قطب العربى

أرقام مرسى ومشروعاته

الإثنين، 31 ديسمبر 2012 02:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان واضحا أن الرئيس محمد مرسى اتجه مباشرة إلى المواطن المصرى البسيط وليس إلى النخبة المتأزمة فى خطابه الأخير أمام مجلس الشورى، وإذا كانت النخب والقوى السياسية خصوصا المعارضة قد شعرت بخيبة أمل من الخطاب لعدم تضمنه تنازلات معينة تقنعها بالعودة إلى مائدة الحوار، فإن المواطن البسيط ربما خرج من الخطاب بتطمينات مهمة عن أوضاع اقتصاد بلده الذى راح البعض يبشر بقرب انهياره وقرب إعلان إفلاس مصر، وهو ما رد عليه مرسى بشكل مباشر وحازم قائلا «إن من يتحدثون عن الإفلاس إنما هم المفلسون» فى إشارة إلى بعض القوى الحزبية التى تروج لهذه المخاوف فى إطار صراعها مع النظام القائم والذى انتقل من السياسة إلى الاقتصاد.

لم يتحدث الرئيس حديث مرسلا، بل راح يسند أقواله بأرقام وبيانات فى مجالات مختلفة، يمكن للمختصين مراجعتها والتأكد من صحتها، فمعدل نمو الاقتصاد فى الربع الأول بلغ %2.6 وقيمة الاستثمارات المنفذة بلغت 50 مليار جنيه بمعدل استثمار بلغ %11، والعجز الكلى فى ميزان المدفوعات تراجع بمعدل الخمس قياسا على الفترة المقابلة من العام الماضى، والتضخم تراجع لأدنى مستوياته خلال الشهرين الماضيين، وصافى الاحتياطات الأجنبية ارتفع إلى 15.5 مليار دولار أى بزيادة بلغت 1.1 مليار دولار عن يوليو الماضى، وودائع البنوك زادت إلى 1300 مليار جنيه مقارنة بـ970 مليار جنيه للفترة المقابلة من العام الماضى، وعوائد قناة السويس ارتفعت منذ يوليو إلى أكتوبر بمقدار مليارى دولار، كما أن عدد السياح زاد خلال الشهور الأربعة الماضية إلى 4 ملايين سائح. وقال الرئيس إن الدين العام بلغت نسبته %87 من الناتج المحلى بينما يبلغ فى دول أخرى %120 وحتى %160 مؤكدا أن أعباء الدين العام بفوائده وأقساطه مدرجة ضمن الميزانية ويتم السداد تباعا دون تأخير، وموضحا أيضا أن تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر ليس هو الأول من نوعه فقد تكرر مرات خلال العامين الماضيين بسبب عدم الاستقرار السياسى. هذا الكلام لا ينفى ولا يخفى مشاكل الاقتصاد، وهى المشاكل التى دفعت الرئيس لاتخاذ إجراءات استثنائية فى الإعلان الدستورى يوم 21 نوفمبر لتتخطى مصر هذه المرحلة الانتقالية ولتتفرغ لمعالجة الأزمة الاقتصادية، لكن هناك فرق بين معرفة حقيقة المشكلة تمهيدا لعلاجها، وبين التفزيع من الإفلاس بهدف تخويف الناس ودفعهم للانقلاب على النظام ودفع المستثمرين والمؤسسات الأجنبية للعزوف عن ضخ استثماراتها فى مصر.

ربما يقول البعض إن هذه أرقام جافة لا تعنى شيئا بالنسبة للمواطن العادى، وقد يكون هذا صحيحا، لكن هذه الأرقام ترد على المرجفين الذين ينشرون الفزع على حال الاقتصاد الوطنى من ناحية كما تطمئن المستثمرين الأجانب والمؤسسات الأجنبية، ومع ذلك لم يقتصر الرئيس على هذه الأرقام والمؤشرات الاقتصادية الكلية بل راح يعلن عن مشروعات جديدة سيستفيد حتما منها المواطن البسيط، مثل مشروع قناة السويس والذى سيحقق لمصر 20 ضعف عوائد القناة الحالية (تبلغ حاليا 5.5 مليار دولار سنويا)، كما سيوفر فرص عمل جديدة، وسيتضمن مدينتين سكنيتين شرق بورسعيد وشمال خليج السويس، ومن المشروعات التى تعود بالنفع المباشر على المواطنين طرح 360 ألف فدان للاستصلاح بمساحات متنوعة بين 5 أفدنة وحتى 10 آلاف فدان فى مناطق مختلفة، مع الاستعداد لطرح 300 ألف فدان أخرى خلال ستة أشهر، وطرح 145 ألف فدان للاستثمار الزراعى الداجنى فى بنى سويف والمنيا والواحات، وزيادة مساحات الأرض المزروعة قمحا إلى 204 آلاف فدان ومنح عشرات الرخص لتشغيل مصانع جديدة.

كل هذه المشروعات لن يشعر بها المواطن إلا إذا أصبحت واقعا، يمتلكها بنفسه ويعمل فيها بيده، ويدخل ريعها فى جيبه، ومن هنا أهمية تحويل هذه المشروعات إلى واقع ملموس فعلا بأسرع وقت، وتوزيع تلك الأراضى على الناس فورا، والبدء فى المشروعات الكبرى مثل تطوير قناة السويس، مع سرعة تشكيل مجلس التنمية الاقتصادية ليتابع إنجاز هذه المشروعات، ومدى انعكاسها على المواطن البسيط.

كان واضحا أن الرئيس مرسى أراد طى صفحة الماضى حين تحدث قليلا فى السياسة وكثيرا عن الاقتصاد، وكأنه أراد أن يعطى شارة البدء لمرحلة جديدة من العمل والبناء والاستقرار بعد أن عانى الشعب كثيرا من المرحلة الانتقالية المؤلمة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة