إلى إخوتى الذين يختزلون مصطلح (انتصار الإسلام) فى الجهاد بالحروب المقدسة، والأعمال العسكرية، وبسط النفوذ والهيمنة عبر السيطرة على السلطة فقط، أقول لكم: إن الانتصارات العسكرية التى تحققت عبر تاريخ هذه الأمة بالجهاد لم يكن لها الأثر نفسه، على صعيد الدعوة، والتأثير كهذا الأثر الذى حققته الرسالة الحضارية لهذا الدين، فالله فرض القتال فى حالات واضحة ومحددة لا لبس فيها، لكن الرسالة الأعظم والجهاد الأكبر هو بتجسيد قيم هذا الدين فى مجتمع نابض بالحيوية والعمل والعطاء والمثل والأخلاق الكريمة التى تفتح قلوب عباد الله إلى دين الله.
أنت ترى الأمر يسيراً حين تظن أن الجهاد العسكرى هو وحده الحل الأساسى، ولا حل سواه، ولكن انظر من حولك لتجارب الأعمال العسكرية فى التاريخ الإسلامى، وقارن ما أنجزته الحرب مع ما أنجزه العلم والمعرفة، وتأمل ما فعلته الأمم الإسلامية التى تلت عصر الصحابة من الناحية العسكرية، وما فعله مثقفو هذه الأمم وعلماؤها دون عمل عسكرى أو إراقة دماء.
أنت تريد أن تنصر الإسلام.. حسنا، أقول لك:
- هل فكرت أنك تستطيع أن تنصر الإسلام ببحوث مكافحة التصحر لحماية أراضى العالم الإسلامى من غزو الرمال، وتوفير الغذاء لأهل الإسلام، بدلا من الانكسار أمام بلدان العالم غير المسلمة؟
- هل فكرت فى أن الانتصار الحقيقى للإسلام هو عبر خطط مكافحة البطالة، حتى يعمل شباب الإسلام على أرض الإسلام، دون تسول العمل فى بلدان الأرض غير المسلمة؟
- هل فكرت أن تنصر الإسلام بدعم أبحاث فيروس الكبد الوبائى الذى يحصد أرواح الملايين من أبناء أمة الإسلام؟
- هل فكرت أن تنصر الإسلام بالبحث عن حلول لمشكلات النظافة فى بلدان العالم الإسلامى، بدلاً من أن تصبح البلدان غير المسلمة نموذجاً فى الرقى والنظافة، وتصبح بلدان العالم الإسلامى نموذجا فى التدنى والقبح؟
- هل فكرت فى أن نصرة الإسلام هى بناء مستشفيات، لا يموت فيها المسلمون وهم يلجأون إليها للعلاج؟ أو فى بناء مصانع أدوية تعتمد عليها الأمة الإسلامية بدلاً من دوائها الذى تسيطر عليه شركات الأمم غير المسلمة؟
- هل فكرت فى أن نصرة الإسلام هى فى التخطيط لبرامج مكافحة الفقر، وبناء مؤسسات اقتصادية تحقق التنمية فى بلدان العالم الإسلامى، دون حاجة إلى صندوق النقد الدولى أو معونات الدول المانحة؟
- هل فكرت فى أن تنصر الإسلام بالوقوف بصلابة ضد الاحتقان الطائفى فى البلدان المسلمة، الذى يسىء إلى صورة الإسلام والمسلمين؟
- هل فكرت فى أن تنصر الإسلام بتأجيل المعارك المذهبية التى تفتت هذه الأمة، وتجعل بأسنا بيننا شديدا، فيما تجعل لعدونا اليد الأعلى من فوقنا جميعاً؟
أقول لك ذلك يا أخى لأننى أعرف غيرتك على الإسلام، لكننى أدعوك لأن تفكر، هل انتصار الإسلام اليوم هو بما تسمعه كل يوم من حتمية إعلان الحرب على العلويين فى سوريا، وعلى شيعة إيران، وعلى شيعة حزب الله، وعلى شيعة البحرين، وعلى الأقباط فى مصر، وعلى الليبراليين فى بلدان الربيع العربى؟
اسأل نفسك عن السلاح الذى تستخدمه فى هذا الجهاد.. لمن هو؟ من صنعه.. ومن باعه لك؟ واسأل نفسك.. من يطلب منك أن تستخدم هذا السلاح فى القتال، ولا يطلب منك أن تصنع سلاحك بنفسك؟
من نحن وماذا نريد؟
موضوعات متعلقة..
◄خالد صلاح يكتب" كلمة واحدة ": شيوخ الأمة.. وشيوخ التنظيم
◄خالد صلاح يكتب" كلمة واحدة ": رد من حزب البناء والتنمية
◄خالد صلاح يكتب" كلمة واحدة ": وعود وزير الداخلية
