شيرين ماهر تكتب: ذهاب وعودة... أم إحداهما؟

الخميس، 20 نوفمبر 2014 06:05 م
شيرين ماهر تكتب: ذهاب وعودة... أم إحداهما؟ حادث طرق - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد صارت طُرقاتنا تحمل لافتات افتراضية توسوس قائلة: "ذهاب وعودة... أم إحداهما؟" فقد لا تمنحنا فرصة الذهاب المقترن بعودة، أو العودة المتبوعة بذهاب، فهو كابوس واقعى تعايشه الطرق المصرية من آن لآخر، وفى كواليسه المظلمة تُحصَد الأرواح بلا رحمة أو استئذان، ويُراق على جنباته الدم المصرى مختلطاً بغبار السرعة الجنونية، عالقاً بعجلات الوحشية الطائشة ومتناثراً مع خطوات الجُناة الذين لاذوا بالفرار تاركين بركة الدماء تمتلئ وتمتلئ للتحول معها الأجساد الدافئة إلى الزُرقة الباردة، فتنسدل ستائر النهاية وتتحطم على صخرة الحادث حياة أُسر بأكملها!

هكذا لم يعد أمراً صادماً أن تداهمنا أنباء هذا المسلسل الذى لا ينتهى من حوادث الطرق الدامية على صفحات الجرائد والمواقع الإخبارية، وكان آخرها ذلك الحادث المروع الذى وقع بشارع التسعين بالتجمع الخامس والذى أودى بحياة شقيقتين وإصابة ثالثة وطفلين إصابات بالغة وذلك جراء اصطدام مقطورة- كانت تتسارع بشكل جنونى مع أخرى على أسبقية المرور- وبالطبع لم يكن هذا الحادث الأول كما لن يكون الأخير، ولكن يظل التساؤل الذى يصعب تحاشيه هو.

إلى متى سيظل هذا النزيف وإلى أين ستصل أنهار الدماء؟ هل أصبحنا حالة مستعصية وتأصلت بداخلنا ثقافة "اللغو" وعدم احترام القوانين؟

وعلى الرغم أنه لم يمر سوى أيام على حادث أتوبيس البحيرة الذى تفحمت معه جثث الضحايا من الطلاب، والذى أعقبه قرار جمهورى أصدره الرئيس السيسى بتعديل قانون المرور وتقييد سرعات عربات النقل والمقطورات الضخمة وحظر تسييرها من الساعة السادسة صباحاً وحتى الحادية عشرة مساءً تحاشيا لتواجدها على الطرقات فى ساعات الذروة، إلا أن الواقع يتعنت مُعربداً بتكرار السيناريو.

وفى تقرير مبدئى لمنظمة الصحة العالمية، احتلت مصر النسبة الأعلى فى وفيات حوادث الطرق على مستوى العالم بمعدل 41.6 لكل مائة ألف نسمة طبقا لدراسة استقصائية أعدتها المنظمة تم البدء فيها منذ عام 2012 وتنتهى فى 2014 وشملت 178 بلدًا.

كما صُنفت مصر ضمن أخطر عشر دول على مستوى العالم من حيث سلامة الطرق، وتقدر حصيلة حوادث الطرق فى مصر بحوالى 13 ألف قتيل و40 ألف مصاب وما يقرب من 17 مليار جنيه خسائر سنوية من إجمالى الناتج القومى، وذلك وفقًا لتصريحات رئيس الهيئة العامة للطرق والكبارى.

والواقع أنه بات هناك ضرورة ملحة لتفعيل هذه القوانين على أرض الواقع واستخدام أجهزة مراقبة السرعة للكشف عن التجاوزات والتعامل معها بشكل فورى وتوقيع غرامات بالغة لكل المخالفات، خاصةً وأن 70% من حوادث الطرق هى مسئولية العنصر البشرى نظرا لتعاطى السائقين المخدرات اثناء القيادة والخروج على قواعد المرور، ومن ثم لابد من تغليظ العقوبات وسحب الناقلات المخالفة أو التى يتكشف بها عيوب فنية من واقع كشف دورى اجبارى للتأكد من مطابقتها للمعايير، وأن يكون هناك لجان رقابية على مداخل الطرق الرئيسية للتأكد من درجة وعى السائقين، ومَن يتم الاشتباه فيه يُمنَع من مواصلة السير، بالإضافة إلى توفير شاشات مراقبة على الطرق الأكثر خطورة للمساعدة فى دراسة ملابسات الحوادث والوقوف على أسبابها والقدرة على تعقب الجناة، هذا إلى جانب المتابعة الجادة لمدى تطبيق قانون المرور وقياس فاعلية التعديلات المقترحة عليه فى ضوء التطبيق الفعلى له.

ولكن ماذا بعد....؟ هل يُمهِل "طوفان الطريق" المارة الأبرياء؟ وكم نحتاج من الوقت ليتوقف "إرهاب الشاحنات" الذى ينذر بافتراس مَن يقترب؟ وكيف نتصدى لإذهاب "المخدرات" عقول سفراء الموت المبعوثين على الطرقات الهُلامية، فتتمايل أمامهم جنبات الطريق وكأنهم يقودون دراجة وليست قاطرة ، فيتعرجوا بها هنا وهناك كما لو كانوا يمارسون أحد ألعاب "الفيديو جيم"؟ وأخيراً..... كيف نَمنح "قُبلة الحياة" لقوانيننا الورقية بعد أن اصبحت أكثر مصطلحاتنا رقوداً بتوابيت عدم التفعيل؟

أعتقد أن الإجابات ليست متوفرة بنموذج الإجابة خاصة وأن الأمر وليد تراكمات عتيقة تسببت فى إحداث خلل فى البنية السلوكية للأفراد... ولكن دائما ما يُحلق خيط من الأمل فى الظلام الكاحل لتنفرج معه أمانينا أملاً فى أن نوارى سوءاتنا ونتدارك اخطائنا باحثين عن الترياق لنتداوى....!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة