سعد هجرس

حسنى مبارك.. براءة!

الأربعاء، 14 مارس 2012 03:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتوالى الأحكام القضائية بتبرئة متهمين بقتل وإصابة الآلاف من أبنائنا وبناتنا منذ اندلاع شرارة ثورة 25 يناير. فهل يعنى ذلك أن شهداء الثورة أكذوبة وأن مصابى الثورة مجرد ادعاء واختلاق؟

نفس السؤال يطرح نفسه بعد صدور حكم القضاء العسكرى بتبرئة طبيب مجند متهم بإجراء كشف العذرية على عدد من بناتنا فى السجن الحربى، فهل يعنى هذا الحكم أن كشف العذرية لم يحدث من الأساس؟!

البعض يحاول تصوير الأمر على هذا النحو، فى إطار محاولة أكبر لتشويه الثورة والثوار ومحاولة تضليل المتعاطفين معها. بل لم تكتفِ هيئة الدفاع عن الطبيب المجند المشار إليه بذلك، بل ذهبت أبعد من ذلك بالتلويح بأنها ستقوم بتوجيه تهمة البلاغ الكاذب إلى الناشطة السياسية سميرة إبراهيم التى فجرت قضية كشوف العذرية، والتلويح كذلك بإقامة دعوى ضدها لتعويض الطبيب المجند المذكور. وهذا يعنى ببساطة أنه لم يكن كافيا هتك عرضها فى السجن الحربى، وإنما يتم تهديدها بأن تدفع من حريتها ومالها - إن وجد - ثمن تجاسرها على الشكوى من الهمجية التى تعرضت لها، حتى تكون عبرة لمن تسوّل له نفسه أن يحذو حذوها. وهو ما يعنى بعبارة أخرى ذبحها مرتين، أو ذبحها ثم سلخ جلدها.

فى حين أن حكم البراءة الذى انتهت إليه قضيتها لا يعنى أكثر من الاحتمالات التالية: أولا: أن النيابة العسكرية لم تبذل الجهد الكافى لتوفير الأدلة والقرائن التى تؤيد ما جاء فى قرار الاتهام الذى أعدته. ثانيا: أن النيابة العسكرية أخفقت فى التحديد الدقيق لهوية الجانى فوجهت الاتهام إلى فلان، بينما الجانى الحقيقى هو علان الذى لم يتم التوصل إليه. لكن عدم التوصل إليه لا يعنى أن الجريمة لم تقع. ثالثا: أن الآلية المعمول بها فى القضاء العسكرى ليست هى الأنسب لتحقيق العدالة فى هذه النوعية من القضايا، سواء لأن الخصم يكون هو الحكم أو لأسباب أخرى ليس هذا مجال الإسهاب فى الحديث عنها. وإذا كانت قضية استقلال القضاء «الطبيعى» محل جدل شديد داخل الأوساط القضائية ذاتها، فما بالك بالقضاء العسكرى، خصوصًا عندما يتصدى لمحاكمة مدنيين.

وسواء كان القضاء «طبيعيّا» أو «عسكريّا» فإن المسألة الأكبر من «كم» القضايا المنظورة وما تنتهى إليه من أحكام، هى مسألة تصفية الثورة بـ «القانون»، وفى إطار هذا النهج العجيب الذى لم نرَ له مثيلا فى أى ثورة فى مشارق الأرض ومغاربها، ليس مستبعدًا أن تتم تبرئة حسنى مبارك وولديه، أو الحكم عليهم بأحكام «رمزية» و «شكلية» لا تتناسب بأى حال من الأحوال مع الجرائم الحقيقية التى اقترفوها، والتى تصل إلى حد الخيانة العظمى والإضرار بالأمن القومى والعبث بالمبادئ الجمهورية وتقزيم مكانة مصر إقليميّا وعالميّا، ناهيك عن إفقار وتجويع ملايين المصريين ودفعهم إلى براثن الأمية والجهل والمرض والإذلال وامتهان الكرامة الإنسانية. كل هذا يتم اختزاله - بالمواجهة القانونية المعمول بها - إلى اتهامهم بالحصول على قصرين بأقل من ثمنهما الحقيقى من حسين سالم!
أليس هذا هو العبث والاستهزاء بالعقول؟!

ثم تعالوا نرى هذه المفارقة المدهشة: 12 ألفا من المدنيين المصريين تمت محاكمتهم أمام القضاء العسكرى والحكم عليهم فى غصون ساعات أو أيام معدودات دون أن تتوافر لمعظمهم أبسط ضمانات المحاكمة العادلة، بينما رأينا مشهدًا مغايرًا لذلك على طول الخط فى قضية كشوف العذرية. وكل هذا - الشىء وضده - يتم تبريره باسم القانون. وليس أدل على ذلك من فضيحة ما يسمى بقضية تمويل منظمات المجتمع المدنى، وما اشتملت عليه من تلاعب فج بالقانون وزج ممجوج بالقضاء فى مغامرة أو صفقة سياسية خائبة.. وكم من الجرائم ترتكب باسمك أيها القانون.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة