محمد أبو الفضل محمد يكتب: زينت لهم المنكرات

الجمعة، 21 نوفمبر 2014 08:14 ص
محمد أبو الفضل محمد يكتب: زينت لهم المنكرات ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جاء إلى فى مجلسى الدائم بمقهى الأمل بساحة مولانا الحسين وفى يده كتاب عن نهاية العالم، وبدأ حديثه معى ذلك الشاب اليافع "محمود" والذى أعرفه منذ سنوات عدة ولكنه هذه المرة يبدو غريبا، فهو يرتدى جلبابا أبيض قصيرا وطاقية بيضاء على رأسه وقال: سوف لن يبقى على الأرض أحد لأن القيامة ستقوم حتماً فى نهاية عام 2016م، ومع أنه من شباب المنطقة المتدين والمواظب على الصلاة والصيام، إلا أنه يبدو من كثرة قراءته لكتب الملاحم وآخر الزمان قد أصبح لديه حالة من الالتباس ومن ثم أصبح مريضا بالهواجس التى أوصلته إلى درجة الوسواس القهرى، وعلمت فيما بعد أنه يجالس بعض من مشايخ هذا الزمان أصحاب الفكر الضال والشاذ وهذا سبب قوى لتبدل الحال عند صاحبنا الشاب.

راح صاحبى ببراءة يذكر ويعدد لى علامات الساعة وأن منها كثرة الفتن والهرج والمرج، وراح يشرح لى ذلك بأنه كثر التطاحن والاقتتال والصراعات وتفشت الانقسامات فى الأمة، ثم دلل على ذلك بما يحدث فى عالمنا الإسلامى اليوم على وجه الخصوص، وأضاف فإنك أستاذنا لا تفتح أو تتصفح موقعا أخباريا أوتشاهد أى وسيلة إعلامية إلا وتجد فيها مشاهد الدم والقتل والذبح والحرق والتدمير هنا وهناك.

ولم يكتف بذلك صاحبى الذى تأكد لى أنه سلب عقله، بل سرد أحاديث عدة عن قتال اليهود لنا بين يدى الساعة، وبعد أن شعر صاحبى بالارتياح الشديد لكونه أستطاع أن يقنعنى وأفرغ كل الحماسة التى لديه فى تلك الأدلة، ففجأته قائلا: كل ما ذكرت صحيح يا محمود، ولكن هذه علامات القيامة الصغرى وهناك علامات كبرى للقيامة ألم تسمع بها من ذى قبل لابد أن تتحقق منها خروج الدابة التى تكلم الناس، ومنها طلوع الشمس من المشرق، ومنها انتشار الكفر حتى لا تجد من يقول لا إله إلا الله، ولو قالها أحدهم لتأخرت القيامة سبعين سنة.

فعاد صاحبى ليقول: ألا ترى ما يحدث فى بعض البلاد العربية والإسلامية على وجه التحديد من مظاهرات وثورات وقتلى وحروب أهليه وتحول أحوال تلك البلاد وشعوبها؟!.

قلت: بلى، ولكن إذا صح قولك بأن القيامة ستقوم عام 2016م فأين قسم الله عز وجل أن تأتى بغتة، وأين قول الرسول صلى الله وعليه وسلم لجبريل فى حديث عمر بن الخطاب المشهور: ما المسئول عنها بأعلم من السائل؟

لم يتعب صاحبى المسلوب فقال: طيب أفرض مثلا إنها قامت فى هذا الموعد فما نفعل ولماذا لا نستعد ونتهيأ لها منذ اليوم ؟.!

قلت: عندك حق أما هذه فنعم ، فعلى كل مسلم أن يستعد لها ولكن فى توازن، فالدين الأسلامى دين الوسطية دعانا للعمل والعباده معا فلا يفرط فى حق الله عز وجل، ولا ينسى نصيبه من الدنيا، فلا يعنى الأستعداد للأخرة بالرهبنة وترك مصالح الخلق وأهمالها بدعوى أننا نستعد للآخرة ، فعمل الدنيا إذا أبتغى به الإنسان وجه الله تعالى كان زاداً وزوادا للآخرة.

وما يحدث اليوم من فوضى عارمة فى بعض الدول العربية والإسلامية إنما هو من مطامع الدنيا والحرص عليها والسعى من أجل السلطة الزائلة وعدم الاهتمام بالآخرة فى توازن مع الدنيا، ولا فهم الطامعون المتصارعون على أمور فانية وزائلة معنى العبادة على حقيقته.

فمن الأشياء المؤكدة لدنيا جميعا إن لكل واحد منا مهمة فى هذه الحياة لابد أن يؤديها على أكمل وجه، فلا عذر لمن يتخلى عن مهمته ويهملها بأى دعوى كانت، وأول هذه المهام بعد الإيمان بالله وحده والقرب من العلى القدير هو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الذى لو أداه كل إنسان على الوجه الأكمل لما تراكمت المشكلات ونشبت الصراعات وانتهت إلى ما انتهت إليه كما فى بعض الأقطارالعربيه والإسلامية.

فالذين يزينون للمنكرات بدعاوى ما أنزل الله بها من سلطان، والمحاربون لدين الله ولرسوله صلى الله عليه وسلم جهاراً نهاراً بدعوى التقدم، والموالون للمفسدين أعداء الله، والذين يسفكون الدم الحرام بذرائع واهية من تكفير وغيره، كل هؤلاء سبب لأستدعاء قيام الساعة ، ولكن يوم القيامة المقصود هو قيامتهم التى ستقوم عليهم وحدهم، ولهذا لابد من الحذر كل الحذر من كل هؤلاء فهم فى كل عهد سبب نكبة الأمم ، فلا هم لهم إلا مصالحهم وشعارهم وشرعهم أنا ومن بعدى الطوفان.

إن ما يجرى اليوم فى أغلب البلدان العربية والإسلامية سببه البعد عن الله عز وجل القائل (وشاورهم فى الأمر) وليعلم الكل إن التلف فى الأختلاف والحروب الأهلية الكل فيها خاسر ، فكل مشكلة ولها حل وربما حلول جمه ، كل ما فى الأمر أن للعقل صوتاً يجب أن يستمع له وما عز قوم أختلفوا فيما بينهم ، والله عز وجل لا يرضى لنا الاختلاف والأنقسام ويدعونا للاعتصام بحبله المتين وقد قال عز وجل: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة