سعد هجرس

جلسة استماع

الأربعاء، 29 فبراير 2012 04:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلقيت دعوة كريمة من النائب محمد أنور السادات، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب، لحضور جلسة استماع أمس الأول، حول الإعلام المصرى بشكل عام ومدى الحاجة إلى قانون يكفل الحق فى الحصول على المعلومات والحرية فى تداولها بشكل خاص، ومبادرة اللجنة ورئيسها تلبى احتياجاً حقيقياًَ من حيث موضوعها الذى لا يهم الصحفيين والإعلاميين فقط، وإنما يهم المجتمع بأسره، لأنه لا إعلام ولا صحافة ولا ديمقراطية حقيقية بدون تدفق المعلومات وحرية تداولها.
وكانت جلسة الاستماع جلسة كاشفة بالفعل، واتسمت بالصراحة، والبعد عن المجاملات والعبارات المصكوكة وسابقة التجهيز، ويمكن القول- باختصار- بأن الجلسة كانت سجالاً متحضراً بين اتجاهين رئيسيين: اتجاه يسعى إلى التركيز على «الإتاحة» باعتبارها هى الأصل، وآخر يركز على وضع سياج وضوابط وقيود على حرية تداول المعلومات، وحرية الإعلام عموماً.
هذا الاتجاه الثانى عبر عنه عدد من النواب المحترمين، منهم النائبة السيناوية فضيلة ثابت التى شددت على ضرورة وضع معايير وضوابط للحفاظ على الأمن القومى والآداب العامة، والنائب أشرف الشبراوى الذى تحدث عن ضوابط مشابهة، والنائب عصام محمود الذى قال– على بلاطة- إن حرية الرأى لابد أن تكون مقيدة، ولم يكتف أحد النواب المحترمين بالتشديد على ضرورة وضع هذه القيود، بل ذهب أبعد من ذلك إلى المطالبة بـ «فرض رقابة على العاملين فى هذه المهنة»، يقصد الإعلام بالطبع.
وعلى الضفة الأخرى من النهر، أكد الاتجاه الأول أن الأصل هو «الإتاحة»، ولم يخف النائب الدكتور عمرو حمزاوى انزعاجه واندهاشه من بعض ما سمع، فالمهمة الأساسية للجنة حقوق الإنسان هى تعظيم الحريات والدفاع عن الحقوق. أما التخوفات التى تستدعى معايير وضوابط فهى من اختصاص لجان أخرى. وأعرب حمزاوى عن تخوفه من إعادة إنتاج خطاب تشويه الحرية الإعلامية وتصويرها كأداة هدم، وتخوفه كذلك من أن تبدأ مناقشة الموضوع بتقييد الإعلام والإعلاميين، بينما عملنا هو تدعيم الحريات لا تقييدها.
وهو نفس ما ذهب إليه النائب الدكتور حنا جريس الذى أوضح أن الإتاحة تعنى إسقاط كل أشكال الحجب والرقابة، مستشهداً بأبيات من شعر ت.إس. إليوت التى يقول فيها: أين الحكمة بعد أن فقدنا المعرفة.. وأين المعرفة بعد أن فقدنا المعلومات.
وإلى جانب الجدل بين أنصار هذين الاتجاهين كانت هناك مساهمات مهمة تضىء جوانب أخرى للقضية، منها إشارة الإعلامية أمانى الخياط إلى الفوضى الإعلامية والتساؤل عما إذا كانت فوضى «مقصودة». كما أبدت انزعاجها من ظاهرة التكالب على الاستثمار فى الإعلام حاليا بمصر من شخصيات لا نعرف لها تاريخا، ومن مصادر تمويل لا نعرف لها أصلاً أو فصلاً. ومنها مطالبة الدكتور صفوت العالم بحماية دستورية وقانونية لحق الوصول إلى المعلومات. ومنها تساؤلات الإعلامى الكبير حسن حامد عن ملكية الإعلام، وهل يملك صاحب الفضائية– مثلا– الهواء أيضاً، موضحاً أن الأثير ملك للشعب والمجتمع، وأن مالك القناة التليفزيونية هو مالك لشركة وليس للأثير، وبالتالى ليس من حقه قطع البث إذا لم يعجبه ما يذاع مثلما حدث مع الزميل معتز مطر مؤخراً.
وبالنظر إلى ما سبق يمكن إدراك أهمية جلسة الاستماع المشار إليها وأهمية استمرارها وتوسيع دائرة المشاركة فيها، والاستفادة بمبادرات تجرى منذ سنوات بصدد نفس القضية، سواء داخل نقابة الصحفيين أومنظمات المجتمع المدنى الأخرى التى أعدت بالفعل مشروعات قوانين بالغة الأهمية دفاعاً عن حرية الإعلام والصحافة.
ورغم سعادتى بذلك.. راودنى شعور سلبى بالخشية من أن البرلمان الذى خلف برلمان الدكتور فتحى سرور، لن يكون بالضرورة صديقاً للحريات بجميع أشكالها، وليست حرية الإعلام فقط.
وأرجو أن تخيّب الأيام ظنونى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة