إسراء سيف تكتب: بعد فوات الأوان

الأحد، 23 نوفمبر 2014 02:09 ص
إسراء سيف تكتب: بعد فوات الأوان صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قلبت الصابونة البيت رأساً على عقب لسنواتٍ عديدة. ما يحدث لصابونة الحمام كان أمراً غامضاً يثير التساؤلات، وكذلك الشُبهات!. لا أحد ينكر أن الصابونة كائن رغو مراوغ، ولكن الآثار التى تبدو عليها حقا غريبة، وكان هذا الأمر يثير حنق أبى دائماً مما يجعله فى كل مرة يرى فيها الصابونة يصرخ فينا جميعاً متسائلاً: مين اللى بياكل الصابونة؟!.

كانت تُترك فى مكانها المعتاد (الصبّانة) ولكن على سطحها حُفر ظهر كف!، وتبدو الأصابع غائرة فى الصابونة وكأن من فعل هذا فعله عن عمد! مما يقصر من العمر الافتراضى للصابونة، ويجعل مظهرها غير لائقٍ بالمرة-على حد قول أبى- ويغضبه إلى حد يجعله يتحول إلى كرومبو آخر اليوم ليراقب من يدخل الحمام كثيراً، ومن أكثر من فى البيت يمكن أن يشتبه به!، وبالطبع لا يمكن تواجده مع كل من حاول دخول الحمام مما جعل أمر كشف من يفعل هذا الفعل الشنيع بالصابونة المغلوبة على أمرها مستحيل، ولذلك كنا دائماً أنا وإخوتى عندما يسألنا عمن فعل هذا بها يرمى كل منا الاتهام على الآخر. فى النهاية وبعدما راحت مرحلة الطفولة لحالها، وبعدما فقد أبى الأمل فى معرفة من يفعل هذا بالصابونة، وبعدما اشتبه الجميع فى أخى الأصغر لشقاوته.... اكتشفت أننى أنا من كنت أفعل هذا بالصابونة!.

-بداية اكتشافى لنحت الصابونة!
اكتشفت هذا الأمر حينما لاحظت أننى أصبحت وسواسة نظافة، وفى مرة من المرات وجدت نفسى أستخدم الصابونة استخداماً غريباً جداً، وهو أننى أحك ظهر يدى بها حتى تترك أثراً لكف يدى على سطحها كما لو قصدت نحتها، وهذا لإيمانى بأن هكذا ستصبح يدى أنظف!.

- تغلبت فيما بعد على وساوس النظافة، ولكن استوقفنى كثيراً اكتشافى سر ما كان يحدث للصابونة الذى حير أسرتى لسنوات على يدى!، فكيف لى أن أفعل فعلة ما ولا أدركها مطلقاً! بل أنى كنت مقتنعة تمام الاقتناع بأن من يستغل الصابونة هذا الاستغلال أخى الأصغر! وهل ممكن ألا يدرك المرء حقيقة أفعاله، ودوافعها أحياناً لسنواتٍ طويلة؟

والسؤال هنا كم منا يتعامل مع الآخرين مثلما كنت أتعامل أنا مع الصابونة المسكينة؟! كم من الناس لا يدرك أفعاله تجاه الآخرين إلا بعد فوات الأوان؟ بل كم منا يتوقف مع نفسه من حين إلى حين ليحاسبها ويقف مع نفسه وقفة حيادية إلى أقصى حد يمكن أن يصل إليه ليقوّمها. السؤال الأهم كم منا من كثرة ما تعرض له بحياته من صعوبات وعوائق يرى أن مشكلته أعظم مشكلة بالكون، وأنه الضحية الأعظم فى تاريخ البشرية، وهذا ما يجعله يغفر لنفسه دائماً أفعاله التى يراها هفوات!، فتتسبب فى شروخ بأرواح من حوله.

نعانى جميعاً هذه الفترة من نقص عالٍ جداً فى الاحتياجات بكافة أنواعها، ولذلك نجد زيادة التخبط الواضح فى العلاقات الإنسانية جميعها ، وفى طريق كل منا لسد احتياجاته نجرح شخصاً آخر دون أن نقصد، أو نسبب له ألماً نفسياً ما يغير من طبيعة شخصيته. زادت هذه الظاهرة فى الآونة الأخيرة، فأصبح كثير من الناس فى سباق مع من حولهم فى سد احتياجاتهم بأى شكلٍ كان، ومن لا يرى إلا نفسه يدهس بعربة حياته فى هذا السباق الكثير ممن يحبهم، ويفقد على رأس القائمة نفسه، وصحوة ضميره التى تذبل شيئاً فشيئاً حتى تموت، وهنا يُظلم من يحاول دائماً محاسبة نفسه وعدم إيذاء الآخرين، ومن يحاول الثبات على شخصيته وسط هذا السباق الكبير. الخلاصة يجب أن نقف مع أنفسنا جميعاً وقفة هامة لنعيد حساباتنا ونسأل كم من الأشخاص نتعامل معهم على أنهم صابونة؟!، بل كم ممن حولنا نعطهم أكبر صابونة عرفوها بحياتهم!.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

nadia saber

موضوع رائع وشيق

عدد الردود 0

بواسطة:

Jessyramour

أحلى صابونية قرأت عنها فى حيارى

عدد الردود 0

بواسطة:

Jessyramour

أحلى صابونية قرأت عنها فى حيارى

عدد الردود 0

بواسطة:

إسراء سيف

شكر :)

شكراً أنا سعيدة حقيقي إنه عجبكم :)

عدد الردود 0

بواسطة:

Noura

الصابونه ف حياتي كتير

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة