د. محمد على يوسف

تكفيريون وإن أنكرتم «2-2»

الخميس، 10 أكتوبر 2013 06:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«لينا رب وليكوا رب».. «لا علاقة لكم بالدين».. «متأسلمون والإسلام منكم براء»، كل هذه وغيرها من عبارات نسمعها ممن يفترض أنهم نخب مثقفة تتهم دائما المخاطبين بتلك العبارات بأنهم تكفيريون!! ويا للعجب عبارات قطعية الدلالة التكفيرية يستعملونها لوصف من يرون أنهم تكفيريون!! طب تيجى إزاى؟! أتنهى عن خلق وتأتى بمثله؟ لو افترضنا - جدلا - أن الفئة المخاطبة تكفِّر غيرها، فهل المقابل أن تكفر أنت أيضا وما الفارق والكل يكفر بعضه فى النهاية؟ هذا باعتبار أنهم فعلا تكفيريون وإلا فكما أوضحت فى المقال السابق وأكمله فى هذا المقال، أن هذه التهمة ليست دوما دقيقة وغالبا لا تحمل من مدلولها الشىء الكثير، وأن البعض يسرف جدا فى نفيها حتى يكاد ينفى وجود الكفر نفسه على الرغم من عدم خلو ملة أو دين من اعتبار بعض الأفعال والأقوال من الكفر، وهكذا خلق الله البشر «فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ» وفى القرآن والسنة نجد كثيرا عبارات مثل «لقد كفر» و«الذين كفروا» مقترنة بأفعال وأقوال معينة، وفى المسيحية نجد الحرمان من دخول الملكوت لأناس لم يعتقدوا أو يفعلوا أشياء بعينها، وكذلك فى اليهودية وسائر الملل هناك مؤمن بها وكافر المعيار، إذن ليس فى مطلق التكفير ولكن فى حدوده وضوابطه.. هل هناك من يغلو؟ نعم وبلا شك منذ قرون هناك من يغلو ويكفِّر الناس بالذنب وبالمخالفة، لكن الغلو لا يمرر كقاعدة إلا إذا كان جزءا واضحا من الأدبيات يقول به المنتمون للفكر. جماعة التكفير والهجرة على سبيل المثال كانت تصرح بذلك وتقطع به فى أدبياتها، وتبين لأتباعها أنهم هم فقط جماعة المسلمين وأن من لم يهاجر ويلحق بهم هم كفار ومرتدون، وكانت تصرح بكفر فاعل الكبيرة وكفر العلماء الذين لا يكفرونه وتحرم الصلاة فى مساجد المسلمين وخلف أئمتهم، وترى كل المساجد ضرارا عدا المساجد الأربعة إلى آخره.. هؤلاء تكفيريون.. هكذا وبوضوح انطبقت عليهم وعلى أدبياتهم الشروط التى تجيز وصفهم بذلك. هل قرأت من قبل عن تطور فكر منظرى تلك الجماعة ورؤوسها وفى مقدمتهم المؤسس شكرى مصطفى؟ هل هم فقط المدانون فيما وصل إليه فكرهم، أم أن هناك من دفعهم دفعا بسلوكياته وبطشه واستهانته بالثوابت إلى أن يصلوا لهذه الدرجة؟
إن لكل فعل رد فعل وليس شرطا فى المسائل الفكرية أن يكون مساويا له فى المقدار، بل ربما يكون أشد وأعم مع وجود الجهل والمناخ الملائم، وما يتضح مما حدث بالأمس ويحدث مثله اليوم أننا بصدد دفع مطَّرد نحو تلك الأفكار لتعلو وتزدهر فى مناخٍ قاسٍ يباهى فيه بعضهم بأنهم لا يعرفون دينا إلا مصريتهم وآخرون يقولون: لنا رب وليكم رب فى سعى حثيث بقصد أو بغير قصد لن يوجد إلا حالة من التطرف والتطرف المقابل. إن سلوك بعض المتدينين قد ينفر الناس من دينهم وهذا لا شك فيه واعترفنا به مرارا من خلال النقد الذاتى الذى لا تنقصنا الشجاعة لممارسته منذ سنين ومقالاتنا وحلقاتنا شاهدة وأفضل منها قول الحبيب: «إن منكم لمنفرين» لكن ماذا عن الدفع إلى الجهة الأخرى؟ ماذا عن المبالغة فى الاستهزاء والاجتراء على الثوابت والقيم جنبا إلى جنب مع الإقصاء والازدراء والقمع؟
إذا كان المرء رغم إصراره على رفض عقيدة التكفير بالذنب أو تكفير المخالفين بإطلاق، ورغم حرصه على نشر مبدأ التحرز فى مثل هذا الأمر الجلل واستيفاء شروطه وانتفاء موانعه ثم فى النهاية يُنبذ ويقال له تكفيرى أنت مهما انكرت، ما الذى يتبقى ليمنع هذا الشخص أن يكون كما يصرون على وصفه إلا حرصه على نظر ربه ومعاملته له وحده بتحرزه وتورعه عما يصفون حتى لو ظل فى النهاية فى أعين الناس تكفيريا... وإن أنكر.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmad abdelaziz

إمساك العصا من المنتصف

عدد الردود 0

بواسطة:

sam

سؤال هام ؟

عدد الردود 0

بواسطة:

عبد الله سليم

قلناها ومازلنا نقول ..

عدد الردود 0

بواسطة:

666

انت بجد صعبان عليا

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة