محمد إبراهيم الدسوقى

مسلم ومسيحى وبينهما مصر

الثلاثاء، 08 يناير 2013 11:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى آخر أيام العام المنصرم، اصطف نفر من خيرة المسلمين المصريين العارفين بجوهر دينهم السمح، أمام كنيسة القديسين فى الإسكندرية، لتهنئة المسيحيين بعيدهم وحماية كنيستهم، دون أن يكترثوا بالإنصات لفتاوى مشايخ الفضائيات، بتحريم مبادرة المسلم بتهنئتهم، هؤلاء كانوا نماذج مشرفة للإسلام ولمصر.. فى الوقت نفسه كنا على موعد مع أناس من بيننا أضمروا الشر فجهزوا عدتهم الشريرة لتفجير كنيسة رفح، ونحمد الله أن قوات الجيش تمكنت من إفساد مخططهم الأثيم قبل تنفيذه صباح أمسـ الاثنين.

الواقعتان تلخصان المحنة العصيبة الموضوعة فيها مصر، بسبب حملات التهييج التى يقودها بعض الدعاة فى لحظة حرجة تمر بها البلاد، وظنى أن الحديث عن الثوابت والبديهيات مسألة بالغة السخف ومضيعة للوقت الثمين، خصوصًا مع مرور وطننا، الذى يعيش على ترابه وفى كنفه المسلمون والمسيحيون بأزمة خانقة تزلزل كيانه، وأتعجب من طغيان الفكر الطائفى فى زمن الشدة المنتظر أن يكون الحرص فيه على التكاتف والمؤازرة بين المصريين جميعًا، وليس على التصنيف والفصل الدينى.. فهل نحن فى بحبوحة ورفاهية بحيث اجتزنا بسلام عتبة أزماتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولم يتبق أمامنا سوى شغل العامة بما إذا كان يصح أن أقول للمسيحى كل سنة وأنت طيب بمناسبة عيد الميلاد أم أننى سأتحمل الوزر والإثم إن فعلت ذلك؟

أيضا ما العائد المنتظر من إثارة الموضوع بهذا الإلحاح المريب أن كان الإسلام أباح لأبنائه الزواج من مسيحية، بل وأجاز بقاءها على دينها، وأن زوجها مأمور باصطحابها لمكان تعبدها وعدم إجبارها على اعتناق الدين الحنيف، ثم بعدها نتجادل حول جواز تهنئتهم من عدمه؟ ولماذا ينسى من ينفخون فى النار أن الحضارة الإسلامية كانت حاضنة وضمانة وحامية للمضطهدين من معتنقى الديانات السماوية، وأن اليهود على سبيل المثال ليومنا هذا لا ينكرون أنهم لم يجدوا ملاذًا آمنًا لهم سوى فى البلدان الإسلامية، التى أنقذتهم من بطش الإمبراطوريات الأوروبية لهم؟
ولماذا يتجاهلون قاعدة فقهية واضحة وضوح الشمس ولا خلاف عليها مفادها أن دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة، فالبلد تعصف به الانقسامات والانشقاقات ولا نتوافق ولا نتفق على شىء، وتحرقه أزمة اقتصادية لا نعلم إلى متى سوف تستمر وما سنحصده من ورائها، ويحدثونا عن مؤامرات تحك من أعدائنا فى الداخل والخارج، فهل يعقل أن نزيد رقعة الاختلاف فى ثوب مصر المهلهل غير القابل لتحمل المزيد؟

يا جماعة الخير أن مصرنا تقف على الحافة ومَنْ يضمر لها الخير صدقا عليه الابتعاد عن التمييز بين مواطنيها على أساس دينى، والنظر إلى أهلها ككتلة واحدة مترابطة يجمعهم مصير مشترك يتطلب مشاركة الكل فى مواجهته، فالطوفان عندما يأتى يأخذ معه الجميع ولا يفرق بين المسلم والمسيحى، وحفظ الله بلادنا ممن يريد لها السوء.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى اصيل

كلامك 10/10

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة