رمضان العباسى

عام دراسى بطعم الفوبيا

السبت، 21 سبتمبر 2013 03:15 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقول مثل صينى "المعرفة التى لا ننميها كل يوم تتضاءل يوما بعد يوم"، هذا هو حال التعليم فى مصر على مدار السنوات الماضية، بعد أن تحول من قاطرة تقود الوطن للرخاء وبناء الإنسان إلى أزمات ومنغصات وشكليات وضياع السنوات من أجل شهادة بلا مضمون ومعلومات تتبخر من العقول قبل الخروج من قاعات الامتحانات.

فى كل دول العالم كما كان الحال فى مصر أيام زمان تستقبل المجتمعات العام الدرسى بالفرحة والبهجة والأمل عندما يرون فلذات الأكباد تخطو خطواتها مع نسمات الصباح كالورود تتفتح على الطرقات سواء كانوا فى الحافلات أو سيرا على الأقدام فى الريف بين الزراعات يطرقون أبواب العلم ويطلبون البناء الفكرى والعقلى والعلمى وتحقيق الأحلام من أجل مستقبل باهر يحلم به الآباء ويطمح إليه الأبناء وينتظره الوطن.
هذا كان حال العام الدراسى عندما كانت المدرسة واحة للمعرفة والعطاء وبناء العقول وليس استنزاف لأولياء الامور، أما اليوم فقد أصبح قدوم العام الدراسى بمثابة كابوس ومعاناة سنوية تعيشها الاسرة المصرية تحت وطأة الدروس الخصوصية، وسوء العملية التعليمية يضاف إليها هذا العام مادة الفوبيا التى تسيطر على أولياء الأمور من البلطجية وجماعة الإخوان التى تهدد بعدم باستمرار العملية التعليمية.

فى زحمة البحث عن الأفكار التنموية تهافتت الدول على التعليم فبدأت ماليزيا واليابان وسنغافورة وكوريا ومن قبلهم أوروبا نهضتها الحقيقة بإصلاح منظومتها التعليمية، أما فى مصر فمنذ ثورة يوليو 1952 لم نأخذ من الحكومات سوى الكلام، ومحاولات الترقيع حتى أصبحت الرقعة التعليمية بالية ومهللة،وتحول التعليم إلى سبوبة وحقل تجارب شخصية للوزراء دون رؤية مستقبلية ونهضة حقيقة، وغدت المدرسة مجرد نزهة روتينة للطلاب والمعلمين انتظاراً لبدء الحصص الحقيقية فى قاعات الدروس الخصوصية التى يدفع فيها الآباء دماء قلوبهم لضمان نجاح أبنائهم والحصول على شهادة تدخلهم إلى طابور البطالة الفعلية أو البطالة المقنعة لمن كان لديه واسطة وحصل على وظيفة حكومية.

لم تكتفى الحكومات بعدم التطوير، بل ساهمت على مدار السنوات الماضية فى زيادة الأزمات من خلال قرارات غير مدروسة ومسكنات لا تشفى أدران المدرسة، وقصفت عمر العام الدراسى حتى جعلت عدد أيام التمدرس فى مصر الأقل عالميا بعد أن وصل إلى 100 يوم وربما يكون اقل من ذلك مع بدء موسم الاستفتاءات والانتخابات وغيرها من الأزمات التى تأتى على حساب التعليم، فى حين يصل عدد أيام التمدرس فى أمريكا إلى 200 يوم، وإسرائيل إلى 216 يوما، واليابان إلى 240 يوما.وفى بعض الدول العربية إلى 186 يوما.

إن تجارب كل الدول التى حققت نجاح وتقدم ورفاهية لشعوبها يؤكد أنها بدأت بناء المسيرة بإصلاح حقيقى للتعليم كما هو الحال فى اليابان وسنغافورة وكوريا وغيرها من الدول التى بدأت نهضتها مع مصر فى الستينات ولكن تراجعت مصر للخلف، وركب الآخرين سفينة الرخاء.

أن نظام التعليم اليابانى يركزعلى تنمية العمل الجماعى والمسؤولية لدى الطلاب تجاه المجتمع بدء بالبيئة المدرسية، والمحافظة على المبانى والأدوات التعليمية والأثاث المدرسى، أما فى مدارسنا فيتركز اهتمام المعلم على الوعيد لمن لا يأخذ دروس خصوصية فنزرع فى الطالب الكراهية منذ الصغر فيصبح العبث بالمدرسة هوايته المفضلة.

لا يوجد فى المدرسة اليابانية عمال نظافة إذ يقوم التلاميذ عند نهاية اليوم الدراسى بنظافة مدرستهم، بمتابعة وإشراف المعلمين، أما فى مدارسنا فإن النظافة إذا حدثت فتكون بالإجبار وعقاب للتلاميذ وليس عمل مجتمعى يجب أن نربى عليه الأبناء، وفى نهاية اليوم الدراسى يتم عقد جلسة جماعية بين طلاب الصف والمعلم المسؤول يسألون أنفسهم فيما إذا كانوا قد أتموا عملهم اليومى على أكمل وجه أم أن هناك قصورًا فيما قاموا به؟ وغيرها من الأسئلة لتقييم التحصيل والأداء، أما فى مدارسنا فالمدرس يحاول الإفلات قبل الوقت من أجل مواعيد الدروس الخصوصية والطلاب ينتظرون دقات الجرس على أحر من الجمر كأنهم فى سجن.

الدول المتقدمة لم تكتفِ بزيادة عدد أيام التمدرس بل يبدأ اليوم الدراسى للطلاب من الساعة الثامنة صباحًا حتى الساعة الرابعة عصرا، كما يقوم طلاب المدارس بالذهاب إلى المدرسة أثناء العطلة الصيفية لبعض الأيام تبعًا لبرنامج محدد مسبقًا، بالإضافة إلى تكليفهم بالقيام بواجبات ومشروعات تتطلب منهم جهدًا ليس بالقليل، وبالرغم من كل ذلك فإن نحو 25% فقط من الطلاب فى اليابان يلتحقون بالجامعات وباقى الطلاب يذهبون إلى التعليم الفنى والصناعى على عكس الحال فى مصر.

إن التعليم هو الذى حول بكاء "ليكوانيو" رئيس وزراء سنغافورة عند انفصالها عن ماليزيا عام 1965 إلى أشجان وأفرح عندما وضع سنغافورة فى مقدمة دول العالم فبعد أن كان يبكى من شدة الفقر والتخلف وسوء تصرفات وأخلاق الشعب وتعدد فصائله حتى أن الصحف الأوروبية كتبت آنذاك أن سنغافورة لم تعد دولة، ولكن الإرادة السياسية والاهتمام بالتعليم وتطبيق القانون وضعها فى مقدمة الدول، فهل تسير مصر على الطريق الصحيح وتبدأ بالتعليم أم ستواصل الحكومات المناكفة مع المعلمين وتعذيب أولياء الأمور وضياع أعمار التلاميذ فى تعليم لا يسمن ولا يغنى من جوع، بدون التعليم سيصبح الحديث عن التقدم والرخاء ضرب من الخيال وستزداد معاناة الدولة والآباء.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

شروف

لماذا هنا الوهم بان الحل سياسة

عدد الردود 0

بواسطة:

عمرو عصام

مين جزء من مين ؟

عدد الردود 0

بواسطة:

طالب جامعي

طالب جامعي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة