قطب العربى

مقاولو العنف والورقة الطائفية

الخميس، 11 أبريل 2013 08:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم فداحة الجرم، و"غلاوة" الدم، تبقى أحداث الكاتدرائية المرقسية وما سبقها فى الخصوص أحداثا سياسية أكثر من كونها أحداثا طائفية، فعلى خلاف كل الأحداث الطائفية السابقة لم يكن السبب فى تفجر هذا الحدث هو تحول مسيحى إلى الإسلام أو العكس، أو زواج مسيحى من مسلمة أو العكس، أو بناء كنيسة أو ترميمها.. إلخ من جملة الأسباب التقليدية للأحداث الطائفية، بل كان السبب مجرد رسم صليب معكوف على جدران معهد أزهرى فى قرية الخصوص، وهذا الصليب المعكوف ليس رمزا دينيا بل هو رمز سياسى للنازية، ربما أراد صاحب الرسم فقط أن يشعل نيران العنف مجددا بعد أن فشلت فى موقعة المقطم، وبعد أن فشلت "ثورة 6 إبريل" فى ذكرى انطلاقتها الخامسة، وهى الثورة التى بشرت الحركة أنها ستتضمن أنشطة وتحركات علنية وأخرى سرية!! وستعم كل ربوع القطر ولن تتوقف حتى تقضى على مرسى وعشيرته!!.

لم يحقق إذن مقاولو العنف أهدافهم عبر الميليشيات المسلحة، أو عبر حصار الاتحادية أو حتى منزل الرئيس، أو عبر اقتحام المقار الحزبية وحرقها، أو عبر إغلاق الطرق والكبارى، وميدان التحرير والمترو ومجمع المصالح الحكومية، وتذكروا أن هناك ورقة "توجع" هى الفتنة الطائفية، وهم يدركون أن الأجواء مهيأة فى ظل احتقان سياسى واجتماعى واسع إضافة إلى الاحتقان الطائفى الذى ورثناه من دولة مبارك.

كان من الممكن أن يظل الحدث فى بدايته بسيطا، وكان من الممكن لعقلاء منطقة الخصوص أن يئدوا الفتنة فى مهدها، لكن تدخل أطراف سياسية أدمنت العنف والقتل خلال الأيام الماضية زاد النار اشتعالا، وجعلها تنتقل من ضاحية على أطراف القاهرة إلى وسط القاهرة وتحديدا فى قدس الأقداس المسيحية وهى الكاتدرائية المرقسية فى العباسية، وشاهدنا بعضا ممن يوصفون بالنشطاء السياسيين الذين وقفوا دوما خلف عمليات العنف والتخريب خلال الأيام الماضية يقودون المظاهرات والهتافات فى قلب الكاتدرائية ومحيطها، وشهدنا من اعتادوا حمل السلاح وتوجيهه إلى صدور المصريين خلال الأيام الماضية يعودون للظهور معتلين أسطح الكنيسة وأسوارها والمبانى المجاورة والمواجهة لها، ورأينا بأم أعيننا أنواعا متعددة من السلاح فى الفيديوهات التى غمرت مواقع التواصل الاجتماعى، وأصبح لزاما على الأجهزة الأمنية أن تقبض على هؤلاء الذين كانوا يطلقون الرصاص الحى والخرطوش، والذين قتلوا وأصابوا المدنيين ورجال الشرطة أمام الكاتدرائية حتى نعرف من هم تحديدا ومن يقف وراءهم قبل أن يتم معاقبتهم وفقا للقانون.
المسيحيون المصريون هم أصحاب وطن كما المسلمون تماما، ولهم من الحقوق ما للمسلمين وعليهم من الواجبات ما على المسلمين، وهم يعانون كما يعانى المسلمون، ولكنهم يشكون من غياب حقوق خاصة بهم على مدار السنوات الماضية وهم محقون فى بعض مطالبهم، ومن واجب الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس مرسى أن تتحرك سريعا لإنصافهم، حتى تحقق الرضا الكامل لهم، ولكن من الإنصاف أن يتذكر الإخوة المسيحيون أن الرئيس مرسى هو أول من عين منهم مساعدا لرئيس الجمهورية وهو المهندس سمير مرقص، وهو أرفع منصب سياسى تبوأه مسيحى فى سابقة هى الأولى من نوعها فى التاريخ الحديث، كما اختار بعضا منهم مستشارين فى القصر الرئاسى- قبل أن يقفز المساعد مع مستشارين آخرين من مركب ظنوا أنها تغرق!!- وما كان بوسع أحد غير مرسى أن يفعلها، لأن أى رئيس آخر كان سيخشى ردود الفعل فى ظل هذا المناخ الطائفى، لكن مرسى صاحب التوجه الإسلامى هو الذى كان قادرا على هذا القرار والدفاع عنه وتسويقه شعبيا مع تيار واسع لا يخلو منه شارع أو حارة أو قرية هو التيار الإسلامى، ولا ننسى أن الرئيس مرسى قرر تعديل أيام انتخابات مجلس النواب (قبل إلغائها) تجاوبا مع طلب المسيحيين واحتراما للأعياد المسيحية، والرئيس مرسى هو الذى قال بعد أحداث الكاتدرائية إن أى اعتداء على المسيحيين أو على الكنيسة هو اعتداء عليه هو شخصيا، وهو الذى أمر بشكل عاجل بتشكيل لجنة للتحقيق فى الأحداث، وإذا كان المسيحيون لا يزالون يشكون من عراقيل فى بناء الكنائس أو ترميمها، أو فى الوظائف العامة، أو فى النواحى الثقافية أو التعليمية، فليس أقدر من مرسى على إزالة هذه العراقيل عبر حوار هادئ وبناء مع القيادات المسيحية المدنية والدينية.

لا حل لمشاكل المسيحيين إلا داخل وطنهم، والذين يراهنون على دور خارجى هم واهمون، فهذا الخارج لا يعنى إلا بمصلحته، وقد تلتقى هذه المصلحة لبعض الوقت مع مطالب طائفية أو قد تتخذها ذرعة لتحقيق مصالح سياسية لكنها لن تلتصق بهذه المطالب الطائفية طول الوقت، بل ستفارقها حين تتحقق الأهداف عبر طرق أخرى، وبالتالى فإن الصحيح أن يندمج المسيحيون فى الحياة السياسية والاجتماعية بشكل كامل عبر الأحزاب أو النقابات أو الجمعيات والنوادى، وسيجدون فى هذه الأماكن من يتبنى مطالبهم بصدق وإخلاص، وسيسعى لتصحيح المفاهيم الخاطئة والثقافة الطائفية البغيضة المتوارثة، وساعتها لن تكون هناك أى مظاهر للتمييز أو العنف ضد أى مواطن.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة