محمد بركة

عمى إبراهيم

الأحد، 17 مارس 2013 07:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنا كعادتنا القديمة فى الأرياف، كلما ذهبنا إلى بلدة مجاورة فى فرح أو مأتم اتخذنا من سيارة ربع نقل مخصصة للرمل والأسمنت والخضروات وسيلة نقل جماعية. أكبر رأسين فى العائلة يجلسان بجوار السائق أما البقية فتتكدس فى المقطورة والمدهش أن عمى إبراهيم، صاحب الأطيان واللسان اللاذع الصريح لم يركب بجوار السائق رغم أنه الآن كبيرنا بعد رحيل عمى (مبروك).
- ازيكم!
قالها موجهة لأعمامى وأبنائهم، أما أنا فقد تلاقت أعيننا فى ومضة سريعة أهدانى فيها تحية لم تكن حارة ولم تكن باردة: إزيك!
هكذا هو العم إبراهيم دائما يعشق الإيجاز والكلمات القليلة الحاسمة أما هذا الاختراع المسمى (مجاملات اجتماعية) فلم يسمع به قط. سأله أبى ذات مرة وهو عائد من الرياض فى إجازة عمل قصيرة:
- يعنى الشغل هناك فيه ذل؟
ابتسم أبى وقال فى هدوء: يا حاج.. الرزق بيد المولى أما الكرامة فبيد الإنسان!
وصلنا إلى البلدة لكن هاتفا نادانى أن أعود فوراً إلى حيث بدأنا الرحلة.
عدت فإذا بعلبة صغيرة من الورق الملون ينبعث منها شعاع من الضوء الأبيض. ركضت مبهوراً وفتحتها. كانت مليئة بقطع من قوالب السكر المنحوتة على هيئة عرائس صغار. كان مذاق الحلوى لا ينتمى إلى الأرض وإنما قادم رأساً من الفردوس الأعلى. أيقنت من هذا يقين الصديقين والنساك دون أن أتذوقها.. ولم أستغرب حين سألت وتأكدت أن أطفال العائلة يعشقون تلك القوالب الصغيرة وأن العم أراد أن يفتح شباكاً صغيرا فى السماء ويطل منه على أحبابه فى الأرض.. الشىء الوحيد الذى أثار استغرابى: لماذا اختارنى - أنا المدنس بالخطايا لأنوب عنه فى هذه المهمة؟ (من مجموعة قصصية تصدر لى قريباً بعنوان: أنا ومبارك والشعر الأبيض).








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة