رمضان العباسى

لماذا لا تصبح كلية الشرطة من كليات القمة؟

السبت، 07 يوليو 2012 01:24 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لاشك أن براءة الأطفال تفضح واقع المجتمع وتكشف أفعال وسياسات الكبار، فقد كان حلم الطفولة لدى الكثير من رجال اليوم أن يكونوا ضباط شرطة عندما يكبرون، كانوا يتخيلون أنفسهم وهم يضعون النجوم على أكتفاهم، يمارسون دور الشرطى فى ألعابهم ويحلمون باليوم الذى تعمل فيه الناس ألف حساب لهم، لم يأتى هذا الحلم الطفولى من فراغ، بل شكله المجتمع فى وجدان الصغار بعدما أظهر النظام البائد الشرطى بأنه رمز السلطة والجاه، والشخص الذى يحظى بالتبجيل والتعظيم والوجاهة الاجتماعية، وتفتح أمامه كل الأبواب، يفعل ما يريد دون حساب، رغم جرائمه ومخالفاته القانونية وتعديه على حقوق الإنسان إلا أن وسائل الإعلام كانت تجعله من الملائكة على الدوام.
فالكثير من الأطفال إن لم يكن جميعهم مارسوا لعبة "شرطى المرور" أو " العسكر والحرامية" وكلها ألعاب تظهر تفوق وذكاء وقوة رجل الشرطة وقدرته على مواجهة الصعاب وامتلاكه الصلاحيات المطلقة لفعل ما يشاء، هذه الصورة التى رسمها النظام البائد لرجال الشرطة فى عقول الصغار تهشمت على صخرة الواقع بعدما كبر الصغار واكتشفوا أن الشرطى هو الأداة التى يبطش بها النظام ويقمع بها المواطنين، فى الوقت الذى يجب أن يكون فى خدمة الشعب، وأن يستمد قوته من خدمته للناس وليس البطش بهم.
لقد وصل الأمر بالنظام السابق أن غير شعار الشرطة من "الشرطة فى خدمة الشعب" إلى الشرطة والشعب فى خدمة الوطن" وكأنه إعلان رسمى بتغير دور الشرطة. لم يكن تغير الأداء الشرطى من خادم للشعب إلى أسياد الشعب نابعاً من الإجرءات والمهام والصلاحيات التى فرضها النظام على الشرطة فى تعاملها مع المواطنين فقط، بل من عملية اختيار الطلبة للالتحاق بكلية الشرطة، فقد جعل النظام البائد كلية الشرطة خارج إطار التقييم المعمول به فى دول العالم، ومنحها وضعا خاصا بعدما جعل الواسطة والمال المعيار الأول للإلتحاق بها، فى الوقت الذى نجد فيه كليات أخرى متواضعة فى مهامها بالمقارنة بدور الشرطة، تضع الكثير من الضوابط والشروط والقواعد للإلتحاق بها، فهل كان النظام البائد يعتبر كلية الشرطة أقل من الكليات الأخرى، الواقع يؤكد أن النظام السابق وضع معايير خاصة للالتحاق بكلية الشرطة، فلا مانع أن تكون من الحاصلين على أقل مجموع، المهم أن تكون قادرا على الدخول إلى زمرة النظام بامتلاك الواسطة والمال. لذلك خرجت كلية الشرطة العديد من الضباط الذين لا يستطيعون ممارسة مهامهم بكفاءة وذكاء، فكانت القوة والبطش الحل فى تعويض نقص القدرات والإمكانيات، ومن هنا كان الجفاء بين الشعب ونسبة كبيرة من رجال الشرطة وقد أدى استفحال هذه الممارسات والغلظة فى مواجهة الناس إلى المساهمة فى تفجير ثورة يناير المجيدة.
نتمنى أن يكون ضابط الشرطة من الطلبة المتفوقين فى الثانوية العامة الذين يتمتعون بقدر كبير من الذكاء، حتى يستطيعوا أن ينجزوا أعمالهم بعقولهم وتفكيرهم وليس بطشهم، لذلك يجب أن تكون كلية الشرطة من كليات القمة والدخول إليها يستوجب الحصول على أعلى الدرجات التى تؤكد قدرة الطالب على الاستيعاب والذكاء.
لقد حان الوقت ألا تكون كلية الشرطة ملاذ الطلبة الحاصلين على أقل الدرجات فى الثانوية العامة ولا يملكون من المهارات سوى المال والواسطة.
فلا يعقل أن تشترط كليات الطب والإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية والألسن وغيرها من الكليات الأخرى الحصول على أعلى الدرجات، أما الأشخاص الذين يُلقى إليهم فى المستقبل بمهمة كشف الجرائم ومواجهتها قبل وقوعها وحل ألغازها يكونون من الطلبة الأقل فى المجموع، وبالتالى الأقل فى الفهم والذكاء والاستيعاب.
ولا يعقل أن تكون كلية الشرطة ذات شأن عظيم فى المجتمع، فى الوقت نفسه يكون الدخول إليها بأقل مجموع، هذا التناقض لا يوجد سوى فى المجتمع المصرى الذى يعج بالكثير من التناقضات التى صاغها مبارك وأعوانه. كما هو الحال بالنسبة للنيابة حيث نجد خريج كلية الحقوق ناجح بدور ثان محجوز له مكان فى سلك القضاء وزميله الحاصل على امتياز بلا عمل، فى ظل سياسة توريث المهن التى أسس لها النظام البائد ويدفع الوطن ثمنها الآن.
نتمنى أن تكون كلية الشرطة هذا العام من كليات القمة، فى الوقت نفسه لا يُكتفى بالمجموع وتطبق أكاديمية الشرطة الاشتراطات الأخرى التى تعزز من دور المجموع من خلال مقابلات شخصية حقيقية وليس كشف الواسطة، بالإضافة إلى تطبيق المعايير الصحية التى تناسب طبيعة الوظيفة، فهل تبدأ الشرطة عصرا جديدا؟ بدءا من الطلبة المتقدمين إليها، نتمنى ذلك حتى تكون لدينا شرطة نتباهى بها، وليس شرطة نكره وجودها ونخشى بطشها.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

دقدق

والله عندك حق

اقتراح جميل

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد حسن

وفيه اقتراح تاني برضه

عدد الردود 0

بواسطة:

naser mohamed

عاوزين نقدم احنا برضه

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود خالد

الأمل الوحيد للعهد الجديد في أمن عتيد

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد سعيد

هذا ما كنت افكر فيه

عدد الردود 0

بواسطة:

jack

مش كلية الشرطة بس اغلب الكليات العسكرية

عدد الردود 0

بواسطة:

وحيد

بل الحل هو الغاء كلية الشرطة

عدد الردود 0

بواسطة:

shady

التغير

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو محمد

فكرة ممتازة ياستاذ رمضان نتمنى ان يامر الوزير بالعمل بها

عدد الردود 0

بواسطة:

مختار صبري

فكرة اخري لبكرة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة