منتصر الزيات

الثابت والمتغير فى استقالة جاد الله

الأربعاء، 01 مايو 2013 02:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن اليومى..
عرفت الدكتور فؤاد جاد الله فى ميدان التحرير أيام الثورة كان شعلة نشاط ثائرا، ولم أفاجأ عندما حضر إلى «خيمة المحامين» أمام قسم شرطة مدينة نصر أثناء الأزمة التى احتدمت بين بعض المحامين وضباط قسم مدينة نصر وقدم نفسه لنا باعتباره موفدا من الرئاسة للتحرى وجمع المعلومات حول حقيقة ما جرى فى تلك الأزمة، وقتها علمنا لأول مرة أنه صار المستشار القانونى للرئيس محمد مرسى.. واستبشرنا خيرا، كان معى الصديق محمد عبدالوهاب المحامى وهو من ثوار المحامين المخلصين وتحدث عن جاد الله بمناقب عديدة شاهدها منه أيام الثورة.

كان بوسع جاد الله أن يتصل بنا هاتفيا ليجمع المعلومات ويعلم حقيقة ما جرى، لكنه آثر النزول والتحقيق الميدانى وهذا مفتاح شخصيته، فهو مثلما استمع إلينا دخل واستمع لرجال الشرطة فى قسم مدينة نصر روايتهم للأزمة وأسبابها.

تتابعت الأحداث ولمع نجم فؤاد جاد الله، ولا أخفى أن يقينى استقر باعتباره كادرا إخوانيا صميما، قسمات وجه الرجل تشى بهذا ولحيته الخفيفة «إخوانية» ولم يعرف عن الإخوان أنهم يقبلون وجود «غريب» داخل تشكيلاتهم الضيقة، وهذا ما فوجئت به ضمن نص الاستقالة التى تقدم بها من منصبه وصدمت الجميع الأسبوع الماضى.

لم أستطع أن أعفى جاد الله من مسؤولية القرارات التى افتقدت الصواب، وصدرت عن الرئيس محمد مرسى بدءا من قرار عودة مجلس الشعب ومرورا بالإعلان الدستورى، وانتهاء بقرار عزل المستشار عبدالمجيد محمود وتولية المستشار طلعت إبراهيم عبدالله، وعبرت عن وجهة نظرى هذه غير مرة فى البرامج التى حضرتها تحليلا لهذه القرارات.
صدمتنى استقالته المفاجئة!! لم أستوعب إعلانها بهذا الشكل الدرماتيكى، واعتبرته فى سياق «الفجر فى الخصومة» الذى اتسم به عدد من المنشقين عن جماعة الإخوان، بعض مطاريد الإخوان سوقوا بضاعة تتكرس فى الهجوم على الجماعة التى نشأوا داخلها ودافعوا عنها سنوات طويلة.

لكن.. قرأت نص استقالته بعد وقت من صدورها أو نشرها، وصدمتنى أسبابها أيضا، وفور أن انتهيت من قراءتها أمسكت بهاتفى الجوال وكتبت له «قرأت الآن نص استقالتك وأدركت مدى الضغوط التى تعرضت لها فسامحنا»، وجاءنى رده سريعا «والله من قلبى مسامح حضرتك من وقتها لأنى أحبك».

هناك قراءات مختلفة لم تزل تتراوح عن أسباب استقالة «جاد الله» الحقيقية، البعض لم يتعاطف معه ويرى مسؤوليته عن كل القرارات التى صدرت فى وجوده!! فإذا كان وزير العدل أحمد مكى قد تنصل من مسؤوليته عن أى قرار أصدره الرئيس!! ويحسب للمستشار محمود مكى نائب الرئيس أنه فور عودته من الخارج وقت شغله للمنصب أعلن فورا عدم رضائه عن الإعلان الدستورى، وبذل جهده من أجل تغييره أو إلغائه، وفتح طاقة حوار مجتمعية لتحقيق ذلك، إذن من الذى يمكن أن يكون مسؤولا عن قرارات الرئيس الخاطئة إن لم يكن جاد الله؟ وما الذى ألزمه الصمت طوال هذه الفترة؟ أسئلة كثيرة يطرحها متابعون لاستقالته المباغتة.

عندما تصدر قرارات هامة وخطيرة تمس صميم الحياة السياسية فى مصر، ونفاجأ بعدم مسؤولية أهم ثلاثة مساعدين فى مؤسسة الرئاسة عن تلك القرارات فإن ذلك يفتح الباب واسعا للبحث والتقصى والقراءة المتأنية مجددا فى أسباب استقالة المستشار القانونى للرئيس فؤاد جاد الله، وهو يرمى بالكرة الملتهبة هناك فى مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين ويبقى لزوم الدليل على صحة كلامه والنفى من جهتهم!!
لقد ذكر جاد الله فى أسباب استقالته عبارة وجيزة لا ينبغى أن تمر على ذوى الخبرة والفراسة «وبسبب ذلك تراجعت مراراً وتكراراً عن الاستقالة والاعتراض والنقد عن البطء فى القرارات وانفراد الجماعة وتغولها على الرئيس والحكم».

الذى لا شك فيه أن الرجل تحمل ضغطا عصبيا كبيرا، لأنه ببساطة «شال» كل اللعنات التى صاحبت كل الأخطاء التى وقعت نتيجة قرارات افتقدت إلى الدقة، بدليل أننا فعلا حملناه المسؤولية، وهكذا تفهمت موقفه عندما قرأت أسبابها، فقد حملت صرخة رجل تعرض لظلم شديد وتفتح كلماته إطارا واسعا لكل المحبين لتجربة الإسلام السياسى فى الحكم لمعاودة تقييم التجربة، كما تفتح للإخوان أنفسهم ضرورة مراجعة النفس والتصرفات التى جرت وصدرت عن مؤسسة الرئاسة فى الفترة الماضية.. أسباب جادالله جاءت لتؤكد خطورة الموقف «فى لحظة فارقة من تاريخ مصر، وفى مشهد يغلب عليه تغليب المصالح الخاصة على مصلحة مصر وشعبها من الجميع دون استثناء، ويتسم بتهميش الشباب وبالصراع السياسى، والانهيار الاقتصادى، والفراغ الأمنى، ومحاولات لاغتيال السلطة القضائية والنيل من استقلالها»، لقد تلمست الصدق مع النفس لقاض كتب ولخص أسباب الإخفاق.. سامحنا يا صديقى فقد ظلمناك.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة