محمد يوسف

القاهرة التى رأيت (1)

الأربعاء، 09 أكتوبر 2013 08:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سالبة القلوب
جددت الوصل بينى وبين المدينة التى أعشقها، قضيت معها تسعة أيام بعد انقطاع دام تسعة أشهر، وشتان ما بين خروجى فى يناير الماضى منها وعودتى إليها اليوم، فرق كبير بين الحزن عليها بعد خروجى من قصر الاتحادية باحثاً عن سيارة أجرة حتى لا تجمعنى صورة مع من كان رئيساً، وبين الحزن لفراقها بعد طول غياب.

هى القاهرة، اسم على مسمى، تقهر الأعداء، وتقهر المتلاعبين بها، وتقهر القلوب، تسلبها حريتها، وتأسرها حباً وطوعاً، لها نكهة، ولها رائحة، ولها شخصية غير قابلة للاستنساخ أو التقليد، ولها قلب إذا دق سمع صداه أهل المغرب والمشرق، هى نبض الأمة، وهى الحضن الدافئ، بكل مكوناتها التى تشكلها، بنخبها التى تحمل الفكر والرأى والمشورة والفعل، وبناسها البسطاء فى حياتهم وعفويتهم ومودتهم، وبشبابها الذين لم ينتظروا تفسيرات الدساتير وما تحتويه المواد القانونية الملتوية، فأحدثوا الفعل وردة الفعل، وغيروا واقعاً تلو الآخر من أجل حياة أفضل لهم ولوطنهم ولأمتهم.

القاهرة تحب من يحبها، وتحضن من يكون حنوناً عليها، وترفض كارهها، وتلفظ من يسيء إليها، هى لا تؤذى أحداً ولا تغفل عمن يؤذيها، بين ثناياها تذوب كل الأطياف، هى قادرة على استيعاب الجميع، فهى المدرسة والجامعة، وهى المعلم، تحنو، وتصون، وتتفاخر، بكل أبنائها تتفاخر، وبكل الذين مروا عليها تتفاخر، ولكنها لا تتساهل، فى الحق لا تتساهل، وفى الواجب لا تتساهل، ومن يخرج عن منظومتها التى أسست على الوئام والتجانس يجد نفسه منبوذاً تطارده قوانين "أم الدنيا".

القاهرة ستكون بإذن الله "قد الدنيا" كما قال الفريق أول عبد الفتاح السيسى، فهى مصر، أهل مصر كلهم ينادونها بذلك الاسم، لأنها مصدر الإشعاع والإلهام لهم جميعاً، ولأنها بقعة اختزال هذه الأرض الآمنة برعاية المولى عز وجل ونقطة انطلاق الشعب العظيم الذى تكسرت على حدوده أكبر الجيوش والغزوات، ومن داخله هزم كل منحرف وخارج على الإجماع الوطنى، شعب يعرف كيف يداوى جراحه، ويعرف كيف يبتر العضو الفاسد.

والقاهرة تعشق من يعشقها، وتهوى من يهواها، وقد لمست ذلك عند كل أبنائها لحظة ذكر اسم الإمارات، حيث تكفى تلك الأدعية التى تخرج من القلوب الصادقة نحو قادتها، ما أجملها، وما أحلاها، وما أروع الإخلاص عندما يتدفق بعفوية وصدق مشاعر، خاصة تجاه الفريق أول الشيخ محمد بن زايد، الذى زار مصر مؤخراً، فأبناء المحروسة ينظرون إليه كرمز للقائد العربى الذى يفتح قلبه ويبسط يده للشقيق فى وقت الشدة، ويقف مسانداً ومؤازراً وداعماً لمصر فى وقفة تظهر معادن الرجال الأصلاء، وهو من تعلم وتثقف وأخذ من الوالد الراحل الشيخ زايد، ومن الشقيق والقدوة حفظه الله الشيخ خليفة بن زايد، فهذه القاهرة، حتى فى حبها تقهر كل أعدائها، إذا أحبت قدرت، وإذا شكرت أجادت، وإذا قالت أسكتت، فهى صاحبة القول الفصل فى صفحات التاريخ، كانت ولا تزال.
* رئيس جمعية الصحفيين بالإمارات








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة