رمضان العباسى

هل الدعاء على مصر وجيشها من هدى الإسلام؟

السبت، 10 أغسطس 2013 06:35 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"انتصروا لأنفسكم ضد البغاة والفاسدين ومصاصى الدماء فى مصر" هذه كانت دعوة الشيوخ على فضائية الجزيرة يوم الجمعة الماضى فى نقل حى لصلاة الجمعة من بعض الدول العربية، وصلاة التراويح فى عدد من المساجد خلال الأيام الماضية، حيث تبارى الشيوخ منتحلين صفة المتحدث الرسمى باسم المصريين ليصبوا اللعنات على الحكومة المصرية الجديدة والمصريين المعارضين للإخوان، ويقسموا بأن الجنة فى انتظار أنصار الرئيس المعزول، وأن الجهاد فى سيبله واجب على الإسلاميين فى كل دول العالم، وعلى الإسلاميين أن يهبوا وينتصروا لأنفسهم ضد الظالمين فى مصر، والمتطاولين على الإسلام، وكأن الجيش والشعب المصرى الذى خرج فى 30 يونيه فئة بغيضة خرجت عن شرع الاسلام يجب قتلهم، فمتى كان الداعية يدعو جماعته لكى تنتصر لنفسها، ثم يدعى أنه ينتصر لدين الله، وينشر شريعته؟! وهل الانتقام للنفس والجماعة على أمرى دنيوى اختلف الناس حوله من هدى الإسلام والدعوة إلى دين الله، وهل الدعاء على المصريين المعارضين للإخوان من شريعة الإسلام؟

إن ما قاله هؤلاء الدعاة يؤكد أنهم لا يتمنون الخير لمصر وشعبها، بل يتمنون السيطرة والهيمنة لجماعتهم فقط، وإذا ذهبت جماعتهم وأسقطها الشعب المصرى، فلتذهب مصر والمصريون إلى الجحيم، حيث تسابقوا فى الدعاء على جيش مصر بالذل والقهر والزلزلة، وبالطبع أخذ المصريون الذين يرفضون العنف، ولا يرغبون فى حكم الإخوان نصيبهم من الدعاء عقابا لهم على رفض جماعة فشلت فى تحقيق أى إنجاز.

إن هؤلاء الدعاة لم يدركو أن الفقهاء لم يجيزوا الدعاء على غير المسلم المسالم، فما بالنا بالمسلم الذى قد يكون أقرب إلى الله من الإخوان والجماعات الإسلامية، حيث نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على الأهل والمال والنفس (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم)، ومن فضل الله على الناس أن الله طيب لا يقبل إلا طيب، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم "ما من مسلم يَدْعُو بِدعوة ليس فيها إِثم ولاَ قَطيعة رحم إِلاَّ أَعطاهُ اللَّهُ بِهَا إِحدى ثَلاَثٍ إِمَّا أن تعجل لَهُ دعوَتهُ وَإِما أَن يَدخرها الله له فِى الآخرة وَإِمَّا أَن يصْرف عنه من السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا وإن كثر، قال الله أكثر، قالوا إِذاً نُكْثِر)، كنا نتمنى أن يكثر هؤلاء من الدعاء لمصر بالخير ويتذكروا فضائلها وشمائلها التى عددها الدكتور محمد العريفى وغيره من الدعاة عندما كان الإخوان فى الحكم، أما أن هذه الفضائل والخصال الحميدة يتم التشدق بها عندما يكون الإخوان فى الحكم، ثم يقرر الدعاة إخفاءها بالريموت كنترول، وكأنها شاشة للعرض يزينون بها أفعالهم وقتما يشاؤون ثم يخفونها وقتما يريدون وتصبح مصر وشعبها كافرة يجب القصاص منهم، وقتل جنودها فى سيناء واستباحة أرضها، والتشكيك فى كل الأحاديث التى تؤكد خيرية وفضل جنودها.

إن الداعية الحق الذى يحب مصر وشعبها يستغل هذه الأيام، ويكثر من الدعاء لها بالخير، وأن يولى الله الأخير والأصلح بدلاً من اختزال الإسلام فى شخص أو جماعة والدفاع عنها باسم الدين من أجل حب السلطة وكرسى الرئاسة، على غرار ما كان يفعله خطباء المساجد عندما ضعفت الدولة العباسية والأموية، فلم يكن للأمراء من الأمر شىء سوى ذكر اسمهم فى الخطبة، كذلك كانت الدولة العثمانية التى تحكم باسم الإسلام لم يكن لها من أمر الولايات التى تحكمها سوى جمع الجباية التى ظلت تحصل عليها من مصر حتى عام 1952 باسم الدين وخلافة المسلمين.

إن هؤلاء الدعاة يحتاجون إلى علاج نفسى، وتعلم الدين على هدى الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس على هدى مصاصى الدماء ومروجى الفتن ومستغلى الدين لتحقيق مصالح شخصية وحزبية، فنجد الناشط الإخوانى عبد الرحمن عز يقول "إن حرق مدينة النعاق (الإعلام) عمل ثورى سلمى ثم يقول المجد للسلمية.. ونحن ننبذ العنف ونرفضه وندينه"، هذا التناقض فى الحديث يكشف العورات والنقص الذى تعانى منه هذه النفوس، ويؤكد أنهم تلاميذ الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ويسيرون على دربه عندما قال أما أنا أو الفوضى، وها هم يكررون نفس المشهد ظنا منهم أن مصر ستدخل فى حرب أهلية، ولكنهم لم يدركوا ويعرفوا جيدا أن مصر كانت ومازالت وستظل عصية على كل الأفكار الشاذة والدخول فى الحروب الأهلية، لأن السلم الاجتماعى فى مصر عبر التاريخ كان أقوى من كل التيارات والفتن والملل والنحل والجماعات على مر العصور.

إن هؤلاء الدعاة يواصلون السياسة الدعوية التى ينتهجها شيوخ الإخوان ومناصريهم بأن الدفاع عن الرئيس المعزول دفاع عن الإسلام، وأن سقوط الإخوان يعنى سقوط الإسلام والمشروع الإسلامى فى وصلة من التسطيح والاستغلال للفقر والجهل الذى يعانى منه الكثير من المسلمين فى مصر، كنا نتمنى أن تظهر المحنة التى يعانى منها الرئيس المعزول ورجاله قوة الإيمان والصبر والتحمل والدفاع عن المطالب بشكل حضارى يعبر عن مبادئ وقيم الإسلام، ولكن هذه الأزمة كشفت حب الانتقام والثأر للنفس لدى الكثير من هؤلاء إلا من رحم ربى. فمتى كان الدعاء على الناس المسالمين والثأر والانتقام الطريق لقيام دولة إسلامية وتحقيق شرع الله؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو سعيد

الله لايقبل دعائهم

عدد الردود 0

بواسطة:

راحلة

المساجد ليست لله ...

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة