الرقص حضارة.. وعند الفراعنة طقس دينى ودنيوى

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014 09:06 م
الرقص حضارة..  وعند الفراعنة طقس دينى ودنيوى الرقص فى مصر القديمة
كتبت آلاء عثمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الرقص الشرقى ليس امرأة تقف على المسرح تتمايل بجسدها لتثير شهوات الرجال، أو تستفز حقد النساء..الرقص فن..حضارة..هوية.. حياة..حركات انسيابية تؤدى بإبداع..بانسجام، وتناغم بين حركة الراقصة وإيقاع الموسيقى.

ولا نبالغ فى كون الرقص هوية وحضارة، فالرقص الشرقى مرتبط ارتباطًا وثيقًا بمجتمعنا، وأنجبت مصر كثير من الراقصات المبدعات نذكر منها على سبيل المثال "نعيمة عاكف، سهير زكى، سامية جمال، زيزى مصطفى، تحية كاريوكا، نجوى فؤاد"، ومؤخرًا أثار برنامج دينا "الراقصة" الذى يعرض على شاشة القاهرة والناس، لاكتشاف مواهب الرقص الشرقى، استنكار البعض، ورفضوه بحجة أنه يثير الفتن، ويشوه صورة المجتمع، ويصدر صورة سيئة عن مصر.

ونسى هؤلاء أن الرقص الشرقى هو أحد رموز الحضارة المصرية، إذ تمتد جذوره إلى حضارة مصر القديمة، وعرف قدماء المصريين أنواعًا مختلفة منه، ولكن لأن ثقافتنا عرجاء، لا تحترم الجسد، اعتبر البرنامج مفسدا للأخلاق، ومثير للفتن.

وباعتبار أن الرقص كان سمة مميزة للحضارة الفرعونية، فهل يمكننا هنا طرح سؤالًا، وهو هل كلما تقدمنا بالزمن، تأخرنا بالفكر؟، وكلما تراجعنا بالزمن، تقدمنا فى الفكر؟، مصر القديمة التى عرفت الرقص، بالطبع لم تكن ترى الرقص مفسدا للأخلاق، بل احتل الرقص مكانة كبيرة فى حياة المصريين القدماء، ولعب دورًا مهمًا فى مجتمعهم، وكان الرقص جزءًا من الطقوس الدينية فى مصر القديمة، قبل أن يصير طقسا دنيويا، فأقيمت حفلات الرقص المقدس فى كثير من المناسبات والأعياد.

وكما تذكر الباحثة فى الآثار انتصار غريب، أن الرقصات كانت تعكس عمومًا فى كيفية الأداء الذى يقوم على حركات الأيدى أو الأذرع، أو السيقان أو تحريك الوسط والأقدام، وهناك تعدد فى الآلات الموسيقية التى تصاحب الرقصات كالدف، وآلة قريبة إلى الجيتار، وأخرى قريبة من العود، والطبلة وغيرها، ويصاحب الرقص التصفيق أو طرقعة الأصابع.

لا يتوقف الأمر عند ذلك، إذ عرفت مصر القديمة أنواعًا مختلفة من الرقص، فكان هو أحد أساليب التأمل الحركى، الذى يهدف للوصول إلى التوازن، بين الأجسام الأربعة "الجسم المادى، والعقلى، والروحى، والعاطفى"، وتصور لنا جدران الآثار المصرية سلسلة كاملة من الرقصات ذات إيقاعات متعددة، منها الدوران البسيط على العقبين للفتيات الراقصات ذوات الحركات الرشيقة، أو سواء الرسومات التى تبدو فيها الراقصات تخطو خطواتها وراء الأخرى، مع تحريك أذرعهن، ويصاحبها فى الرقص موسيقى الجنك "أحد الآلات الموسيقية حينذاك، وكذلك المزمار.

أما من حيث الأداء فكان هناك رقص أقرب إلى حركات الأكروبات فيه مهارة شديدة فى تحريك أجزاء الجسم، ورقص يغلب عليه التعبير عن فكرة ما، إذ احتل الرقص مكانة كبيرة فى حياة المصريين القدماء، ولعب دورًا مهمًا فى مجتمعهم، وهم لم يقبلوا عليه رغبة فى اللهو أو التسلية، أو الترفيه عن النفس فحسب، بل اتخذوا منه سبيلا لعبادة الخالق بما أنعم عليهم من نعم، كما لجأوا إليه عند وفاة عزيز لديهم، ابتغاء ادخال السرور على قلب المتوفى.

إذا فالرقص وسيلة للتأمل، وسيلة لتفريغ طاقة إيجابية، أو ضغوط سلبية، وسيلة للمرح، وسيلة للحياة..ثقافتنا المتناقضة القائمة على الفُرجة على الراقصات فى الأفلام السينمائية، والتى تتزاحم على شراء تذكرة لدخول الفيلم الفلانى، لأن الراقصة الفلانية تظهر فيه وهى تؤدى حركات لولبية، هى نفسها الثقافة التى ترفض الرقص وتعتبره مهنة مخلة بالآداب.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة