كل عام ونحن مصريون

مع إطلالة العام الجديد تلك أمنياتى أضعها بين أيديكم، راجيًا أن تتحقق فى القريب العاجل، حتى تغادر مصرنا نقطة الخطر، وتمر بسلام من ضائقتها الراهنة، بما فيها من معاناة وآلام، وتزيل عن ثوبها الناصع الجميل، الذى لوثناه ببقع سوداء ما كان أغناها عنها:
كل عام ونحن مصريون

فمن الجلى أننا لا نقدر مصريتنا، فالجميع لا ينظر لأبعد من قدميه، ولا يهتم سوى بما يخصه دون الالتفات إلى ما يفيد الوطن، ويزيده قوة ومناعة.
كل عام ونحن متحدون
فالمصريون تفرقوا وتباعدوا، وشيدوا فيما بينهم أسوارا عازلة من الكراهية، والحقد، والرغبة فى الثأر، وتحصيل حق دماء من قتلوا غدرا فى مظاهرات سلمية.
كل عام ونحن منتجون
فالإنتاج لم يعد هدفًا لحركتنا ولتفكيرنا، فما يشغلنا أن تتضاعف المرتبات والحوافز والبدلات من أين؟ لا يهم، فالعقل تبرمج على أن يلبى أصحاب الأعمال والحكومة ما يطلب منهم، ولا مجال للصبر وتقديم القليل من التضحيات لحين الخروج من عنق الزجاجة، الذى التصقنا به، بينما يهرب المستثمرون والمؤسسات الدولية المانحة للقروض والمساعدات، وهو ما يكثف الضغط على البلاد واقتصادها العليل.
كل عام ونحن على موعد مع الحكم الرشيد
فمن بيدهم السلطة، وهم الإخوان المسلمون أغرقونا فى متاهة من القرارات المتضاربة وإعلان دستورى لم يكن هذا وقته، وكنا فى غنى عنه وعن تداعياته وأثاره الرهيبة، ثم إقرار مشروع الدستور بغير توافق المواطنين عليه، والدوران داخل دائرة مغلقة، سعيا لعلاج ما فيه من تشوهات ومثالب، وليتهم فهموا الدرس واستفادوا مما جرى فى الأشهر الخمسة الماضية، لكنهم زادوا من جرعة العناد والسير عكس ما تجمع عليه التيارات السياسية.

كل عام ونحن بدون ميلشيات
فما أسهل أن يتجمع مؤيدو الشيخ الفلانى أو السياسى العلانى ليكونوا ميليشيا تسهر على تنفيذ أوامره وطلباته، وتحاصر بدون نقاش المؤسسات والهيئات القضائية والإعلامية، وتتسبب فى اندلاع اشتباكات مع المخالفين لهم فى الرأى وتسيل الدماء، ومن يدرى فقد يتطور الأمر لتصبح هذا الميلشيا مسلحة تحت ذريعة الدفاع عن النفس ومقار الأحزاب.
كل عام ونحن فرحون
فالبسمة غابت عن شفاه المصريين، ليحل محلها الاكتئاب والإحباط من حال البلد المتردى غير المستقر وغير المعلوم اتجاهه، والنتيجة أن الكآبة أصبحت شعار المرحلة، وهذه أجواء لا تشجع على الإبداع والابتكار للعثور على حلول لمشكلاتنا المتنامية.
كل عام ونحن مصريون حقا