الساحرة المستديرة وقصر الرئاسة.. أيام الشهد والدموع.. الغموض يسيطر على مصير كرة القدم فى الجمهورية الثانية تحت قيادة الرئيس محمد مرسى بسبب إيقاف النشاط الكروى منذ ثورة يناير

الثلاثاء، 24 يوليو 2012 09:34 ص
الساحرة المستديرة وقصر الرئاسة.. أيام الشهد والدموع.. الغموض يسيطر على مصير كرة القدم فى الجمهورية الثانية تحت قيادة الرئيس محمد مرسى بسبب إيقاف النشاط الكروى منذ ثورة يناير محمد نجيب و جمال عبدالناصر ومحمد أنور السادات
كتب - محمد سالمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك علاقة وطيدة جمعت كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى فى مصر والسلطة السياسية طوال العقود الماضية، وليس من قبيل المبالغة القول بأن الكرة المصرية عاشت فى أحضان السلطة، تتمتع بخيراتها ودعمها الكامل على أعلى مستويات الدولة، رغم توالى أربعة رؤساء ومشيرين خلال 60 عاما هى عمر جمهورية العسكر، الأمر الذى أثار الشبهات حول هذا التواصل الدائم بين الطرفين، والأغراض الكامنة من ورائه.

إلا أن التحول السياسى الحاد إثر ثورة 25 يناير وما تلاه من انتخاب مرشح حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد مرسى كأول رئيس مدنى للجمهورية الثانية، فتح باب التكهنات حول مستقبل الساحرة المستديرة فى الجمهورية الثانية.

الكرة المصرية وراء غرق العبارة السلام 98
إذا حاولنا استعراض تاريخ علاقة الكرة المصرية مع السلطة السياسية أو ما يُمكن تسميتهم بمراكز القوة فى البلاد فهناك تاريخ لا يُمحى من الأذهان، حينما وقعت حادثة العبارة السلام 98، التى راح ضحيتها مئات المصريين، وكان ذلك يوم 2 فبراير عام 2006، الذى صادف أنه أحد أيام بطولة الأمم الإفريقية المقامة وقتها فى البلاد.
الأزمة ليست فى كارثة أودت بحياة المئات من المصريين، لكن فيما حدث بعد الحادث الأليم بيوم تقريبًا من احتفاليات أقامها المصريون فى الشوارع بانتصار حققه المنتخب الوطنى فى البطولة متناسين أحزان مئات الأسر المصرية.
لم يكن عجيبًا اهتمام جميع القيادات السياسية بالبلاد، وعلى رأسهم الرئيس المخلوع حسنى مبارك، لأن فى مصلحتهم أن تمر الأزمة مرور الكرام، إنما الأعجب أن أفراد الشعب المصرى نفسه أصحاب القضية نزلوا إلى الشوارع احتفالا بالفوز بالبطولة على حساب منتخب كوت ديفوار فى المباراة النهائية، وتجاهلوا غرقى العبارة وأحزان أهاليهم، وكأنهم يتناسون الكارثة عن عمد، أو بفعل فاعل، ومن هذه الزاوية نطل على تاريخ علاقة الكرة مع السلطة.

البداية مع سيارة نجيب
وتبدأ القصة بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، بحوالى ثلاثة أشهر مع اللواء محمد نجيب، أول رئيس فى تاريخ مصر، عندما طافت سيارته ملعب كوبرى القبة فى المباراة الافتتاحية للموسم الكروى الجديد يوم 17 سبتمبر من العام نفسه بين منتخب القوات المسلحة ومنتخب أندية القاهرة، التى فاز فيها الأول بثلاثة أهداف مقابل هدفين.
وحرص نجيب على أن تطوف سيارته ملعب المباراة بالكامل لتحية الجمهور الغفير الموجود فى المدرجات، التى ظلت تهتف له وللثورة، وهو مستمتع بهذا التواصل مع جموع الشعب.
مشهد حضور نجيب وأعضاء مجلس قيادة الثورة لمباريات كرة القدم تكرر بعد هذه المباراة عديدا من المرات، واتضح أن تواجد رجال القيادة فى المنافسات الرياضية وعلى رأسها كرة القدم.

مباراة «هزت» مجلس قيادة الثورة
وفى هذا المضمار، كان حضور 13 عضوا من أعضاء مجلس قيادة الثورة مباراة منتخب مصر مع إيطاليا فى تصفيات مونديال 1953 بسويسرا، وعلى رأسهم محمد نجيب شخصيًا الذى أصر على ركل كرة البداية بنفسه، دليلأ على العناية الفائقة التى حازت عليها الكرة فى ذاك الوقت لدرجة تشعرك أن حدثا جللا يدور فى البلاد يتطلب هذا الحشد الكبير من المسؤولين.
وعلى الرغم من هزيمة منتخب الفراعنة فى هذا اللقاء بهدفين مقابل هدف وحيد أحرزه الديبة نجم الاتحاد السكندرى، فإن الغرض من المباراة لدى جنرالات الحكم كان استوفى جميع أركانه وحدث ما أرادوا من تواصل مع الجماهير.

ناصر «جنّد» الكرة
«نجيب» لم يدم فى السلطة طويلاً، وأطاح به مجلس قيادة الثورة، وتولى جمال عبدالناصر حكم البلاد إلا أن منهج السلطة فى التعامل مع اللعبة الشعبية الأولى لم يتغير لكن جد عليه جديد، وهو ما يتعلق بفكر ناصر شخصيًا سواء على الصعيد الخارجى من تبنيه لفكرة القومية العربية وتأدية مصر لدورها داخل القارة الإفريقية، أو الداخلى من ضرورة عمل جميع أفراد الشعب المصرى داخل منظومة واحدة تصب فى مصلحة الوطن.
ومن الوقائع التى توضح فكر عبدالناصر مع الكرة مثلا طلبه أن تُساهم عائد مباريات كرة القدم فى صفقات تسليح الجيش المصرى، وهو سرعان ما تحقق وفقًا لرغبة رئيس الجمهورية. وكانت المباراة الأولى التى حضرها «ناصر» بين الأهلى والزمالك فى 21 أكتوبر عام 1955، وتم تخصيص جزء من عائدها لصالح صفقة تسليح الجيش المصرى، وانتهت بتعادل القطبين.
وإضافة إلى مساهمة الكرة فى السياسة الداخلية فى البلاد كان للساحرة المستديرة دور فى السياسة الخارجية، وفقًا لما أراده عبدالناصر، فمثلا طلب الرئيس الراحل أن تساهم الكرة فى دعم الروابط الإفريقية، وهو ما كلل بإقامة بطولة كأس الأمم الإفريقية 1957، واستطاع الفراعنة اقتناص لقبها حينذاك، وهكذا كان الطريق فى تعامل ناصر مع الكرة.

المشير عبدالحكيم عامر .. مشجع درجة ثالثة!
وفى فترة حكم «ناصر» كان هناك رجل قوى آخر فى السلطة لا يقل عنه فى النفوذ هو المشير عبدالحكيم عامر الرجل الثانى فى مجلس قيادة الثورة الذى كان مهووسًا بالكرة حقًا، وهو يعد من أكثر مراكز القوة فى تاريخ الكرة دعما للساحرة المستديرة.
عامر كان زملكاويا شديد التعصب لناديه، وفى علاقته مع الكرة ذابت كل الفوارق، وبدا العاشق متحكما، يكفى فقط فى البداية معرفة أنه تولى رئاسة اتحاد الكرة يوم 10 فبراير عام 1958 لكن الوقائع كلها تشير إلى أنه تعامل مع الكرة المصرية بفكر مشجع درجة ثالثة.
كل الوقائع تُشير إلى أن المشير الأول فى حياة الكرة المصرية تعامل مع لعبة كرة القدم بفكر مشجع درجة ثالثة، وفى تاريخه كثير من القصص والوقائع مع الساحرة المستديرة، مثلا منها ما حدث فى موسم 1961/1962، ويرويه الراحل عبده صالح الوحش، المدير الفنى للأهلى وقتها، أنه تقدم بطلب إلى مجلس إدارة النادى يبدى فيه رغبته فى الاستعانة باثنين من اللاعبين من خارج صفوف الشياطين الحمر وهما بدوى عبدالفتاح من الترسانة، ومحمد بدوى من المصرى، استعدادًا للقاء الودى العالمى أمام نادى بنفيكا البرتغالى بطل أوروبا حينذاك.
ويُضيف الوحش أنه فوجئ بمجلس الإدارة يطلب منه الاستعانة باللاعبين من الزمالك بدلا من اللاعبين الذى طلبهما، لذا أبدى دهشته من الطلب الغريب، والسر وراء تعجبه أنه كان قد واجه الفريق الأبيض منذ أيام قليلة، وسحقهم بثلاثية نظيفة، وليس فى حاجة فنية للاعبى الزمالك.
وفى واقعة أخرى أكثر غرابة لعامر مع الكرة، هى أنه فى إحدى مباريات المنتخب الوطنى فى ستينيات القرن الماضى أمام اليونان، تقدم أحفاد الإغريق على الفراعنة فى شوط المباراة الأولى، وكان المشير حاضرا، وبدا عليه الغضب جدًا من أداء اللاعبين، لذا نزل إلى غرفة خلع ملابس اللاعبين بين شوطى المباراة، وقال لهم بالحرف الواحد «أريد نضالا وكفاحا فى الملعب»، ولم يقتصر الأمر على تحفيز اللاعبين، بل أصدر تعليمات للمدير الفنى بضرورة إشراك اللاعب «حرب»، وهو ما نفذه المدرب فورًا، واللاعب «حرب» هو اللواء يوسف الدهشورى حرب الذى سيصبح رئيسا لاتحاد الكرة المصرية فى وقت لاحق.
أمّا الواقعة التى لا تنساها الذاكرة المصرية، هى ما حدث فى عام 1963 عندما أقيمت مباراة فى بطولة كأس مصر بين الزمالك «فريق المشير» والقناة، وأدار هذا اللقاء تحكيميا العميد على قنديل، الذى يعد هو بطل الواقعة.
وترجع أصل الواقعة عندما اندلعت أحداث شغب فى المدرجات بسبب ثورة الجمهور الأبيض فى المدرجات بعدما أدرك أن فريقه على وشك الهزيمة حيث بدأوا فى إلقاء الحجارة على أرض الملعب، وبالمثل وقعت أحداث شغب فى الملعب لدرجة أن محمد رفاعى نجم الزمالك اشتبك مع على قنديل، حكم اللقاء، ونشرت الصحف فى اليوم التالى صورًا لأحداث الشغب، ومنها صورة تُظهر رفاعى «الزمالك» وهو يصفع حكم المباراة.
الأزمة لم تكن فى صفع لاعب لحكم فى مباراة للكرة، إنما كانت أكبر من ذلك، والسبب أن لاعب الزمالك كان مجندًا فى الجيش، وحكم اللقاء هو عميد فى القوات المسلحة، وهو ما أغضب بعض رجال الجيش الذين اعتبروا الواقعة إهانة لقيم ومبادئ المؤسسة العسكرية.
الواقعة مرت مرور الكرام من داخل أروقة اتحاد الكرة، بالطبع خوفًا من بطش المشير باستثناء شخص واحد استفزه تطاول مجند على عميد، وهو اللواء عبدالله رفعت، الحكم الدولى، الذى طلب معاقبة هذا اللاعب بشدة على فعلته المشينة.
حمية الحكم الدولى على القيم والمبادئ كلفته الكثير، حيث فوجئ فى اليوم التالى لطلبه معاقبة رفاعى «الزمالك» باستدعاء من المشير، الذى جعل اللواء يتخيل أنه بصدد تكريم أو إشادة على الأقل، لكنه صدم بوصلة من التوبيخ والتعنيف، انتهت بإصدار قرار بمنعه من دخول مباريات كرة القدم طوال حياته، والطرد من الجبلاية بسبب تجرؤه على نادى المشير المفضل الذى كان يترأسه شقيقه حسن عامر وقتها.
وتنتهى حياة الرجل الثانى فى مجلس قيادة الثورة بعد وفاته منتحرا فى يوم 14 سبتمبر 1967 كما أعلن فى حينها بسبب تأثره بهزيمة حرب 5 يونيو 1967، والتى أصابت النشاط الكروى بحالة كبيرة من الركود حتى أعيدت للحياة مرة أخرى بقرار من عبدالناصر شخصيًا.

السادات «نسى» الكرة
توفى عبدالناصر فى 9 يونيو 1967، وتولى قيادة البلاد من بعده نائبه محمد أنور السادات، الذى لم يكن محبًا للكرة بدرجة عامر أو مدركا أهمية دورها فى مجال السياسة مثل عبدالناصر أو من قبله محمد نجيب، وبمعنى أصح كانت الظروف السياسية غير مواتية للاهتمام بمجرد لعبة رياضية حسبما تشير كل الأحداث فى تعامل السلطة مع الكرة فى عهده.
لكن العلامة الأبرز للكرة فى عهد السادات، هى ما تتضح فى مقولته الشهيرة وقتها، والتى ترددت كثيرًا فيما سبق انتصار أكتوبر 1973، وهى أن «الشعب المصرى بيفطر فول ويتغدى كرة ويتعشى أم كلثوم»، إنها ليست جملة عابرة بل دليل دامغ على أن الإلهاء كان متعمدًا يشمل كل أوقات الشعب المصرى، والكرة متهم رئيسى فى هذه القضية.
وفى هذا الصدد، دائمًا ما تُتهم الكرة بأنها أداة فى يد السلطة من أجل إلهاء الشعب، فى أوقات الأزمات، وهو ما سيثبت بالدليل القاطع فى مراحل لاحقة، وتجسد وقتها بأن مطلب الشعب الوحيد هو الحرب واستعادة سيناء «المحتلة» من المغتصب الإسرائيلى.
استمر الحال كما هو بين الكرة والقيادة السياسية فى عهد السادات حتى بعد انتصار أكتوبر، فيما يعنى أن الكرة كانت خارج حسابات القيادة السياسية وقتها، إلى أن تم اغتيال السادات فى 6 أكتوبر 1981 فى حادثة المنصة الشهيرة، ويأتى الدور على الطيار محمد حسنى مبارك، ليكون الجنرال الرابع فى حكم مصر.

الكرة المصرية تعشق «المخلوع»!
الكرة المصرية مع مبارك، عاشت عهدًا ذهبيًا ربما لن يتكرر لما وجدته من عناية فائقة كل الحدود على مدى ثلاثين عاما هى عمر حكم مبارك للبلاد.
وفى عهد مبارك حققت مصر لقب كأس الأمم الإفريقية خمس مرات من ضمن سبع ألقاب حققتها على مدى تاريخه، فاللقب الأول يرجع إلى عام 1986 بالقاهرة، وحضر مبارك المباراة النهائية على استاد القاهرة وسلّم الكأس إلى مصطفى عبده، قائد المنتخب الوطنى وقتها بعدما تغلب الفراعنة على الكاميرون فى المباراة النهائية بركلات الترجيح.
أما البطولة الأفريقية الثانية، فكانت فى بوركينيا فاسو عام 1998، حينها استقبل مبارك الفريق فى مطار القاهرة فى المطار فور عودته، وهنأ كتيبة محمود الجوهرى، مدرب الفراعنة وقتها، والتقط الصور التذكارية بجانب الكأس الذى يحمله قائد الفريق حسام حسن، ومعه بقية اللاعبين.
الغريب ليس فى اهتمام رئيس بمنتخب بلاده لكرة القدم، فهذا يحدث فى معظم دول العالم المتقدم منها والمتأخر، لكن الغريب حقًا هو ما بدأ يحدث فى كأس الأمم الإفريقية مصر 2006، والتى توّج المنتخب بلقبها، فإبان هذه البطولة بدأ اهتمام السلطة السياسية فى ازدياد، وكأنه مقصود من جميع مرافق الدولة بناءً على تعليمات عليا، وعلى هذا الحال مضت باقى سنوات حكم مبارك، ونجح الفراعنة بقيادة حسن شحاتة فى التتويج بلقبى بطولتى غانا وأنجولا 2008 و2010 على الترتيب.

الوصول إلى كأس العالم «كارثة دبلوماسية»
ورغم أن مصر تحولت فى هذه الفترة تقريبًا مستطيلا أخضر لكن الكارثة لم تقع بعد إلا أنها كادت تقع عندما بدأ المصريون يعلقون أمنياتهم على كتيبة شحاتة الذهبية فى الصعود إلى مونديال جنوب إفريقيا 2010، ولسوء الحظ أوقعت القرعة منتخب مصر مع الجزائر لما بين الفريقين من حساسية متوارثة على مدى أجيال متعاقبة, فقبل التصفيات ظن الجميع أن تذكرة الصعود محجوزة لصالح الفراعنة نظرًا للفوارق الفنية الكبيرة بينه وبين باقى فرق المجموعة التى ضمت الجزائر وزامبيا ورواندا لكن البداية المتعثرة للمنتخب بالتعادل مع زامبيا فى القاهرة ثم الهزيمة من الجزائر فى الجزائر أزّمت الموقف، لكن تمكن المنتخب من النهوض والسير بقوة فى قطار التصفيات حتى وصل أمر الصعود إلى نقطة فاصلة وهى مواجهة بين مصر والجزائر فى القاهرة، ويتحتم على المصريين الفوز بفارق ثلاثة أهداف للصعود.
الأزمة لم تكن فى المباراة، لكن ما سبقها من شحن إعلامى وصل إلى حد الشحن الذى يسبق الحروب بين الدول، لدرجة أن رجل الشارع العادى فى مصر والجزائر بات يُشبه عداوته للآخر بمدى عداوته للكيان الصهيونى.
اللقاء أقيم فى جو شحن غير عادى، وتمكن المنتخب المصرى من الفوز بهدفين، ودفع الفيفا لإقامة لقاء فاصل على الصعود إلى المونديال فى العاصمة السودانية الخرطوم وعلى ملعب أم درمان، ونجح المنتخب الجزائرى فى الفوز فى هذه المباراة بهدف نظيف، ومن ثم التأهل إلى مونديال جنوب أفريقيا.
ما تلى المباراة كان كارثيًا حقًا بسبب اعتداء الجمهور الجزائرى على نظيره المصرى رغم فوز الأول، ومع حالة التضخيم الإعلامى التى صاحبت هذه الواقعة أصبح الوضع داخل الشارع المصرى مشتعلا للغاية، واندلعت مظاهرات أمام السفارة الجزائرية تطالب بطرد السفير الجزائرى من مصر، وعاش الجزائريون فى مصر أياما صعبة بسبب حالة الكراهية التى تأججت بين الطرفين على خلفية مباراة كرة قدم.

الكرة تخون مبارك
إبان هذه الفترة تكرر نزول المصريين إلى الشوارع ابتهاجا بالنصر وراء الآخر الذى يُحققه المنتخب المصرى، كأنه كان بروفة للنزول الأكبر الذى تجسد فى ثورة 25 يناير 2011 والمطالبة بإسقاط النظام، وبالفعل نجح المصريون فى تنفيذ مطالبهم وخلعوا مبارك فى يوم 11 فبراير من العام نفسه، لينتهى عصر الأب الروحى للرياضة المصرية وراعى الرياضة والرياضيين.

«طنطاوى» آخر داعم للكرة فى السلطة
وفى أثناء تولى مبارك، كان فى حياة الكرة المصرية رجل آخر مهتم بها لكن على نطاق أصغر بكل تأكيد عما كان يفعله المخلوع، هو المشير حسين طنطاوى، وزير دفاع مبارك خلال عشرين عاما كاملة، الذى يُمكن تصنيفه على أنه امتداد للمشير عبدالحكيم عامر المشير الأول فى حياة الكرة المصرية سواء فى الاهتمام الزائد بها أو اقتناعه بدوره فى لعب دور سياسى.
طنطاوى كان يعتبر ناديى حرس الحدود وطلائع الجيش مملكته الخاصة فمنذ صعودهما إلى الدورى الممتاز بدأ اهتمامه بهما فى تزايد، تمثل فى تدخله شخصيًا أحيانًا لحسم صفقات لاعبين متعثرة.

عودة الدورى كارثة
اهتمام المشير بالكرة ظهر جليًا بعد قيام ثورة 25 يناير، بعد تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة قيادة البلاد بعد تنحى مبارك، من خلال إصرار المجلس العسكرى على استئناف الدورى العام رغم التحذيرات من حالة الانفلات الأمنى المسيطرة على الشارع المصرى.
ومن الوقائع التى تُدلل على اقتناع طنطاوى ومجلسه العسكرى بأن الكرة هى جزء من المنظومة الوطنية التى لا بد لها أن تعود للحياة، وعلى رغم من تكرر حوادث الشغب فإن العسكرى أصر على استكمال مسابقة الدورى العام، بل إقامة مباراة القمة بين الأهلى والزمالك بالقاهرة يوم 29 يونيو عام 2011 فى إطار الـ 27 من عمر الدورى، رغم اعتراض الجهات الأمنية على إقامة المباراة التى انتهت بالتعادل بين الفريقين، بالإضافة إلى مصادفة وقوع حادثة مسرح البالون الشهيرة التى خلفت العديد من الضحايا جراءها, ويستكمل الدورى العام موسم 2011/2012، وينطلق الموسم الجديد على الرغم من التحذيرات من إقامة المسابقة فى هذا الوضع الذى يُنذر بكارثة، ويستمر الوضع إلى أن يحين موعد الكارثة فى ليلة الأربعاء الموافق 1 فبراير عام 2012، عندما التقى الأهلى فريق المصرى البورسعيدى بالأسبوع الـ 17 من عمر الدورى، لتندلع أحداث شغب فى نهاية المباراة، وتخلف عشرات القتلى ومئات المصابين من جمهور الأحمر.

رأس المشير
وهنا يظهر المشير الثانى فى حياة الكرة المصرية أخيرًا فى الصورة بعدما عاش حياته كلها وراء الكواليس، والمكان هو مطار ألماظة الحربى، حينما ذهب لاستقبال فريق الأهلى وجثث الضحايا القادمة على متن طائرة حربية من بورسعيد، ووقف يوجه كلماته للشعب المصرى عبر وسائل الإعلام، قائلا عن الكارثة: «مصر ماشية فى طريقها بس لازم الشعب يشترك فى حاجة زى دى، هو الشعب ساكت ليه على الناس دى، ما اللى عملوا كده أفراد من الشعب!».
بعدها تجتاح المظاهرات شوارع مصر وتشارك فيها بقوة روابط مشجعى الأندية، بالتحديد ألتراس أهلاوى المتضرر الأول من الحادث، لتُطالب بالقصاص من الجناة، وأن يكون رأس المشير هو أول فداء لضحايا بورسعيد مثلما أعلن الألتراس فى بيان رسمى حينذاك، وبعدها يلغى الدورى، ويسدل الستار على قصة كرة القدم مع السلطة فى الجمهورية الأولى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

amr

وفاة عبدالناصر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (^_*)

عدد الردود 0

بواسطة:

مستشار قانونى محمد هلال الاسيوطى

ثورة تصحيح

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد اسماعيل احمد اسماعيل

حتى الكوره

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة