محمد إبراهيم الدسوقى

مصر فى زنزانة مبارك

الإثنين، 04 يونيو 2012 10:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للشاعر الإيطالى أرتورو جيوفانيتى، قصيدة معبرة عنوانها "السائر"، يتحدث فيها عن مشاعر سجين قابع داخل زنزانته الضيقة، يقول فى مطلعها:
طوال الليل
أسمع وقع الخطى فوق رأسى
خطى تجىء وتذهب، تجىء ثم تذهب
طوال الليل
يتمطى الصمت والليل واللانهاية
فلا نهائية هى هذه الأشبار
التسع من زنزانة السجن
لم أجد خيرًا من تلك الأبيات، للتعبير عن وضعنا الراهن، فالمصريون ظنوا أنهم غادروا الزنزانة الكئيبة الموحشة لنظام الرئيس السابق حسنى مبارك، وانطلقوا إلى فضاء الحرية غير المحدود، عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، لكننا بعد عام ونصف اكتشفنا أننا لم نغادر الزنزانة، وما زلنا مقيدين بخطوات معدودة لا نتخطاها. فكلما توهمنا أننا فى طريقنا لخارجها نرتد على أعقابنا خاسرين، فقد عقدنا الأمل على كتابة دستور جديد يحفظ آدميتنا وحرياتنا، ويبنى دولة المؤسسات الغائبة، غير أن من وضع الإعلان الدستورى كبلنا بمواد، أخذنا ندور حولها، وتعبنا من كثرة النقاش حول سوءاتها ومثالبها، وبعد عناء ومشقة أخفقنا فى تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور التى فصلت على مقاس الإخوان المسلمين، مما اضطرنا للعودة إلى المربع الأول، بحثا عن مخرج آمن يمكننا من التوصل لاتفاق مقبول لتشكيلها.
كذلك راودتنا أضغاث أحلام تأسيس نظام سياسى ديمقراطى تعددى، فور إجراء الانتخابات البرلمانية، فإذا بنا نرجع للخلف باستبدال الحزب الوطنى بالحرية والعدالة، ومعه التيارات الدينية المتحالفة معه، وغرقنا فى أوحال اتهامات شراء الأصوات، والتزوير، واستقطاب الناخبين بطرق غير مشروعة، ثم فى انتقاد الأداء الباهت المخجل لنواب برلمان الثورة الذين لم يكونوا على مستوى الحدث والظرف التاريخى. وبدا وكأننا نشاهد نسخة مشوهة من برلمان فتحى سرور وأحمد عز، وتقهقرنا للوراء محبطين، وتبخرت آمالنا وأحلامنا فى برلمان مختلف، لا يبحث نوابه عن الشهرة وأضواء الكاميرات.
وفى منتصف الطريق تجادلنا واختلفنا بشأن حرمان أقطاب عهد مبارك من العمل السياسى لعدد معلوم من السنوات، حتى يتطهر جسد الدولة المصرية من مفاسدهم وأخطائهم، وحينما صدر القانون كان الوقت قد تأخر، ولا يصح تطبيقه بأثر رجعى، وعوضاً عن أن تكون الانتخابات الرئاسية نقطة نور ساطعة تهدنا وتبشرنا بمستقبل واعد، إذا بنا نفاجأ بأنه مطلوب منا المفاضلة بين كابوسين، وبتنا قريبين من استنساخ مبارك آخر فى شخص الفريق أحمد شفيق، فإن لم يعجبك باستطاعتك اختيار الدكتور محمد مرسى، لكى يتحكم الإخوان فى كل ما يقع تحت سماء مصر من مواقع قيادية، فنحن سائرون نحو المجهول.
بعدها انتظرنا الفرج فى أحكام محاكمة القرن لمبارك ونجليه وقيادات جهازه الأمنى الغاشم، لنصدم بمحصلتها الفقيرة المفجعة، ليفقد كثيرون ثقتهم فى القضاء واستقلاله، ولنعود لسابق عهدنا بعدم تقدير واحترام القانون، وهو سمة غلبت على المواطنين خلال حكم مبارك، لأنهم تيقنوا حينها من أنهم لن يحصلوا على حقوقهم بواسطته، ولتندلع موجات الغضب والاحتجاج فى محافظاتنا اعتراضًا على تبرئة قادة وزارة الداخلية المتهمين بقتل الثوار المتعين البحث عن اللهو الخفى الذى قتلهم، وطالبتنا القوى الثورية غير الموحدة بالاستعداد لثورة جديدة لدى فوز شفيق.
البعض الآخر حدثنا عن أن الدم بالدم، وبما أن القانون عجز عن القصاص لشهداء ومصابى الثورة فلا محيص سوى الأخذ بالثأر والانتقام من المتهمين الذين برأهم القضاء أى اللجوء لشرعية الغاب، وفتح الأبواب أمام عمليات تصفية وانتقام ممن يحملهم العامة مسئولية سفك دماء أبنائهم. الحصيلة النهائية فى كل ما سلف أننا بسوء تصرفاتنا وتصرفات نخبتنا السياسية والدينية نلف حول أنفسنا بدون إنجاز شىء حقيقى ملموس على أرض الواقع، لأننا لم نبرح بعد زنزانة مبارك التى اعتدنا على السير فيها بدون أمل ورجاء فى غد أفضل، فمتى ياترى سنغادرها للأبد؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

khaled

شفيق وريث مبارك .....بمباركة العسكرى

عدد الردود 0

بواسطة:

الفاتح

زنقة زنقة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة