د. جمال نصار

تعالوا إلى كلمة سواء من أجل الوطن

الخميس، 28 فبراير 2013 12:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لابد فى البداية أن نعلم أنه من العبث كل العبث أن يراد صبّ الناس كلهم ووضعهم فى قالب واحد فى كل شىء وجعلهم نسخاً مكررة، ومحو كل اختلاف بينهم، فهذا غير ممكن، لأنه مخالف لفطرة الله التى فطر الناس عليها، وغير نافع لو أمكن لأنه لا نفع فى مخالفة الفطرة، بل من خالف الفطرة عاقبته عقاباً معجّلا.

فطبائع الناس وأمزجتها تختلف من شخص لآخر، وتختلف لذلك مواقفهم، حتى بين الأخوين الشقيقين، وأبرز مثال لذلك من الأنبياء موسى وهارون، عليهما السلام، ومن الصحابة الحسن والحسين رضى الله عنهما.

ومع ذلك فنحن فى مسيس الحاجة إلى سماع صوت العقل والعقلاء من أجل الخروج من مأزق الشتات والخلاف الذى هيمن وسيطر على كل تصرفاتنا وأفعالنا، لأن كل ما يجرى الآن على الساحة السياسية –فى كثير من الأحيان- أبعد ما يكون عن مصالح المواطنين وأزماتهم، فمنذ قامت الثورة ورحل النظام السابق والشارع المصرى تائه ما بين الاستفتاءات والانتخابات والمظاهرات والمعارك السياسية المصطنعة فى أغلب الأحيان، ناهيك عن أعمال البلطجة التى يمارسها الخارجون على القانون.

لم نر تغييراً واضحاً يلمسه المواطنون فى الكثير من المواقع والمؤسسات، فالأمور كما هى بل زادت سوءاً مع زيادة حالة الفوضى فى العديد من المصالح والمؤسسات، وغياب حالة الأمن الذى أزعج الجميع، وانتشار العنف فى الشارع المصرى، فهناك حالة من الانفصال والانفصام بين ما يسمى النخبة السياسية والمواطن البسيط، مما جعل معظم الشعب المصرى لا يثق فى هذه النخبة بكل مفرداتها وتنوعاتها.

ومن ثمّ إذا نظرنا إلى النتائج فسوف نكتشف أن الجميع سوف يخسر حتى من وصل إلى السلطة عبر انتخابات شرعية، إذا استمرت الأمور بهذا الشكل، فما زالت هناك أزمة ثقة بين كل الأطراف، نتيجة للممارسات الخاطئة من الجميع.

إن ما يفيدنا اليوم هو النظر إلى مستقبلنا والبحث عن الخيارات التى تؤمّن لنا ولأبنائنا حاضراً مستقراً ومستقبلاً واعداً، فما العمل للخروج من هذه الحالة المرتبكة؟ أتصور أنه يجب علينا أن نوجه النقاش إلى الأمور التى تلبى طموحاتنا وتحقق أشواقنا، ولنبحث عن الإجابة الصريحة والواضحة عمّا نريده؟ فهل ما نريده ممكن التحقق وكيف يمكننا تحقيق ما نصبو إليه فى هذه المرحلة، وما هى الوسائل الموضوعية التى يمكننا اعتمادها فى سبيل تحقيق أهدافنا وأشواقنا، وما هو دورنا نحن كفاعلين فى وسائل الاتصال الجماهيرى للإسهام لبناء دولة وأمة تكون جديرة ومؤهلة لتأخذ مكانها اللائق وسط الأمم، هل يكفى أن نسوّد أو نُبيّض صفحات الجرائد والمواقع على الشبكة العنكبوتية وكذلك عبر القنوات التليفزيونية والفضائية، بالاتهامات والمكايدات المتبادلة لبعضنا، أم الأفضل أن نحدد ثوابتنا الجامعة والمتفق عليها، ثم نعمل ونتعاون لتحقيقها.

لذلك أرجو من كل صاحب رأى أن يُسجّل لنا قائمة بما يرى من أشياء سلبية يجب تغييرها وأشياء أخرى ضرورية يجب تحقيقها، مع الأخذ فى الاعتبار أن تكون الموضوعية ديدننا، وصدق النية والإخلاص حادينا، مع وضع الأولويات الممكنة التحقق على المدى القريب وما يمكن وضعها كأهداف على المدى المتوسط والبعيد، بدلا من أن نرى السباب والتلاسن عبر الفضائيات، والتركيز على السلبيات دون الإيجابيات.

وعلى وسائل الإعلام دور فى غاية الأهمية لنقل الحقائق وتوعية الشعب وإنارة الطريق، وتسليط الضوء على المشاكل لكى يتم معالجتها، بشكل مهنى يبتعد عن الدعاية الحزبية والانتماءات السياسية، التى تضر كثيراً بمستوى الأداء الإعلامى ليصبح الإعلام فى النهاية، وكما أُريد له أن يكون أداة تنوير لا أداة تقسيم. الأمل فى الله كبير ثم فى الصادقين العقلاء من أبناء هذا الوطن للمساهمة بكل الطرق والوسائل لوضع حلول عملية ممكنة التطبيق بمشاركة الجميع دون استثناء، للخروج من هذه الأزمة الراهنة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة