كرم جبر

ليست «نعم» واحدة.. بل «نعمين»!

الخميس، 06 ديسمبر 2012 06:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رأيت فيما يرى النائم أن غالبية الناخبين لم يصوتوا لمشروع الدستور بـ«نعم» واحدة بل «نعمين»، ورغم رفضى الشديد لهذا المشروع الذى يضرب فى مقتل استقلال القضاء وحرية الصحافة، فإن القضية الأهم هى «وماذا بعد؟»، وهل يتحمل الثوار طول الإقامة فى خيامهم بالتحرير، وينكفئ الرموز على إحباطهم منسحبين من المسرح السياسى، وتكتمل عملية ترويض الصحفيين والإعلاميين، وينسحب القضاة إلى منصاتهم يلعقون جراحهم.. ويرفع المعارضون جميعا الراية البيضاء، ويسلمون «الجمل بما حمل» - كما يقول المثل - للإخوان والسلفيين لاقتسام غنائم الديمقراطية التى كانوا بالأمس شركاء فيها، ثم استحوذ عليها فصيل واحد وأقصى واستبعد الآخرين.
«نعمين».. لأن الناخبين طول عمرهم كرماء مع الاستفتاءات ولا يكسرون خاطر حاكم يستفتيهم، وسواء ذهبوا بأنفسهم إلى الصناديق أو ذهب أولو الأمر نيابة عنهم، فالنتيجة هى الرضا والقبول، أضف إلى ذلك أن الإخوان والسلفيين أضافوا على الاستفتاء هذه المرة نفحات دينية، تصطفى المؤيدين وتخوّن المعارضين، وتصنيف العباد إلى مسلمين وكفار، وفلول وثوار، وخونة وأحرار، ويا عينى على شركاء كانوا يهتفون فى المظاهرات «إيد واحدة»، فأصبحوا فرقاء يكيلون لبعضهم البعض أفظع الشتائم والسباب والتهديد والوعيد، رأيت فيما يرى النائم.. لأن الحلم انقلب إلى كابوس وستصوت الجماهير المسلمة بـ«نعم» واتنين لدستور لم يحذف صلاحية واحدة من سلطات «الرئيس الفرعون» بل زادها.. دستور يستبيح إغلاق الصحف ويغير «كفيل» الصحافة القومية من مجلس الشورى إلى الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام، ويضع ضوابط مرسلة وغامضة لحرية الإعلام.. دستور ينتقم بقسوة من المحكمة الدستورية العليا عروس المحاكم، ويغل يدها عن الرقابة اللاحقة للقوانين الخاصة بمباشرة الحقوق السياسية والانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية.. وهذا يعنى أن الدستور يعطى ضوءًا أخضر لإدخال القضاء والصحافة والفضائيات حظيرة الطاعة، وبعد ذلك يأتى من يقول إنه أفضل من دساتير أمريكا وألمانيا وفرنسا، أو أنه الأكثر ديمقراطية فى تاريخ البشرية.
«وماذا بعد».. القاقلة تسير وانتخابات مجلس النواب بعد شهرين، وإذا كانت الديمقراطية لا تطير إلا بجناحين، فجناح المعارضة فى مصر مكسور ولا أتوقع أن يجد نجوم الليبرالية الذين فازوا فى البرلمان السابق مكانا فى البرلمان الجديد فقد دخلوه فى غفلة من شعار «مشاركة لا مغالبة»، أما الآن فلا مشاركة ولا مغالبة بل «مصارعة»، مثل التى شهدنا بروفة لها فى مليونية «الشرعية والشريعة»، وزاد الطين بلة عناد تأسيسية الدستور وإصرارها على إجراء الانتخابات البرلمانية بنفس القانون الذى حكمت المحكمة الدستورية بعدم دستوريته، طبعا بعد تحصينه بموافقة الناخبين فى استفتاء 15 ديسمبر، فهل يوجد فى مصر حزب معارض يستطيع أن يختطف قطعة من كعكة مجلس النواب القادم من أيدى الإخوان والسلفيين؟
«القادم أصعب» وبات من ضروب الخيال أن يفرط الإخوان وشركاؤهم السلفيون فى أى مساحة اكتسبوها، وبات من المستحيل أن يستسلم شركاء الثورة لخروجهم من المولد بلا حمص، والجميع يراهن على الشارع والصندوق ويتصور أنه يمتلك مفاتيحها وأسرارها، لكنهم لا يعلمون أن المصرى الصبور الصابر لا يبوح بسره ولا ينفجر غضبه إلا إذا فاض به الكيل من الغلاء والأسعار والبطالة والعشوائيات والمرور ورغيف الخبز وأنبوبة البوتاجاز، وغيرها من أساسيات الحياة التى ضاعت فى زحمة الميادين وصخب المليونيات.. وإذا سألت من يصوت بـ«نعم» أو بـ«لا» فغالبيتهم لا يملك إجابة عن السؤال؟








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

فكري

هذه قواعد الديمقراطية التي تناضلون من أجلها

فوق

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة