صلاح عيسى

مشاهد تاريخية من مسرح مجلس الشعب!

الجمعة، 02 مارس 2012 04:22 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نجح تحالف نواب «الإخوان المسلمين» و«السلفيين» و«الوفد»، بمجلس الشعب فى إنقاذ النائب «مصطفى بكرى»، وأفشلوا المحاولة التى قام بها نواب أحزاب «الكتلة المصرية» - ذات التوجه الليبرالى - لإحالته إلى لجنة القيم بالمجلس - لمحاكمته بتهمة قذف وسب «د.محمد البرادعى» - المدير السابق لهيئة الطاقة الذرية والمرشح المنسحب من سباق انتخابات الرئاسة - رداً على مطالبة «بكرى» بإحالة النائب «زياد العليمى» إلى اللجنة ذاتها، بتهمة سب المشير «حسين طنطاوى» رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة - التى استجاب لها المجلس، انطلاقاً من قاعدة «سيب وأنا سيب» البرلمانية، التى تقضى بإحالة النائبين إلى لجنة القيم.. وتحقيقا للتقاليد البرلمانية المصرية التى استقرت على أن سب الآخرين - تحت القبة أو خارجها - هو من شيم النواب المحترمين.
وكان «مكرم عبيد» - الرجل الثانى فى حزب «الوفد المصرى» بين عامى 1927 و1942 - هو أول نائب يطرد من مجلس النواب بقرار من ثلاثة أرباع أعضاء المجلس، بعد أن اختلف مع زعيم الوفد «مصطفى النحاس» من سكرتارية حزب الوفد، ولأن الحرب العالمية الثانية كانت قائمة والأحكام العرفية كانت معلنة، والأغلبية الكاسحة فى مجلس النواب كانت تناصر زعيم الوفد، فإن «مكرم عبيد» لم يجد وسيلة للدفاع عن نفسه والرد على ما اتخذه النحاس ضده، سوى كتابة عريضة رفعها إلى الملك يطالبه بالتدخل لإنقاذ البلاد من فساد حكومة الوفد، ضمنها طائفة كبيرة من الوقائع والوثائق، تتهم الحكومة باستغلال النفوذ وسرقة المال العام وتوزيعه على الأنصار والمحاسيب وطبعها سراً فى كتاب بعنوان «الكتاب الأسود فى العمود الأسود» وزّعه على نطاق واسع، ثم حوله إلى استجواب نظر مجلس النواب، وانتهى بقرار يقطع بعدم صحة التهم التى وجهت إلى الحكومة، وبتجديد الثقة فيها، وقرر - فى جلسة تالية - فصل النائب المحترم «مكرم عبيد» باعتباره «أسوأ مثل للنائب منذ قامت فى البلاد الحياة النيابية عام 1924».
ولم يحل هذا القرار دون عودة صاحب لقب «أسوأ مثل للنائب» إلى عضوية مجلس النواب فى الانتخابات التى أجريت بعد أقل من عام ونصف العام، على منحه هذا اللقب، بعد أن قضت تقلبات السياسة بإقالة الوزارة الوفدية لتحل محلها وزارة من أحزاب الأقلية، كان «مكرم عبيد» أحد أقطابها.
وكما كان الخلاف بين «مصطفى النحاس» و«مكرم عبيد» هو السبب فى فصل الثانى من مجلس النواب، فقد كان الخلاف بين الرئيس «عبدالناصر» والمشير «عبدالحكيم عامر» حول المسؤولية العسكرية والسياسية عن هزيمة 1967، هو السبب فى فصل 6 من أعضاء «مجلس الأمة» من المحسوبين على «المشير عامر»، اتهموا بتوزيع منشورات أصدرها «عامر» للدفاع عن نفسه على أعضاء المجلس، وبالمشاركة فى المؤامرة التى كان يخطط لها للاستيلاء على قيادة القوات المسلحة، وأسفر الصراع على السلطة بين الرئيس «السادات» وبين شركائه فى وراثة «عبدالناصر» بقيادة نائبه «على صبرى» عن اعتقالهم وتصفية أنصارهم من النواب، فاجتمع أنصاره من أعضاء مجلس الأمة يوم 14 مايو 1971، وقرروا فصل رئيس المجلس «د.لبيب شقير» ووكيله و15 من النواب الموالين لمن سماهم السادات أيامها بـ«مجموعة مراكز القوى»، وتقديرا لهذا الموقف التاريخى، قرر السادات، اعتبار يوم 14 مايو من كل عام عيدا قوميا باسم «عيد مجلس الشعب»، حرص على أن يلقى خلاله خطابا بهذه المناسبة، إلى أن رحل عن الدنيا وعن السلطة فرحل العيد معه!
وكان عهد الرئيس «السادات» - الذى لم يستمر سوى أحد عشر عاما - هو أكثر العهود التى فصل فيها النواب بسبب فلتات لسان من النوع الذى حول بسببه النائب «زياد العليمى» إلى «لجنة القيم» وكاد النائب «مصطفى بكرى» يلحق به، لولا تضامن نواب الإخوان المسلمين والنواب السلفيين ونواب حزب الوفد معه.. وكانت البداية بعد أحداث 18 و19 يناير 1977 المعروفة بـ«مظاهرات الطعام»، حين ألقى خطابا عنيفا، أعلن فيه عن إجراء استفتاء شعبى على سلسلة من القوانين تقضى بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، لكل من يدعو أو يشارك فى مظاهرات عامة، أو إضرابات عن العمل أو يشترك فى أحزاب سرية.. إلخ، واستفزت هذه الإجراءات «كمال الدين حسين» نائب بنها، فتوجه إلى مكتب التلغراف، وأرسل برقية للرئيس «السادات» يتهمه فيها بالديكتاتورية ومخالفة الدستور والعدوان على الحريات العامة، وما كادت البرقية لتصل إلى الرئيس حتى استشاط غضبا، ونسى أن نائب بنها كان زميلا له فى مجلس قيادة الثورة، ونائباً سابقا لرئيس الجمهورية، وأمر بفصله من مجلس الشعب.. وهو ما كان!
وكان النائب الثانى الذى أمر السادات بفصله من مجلس الشعب هو «أحمد فرغلى» نائب «حزب العمل» - المجمد منذ عام 2002 - الذى كان يخطب فى مؤتمر عام فأخذته الحماسة للإعلان عن أن لديه معلومات بأن هناك مؤامرة تدبرها الحكومة لاغتيال «خالد محيى الدين» رئيس حزب التجمع.. ولأسباب مشابهة فصل النائبين كمال أحمد وعبدالفتاح حسن.
وفصل الشيخ عاشور نصر فى أعقاب هتافه بسقوط الرئيس السادات أثناء مناقشة طلب إحاطة حول رداءة رغيف الخبز المدعم، حين دخل أحد معاونى وزير التموين إلى قاعة الجلسة، وهو يحمل أرغفة من الخبز الممتاز للتدليل على أن الخبز المدعوم هو من أفخر الأنواع، فانفعل الشيخ عاشور، وقال: أنا خارج.. ده مش مجلس شعب ده مسرح مجلس الشعب.. وأمر رئيس المجلس بإحالته إلى اللجنة المختصة لإهانته للمجلس، وأمر بإخراجه من الجلسة، فخرج وهو يهتف: يسقط أنور السادات!
تلك مشاهد تاريخية أهديها إلى أعضاء مجلس الشعب.. لعلها تنبههم إلى مخاطر الارتجال.. ومحاذير الانفعال.. تحت القبة أو خارجها.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

السعيد زهران

اسكت أنت وأمثالك

عدد الردود 0

بواسطة:

محمودعبدالعال محمد

للتاريخ

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة