د. مغازى البدراوى

التوعية المطلوبة فى مصر الآن

الأحد، 12 أغسطس 2012 10:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أوجدت ثورة 25 يناير الروح الثورية لدى جموع الشعب المصرى، لكنها للأسف جاءت فى توقيت يفتقد فيه هذا الشعب للوعى السياسى، ولأن الروح الثورية وحدها لا تكفى للتغيير بدون الوعى السياسى، رأينا الشعب الثائر يفتقد للبوصلة والقدرة على التمييز بين الصالح والفاسد، وبين الصادق والكاذب، ووجدنا الكثيرين يقفزون على الثورة يمتطون صهوتها ويوجهونها لخدمة مصالحهم الخاصة، ومن هؤلاء التيار الإسلامى" السياسى" بطرفيه، الإخوان والسلفيين.

لقد خرج الإخوان المسلمون من كهوفهم ومحافلهم السرية، وانطلقوا فى غفلة من الجميع ليتصدروا المشهد السياسى وينفردوا فيه بالأدوار الأولى ويتركوا لغيرهم الأدوار الثانوية والمساعدة، ولم يساعدهم فى ذلك فقط قدراتهم التنظيمية والمادية والدعم الخارجى لهم، بل ساعدهم فى الأساس غياب الوعى السياسى فى الشارع المصرى، ولا يمكن لأحد أن يقنعنى، أنا أو غيرى، بأن قاعدة جماعة الإخوان التنظيمية تضم مليون شخص أو عضو منظم ومبرمج داخل تنظيم الجماعة، ولا يوجد فى العالم كله تنظيم سرى أو معارض يملك مثل هذه القاعدة الكبيرة، وإلا استطاع أن يحصل على السلطة وقتما يشاء وبسهولة، وليس لدى تنظيم الإخوان المسلمين، كما يتصور البعض خطأ، هذه الأجهزة والقدرات الجبارة لتوجيه الملايين لتأييده فى الانتخابات، لكن قوة الإخوان تتمثل فى الأساس فى ضعف الآخرين، وأقصد بالآخرين هنا ليس فقط التيارات والقوى السياسية الأخرى، بل أيضا الجموع الشعبية التى تقودها عواطفها الدينية ومشاكلها الاجتماعية فتتمسك بمن يرفع شعارات قريبة لها ولدينها، وهكذا نجح الإخوان الذين يعتقد الكثيرون خطأ أن نهجهم الشريعة وأنهم حماة الدين، وهم أبعد عن ذلك بكثير، ولا يشكل الدين أى حيز من اهتمامهم فهم منذ منتصف القرن الماضى وهم جماعة سياسية بحتة تحمل اسم دينى، خاصة بعد اغتيال مؤسس الجماعة حسن البنا، كما يعتقد البعض أيضا خطأ أنهم كانوا الأكثر اضطهاداً من قبل النظام السابق، وهذا غير صحيح بالمرة، فقد فرضتهم واشنطن بالقوة على نظام مبارك، وأجبرته على السماح لهم بأكثر من ثمانين مقعداً فى انتخابات عام 2005 التى من السذاجة أن يتصور البعض أنها كانت ديمقراطية، لقد كانت واشنطن ومازالت تستخدم الإخوان لتحقيق مصالحها، وهذا هو المطلوب أن يعرفه الجميع الآن، ولهذا ننادى بالتوعية السياسية الشعبية.

ربما تملك الجموع الشعبية الروح الثورية لكنها فى الواقع تفتقد للوعى السياسى الذى يعينها على التمييز والاختيار الصحيح، فهى تنطلق كالقطيع الذى يندفع كل فرد فيه من منطلقات فردية كالجوع والفقر والبطالة والإحباط الاجتماعى وغيرها، وليس لديها وقت للتوقف والتفكير.

نهج تنظيم الإخوان المسلمين فى مصر سياسى لا علاقة له بالدين سوى الاسم فقط، كما أن الجماعة فى هيكلها التنظيمى، ومنذ رحيل مؤسسها حسن البنا، لم تضم فى قيادتها أية مرجعيات دينية من علماء الدين، ولم تخض فى نشاطها فى القضايا الخلافية الدينية التى كانت تثار ين الحين والآخر، بل كان اهتمامها كله منصبا على الصراعات السياسية.

جماعة الإخوان فى مصر يجب التعامل معها على أنها تنظيم سياسى بحت، وما يؤكد هذا سلوك الجماعة منذ انطلاق الثورة المصرية فى 25 يناير 2011 وحتى الآن، وهذا الأمر يفرض على التيارات السياسية الأخرى، إذا أرادت التغيير، أن تتعامل مع الأمر الواقع على أسس علمية ومنهجية وبتخطيط جاد وسريع، ولا تترك الوقت يضيع منها فى صراعات وخلافات على مقاعد ومناصب بالية داخل مكاتب أحزاب مغلقة لا يعرف عنها الشعب شيئا، بينما الإخوان ماضون فى مخططاتهم، وأهم قضية تقع على عاتق التيارات السياسية بكافة أطيافها هى التوعية السياسية لجموع الشعب المصرى الذى أصبح الآن بالتحديد جاهزاً ومستعداً لهذه التوعية أكثر من أى وقت مضى، وأهم مجال فى التوعية، فى رأيى، هى التوعية الدينية التى هى الجزء الأهم فى التوعية السياسية الآن بالتحديد، على أن تقوم هذه التوعية الدينية على الأسس العلمية التى يزخر بها ديننا الحنيف، فهى السلاح الذى سيحد من اندفاع الجموع الشعبية بلا وعى وراء الشعارات الكاذبة والمضللة، ويجب الاستعانة فى هذه التوعية بعلماء دين مشهود لهم، وبالأزهر الشريف الذى لا يلقى قبول لدى قيادات الإخوان المسلمين، وأيضا الاستعانة بالدعاة الدينيين المعتدلين من ذوى الشعبية والقبول لدى الناس.

التوعية الدينية التى ندعو لها ليست حرباً ضد جماعة الإخوان المسلمين أو غيرها، بل هى موجهة أيضا إلى قواعد هذه الجماعة من الأجيال الجديدة من شباب الإخوان الذين شاهدناهم على صفحات الفيس بوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعى وهم ينتقدون قيادة الجماعة ويتشككون فى مصداقيتها، هؤلاء أكثر من غيرهم يحتاجون للتواصل معهم وللتوعية الدينية الحقيقية، هذه التوعية التى من أجلها أسس حسن البنا جماعة الإخوان وبسببها تم اغتياله، لأنه رفض استخدام الجماعة فى الصراعات على السلطة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

إيهاب

من سيسمع النصيحة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة