أحمد بان

عن المقهورين أتحدث

الجمعة، 15 نوفمبر 2013 08:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عن هذا الشيخ الذى خذلته أعضاؤه، وهو يتوكأ على عصاه محاولا صعود الحافلة، التى لا يكف سائقها عن سب الركاب، وتوجيه التعليمات فى مملكته التى يمارس فيها كل عقده النفسية.

من فى هذه الدولة، أو حتى تلك الحكومة العاجزة، يلتفت لهذا الرجل الذى يواجه الحياة وحده، بعد أكلت الدولة لحمه، وأوهنت عظمه، وحين تقاعد لم يجد مستشفى قريبا من مسكنه، أو مكانا يتريض فيه ويرى الشمس، أو يصطحبه أو يحمل عنه مؤونه طابور المعاش أول كل شهر، حين يجلس ليكتب كم للدواء، وكم لإيجار الشقة التى لا تدخلها الشمس، وكم لإطعام أطفال الأبن الذى رحل فى ريعان الشباب، بعدما التهم فيروس سى كبده المنهك والتهم معها مدخرات الأب المسكين، وكم لكوب من الشاى الأسود يمضى به ليلا أحلك، فى وحدة طالت، بعد غياب الرفيقة، التى أكلها الحزن على وفاة وحيدها.

حين يجلس ليسترجع شريط حياته، يتذكر هذا الشاب مفتول العضلات، الحاصل على ميداليات التفوق الرياضى فى المدرسة والجامعة، يوم كان يدق الأرض بأقدامه، اليوم تخذله أقدامه وجسد أضناه القهر عم محمد مدير عام على المعاش، نموذج لمواطن عاش حياته شريفا، لا يستحل سوى الجنيهات القليلة التى تعطيها الدولة له، بعد أن التهمت رحيق جسد كان قويا وأضنته السنين.

الدولة لا تأبه بعم محمد ولا أمثاله، وهم كثر فى هذا الوطن المنكوب، الدولة مشغولة بانتظار ماذا سيفعل الإخوان هذا الأسبوع، الدولة لا تعتبر عم محمد من مواطنيها هى لا تراه أصلا.

حين يشتعل غبار المعارك السياسية عبر الشاشات أو الساحات، يتوارى عم محمد خلف جدران شقته المعتمة ويقول، يا ليتنى أجبت صديقى جابر وهاجرت بعد النكسة، لم يتصور عم محمد أن نكسات هذا الوطن ستطول، ظل مستبشرا بغد لم يأت.

أيها السادة، عم محمد لا يأبه بدستوركم ولا حكوماتكم، ولا بالإخوان أو السلفيين أو الفلول، عم محمد يسأل عن دولة تلفت حوله فلم يرها حاضرة، عاين غيابها فى طريق ملىء بالحفر والمطبات، ولم تفلح عصاه فى ترويض رصيف احتله الباعة الجائلون، فى هذا الميكروباص الذى تحول لأداة تعذيب يومية سواء بفعل مقاعده، أو بفعل سائق لم يعلمه أهله سوى سوء الأخلاق، وأغراه غياب الدولة بأن يكون سائقا وبلطجيا بحسب مواعيد جرعة المزاج.

عم محمد غير مشغول إذا كان ما حدث بمصر ثورة أم انقلاب، هو فقط يريد ثورة، أو حتى انقلاب يغير أحواله، ليشعر من جديد أنه مواطن فى هذا الوطن، عم محمد يقول لكم أرجوكم هناك مقهورون كثر فى هذا الوطن، لن ينتظروا أن تحسموا خلافاتكم حول شكل المستقبل والحاضر يطحن قلوبهم بلا رحمة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

بسم الله

انذار لعزيز مصر

فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود

أروع ما كتبت

الله يفتح عليك

عدد الردود 0

بواسطة:

محارب قديم / مجدي عبد الحميد

من يأخذ ثأرنا ممن ظلمنا غير العلي القدير .

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة