاز وشاهد بعض القنوات التى تعج بها المظاهرات لدرجة تؤكد لك أن الجامعة ليس بها شبر يخلو من الاحتجاجات ثم تحول إلى قنوات أخرى فإذا به يجد الهدوء يسود جنبات الحرم الجامعى تشتت عوض وذهب إلى الجامعة بنفسه فنظر إلى طالبين أشقاء أحدهما يحب المظاهرات ويترقب غياب الأمن ليرفع الشارات والإشارات والآخر يعشق المحاضرات ويتحين الفرصة ليستمع هادىء البال إلى الأستاذ ونظرت إلى عوض- متفحصا لغة جسده- فإذا بى أجده متعجبا من تناقض الأحوال هاتفا بصوت عالى "ياعووووووووووووووووووض".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة