محمد إبراهيم الدسوقى

عدالة الشارع

الإثنين، 24 ديسمبر 2012 11:42 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انفراط عقد المجتمع وبعثرته بين فرق وجماعات متناحرة متخاصمة، يهدم قواعد وقاية متينة تحميه وتصونه من غدر وتقلبات الزمان ومفاجآته غير السارة ـ مثلما هو حالنا الآن، وتجعل قابلته للعجز وقلة الحيلة أزيد، ولا يتحمل لكمة ضعيفة توجه لوجهه. حينها تغيب الدولة وتتقلص هيبتها، وتستبدل عدالة المنصة المعتمدة على تطبيق القوانين الخاضع لها رقاب الجميع بدون تمييز بعدالة الشارع، فالمواطن يسن قوانينه الخاصة المتمشية مع رغباته وخططه، ولا يعترف سوى بأخذ حقه بيده، ولا مكان للاختلاف المتحضر المستند لقاعدة مقارعة الرأى بالرأى والحجة بالحجة.

وأحدث مثال صارخ على تلك الحقيقة المؤلمة الاعتداء على المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة، فمَنْ اعتدى عليه ارتأى أنه يملك الحق غير المنقوص فى تأديبه على مواقفه المعارضة للاستفتاء على الدستور، وإشراف القضاة عليه. فالمعتدى تطلع إلى ما حوله فوجد غيابا وغيبوبة لسطوة الدولة، وأن الشوم والحجارة وزجاجات المولوتوف هى وسائل التخاطب بين جبهتى التأييد والمعارضة للرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين، فلماذا لا يقتدى بالعرف السائد الذى أخشى من تحوله لدستور حياتنا لمدة لا يعلمها سوى الخالق عز وجل.

قبل واقعة الزند، تابعنا ضغط أولاد أبو إسماعيل على النيابة للإفراج عن زميل لهم قبض عليه داخل منزله وبحوزته بندقية آلية، وبأمر من النيابة، فهؤلاء لم يحترموا القانون ولم ينتظروا للاطلاع على الوقائع والحقائق، لكنهم قرروا تنفيذ العدالة من وجهة نظرهم، حيث إنهم لا يشكون للحظة فى أن زميلهم برئ. بعدها بقليل قرر أعضاء النيابة العامة بدورهم ـ وهم رجال القانون والعدل ـ حصار مكتب النائب العام لرفضهم توليه المنصب بقرار رئاسى وبعيدا عن القواعد القانونية المتبعة، وسدا للذرائع هناك فرق شاسع بين حرية التظاهر السلمى وإجبار شخص على ترك منصبه، فالتظاهر السلمى يستغل كذريعة للإطاحة بمن لا نرغب فيهم فى أى موقع من المواقع، وهكذا عمت الفوضى وتغلغلت حتى النخاع فى الجسد المصرى العليل. وإليك طائفة من النماذج الدالة على سوء الحال والمآل: تهديد الدكتور محمد البرادعى لمنعه من الإدلاء بصوته فى استفتاء السبت الماضى، وتصريحات ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، حول صفقات إعداد الدستور الجديد، والإصرار على إدخال نص يجيز إقالة شيخ الجامع الأزهر، وأن الإسلام قادم لا محالة لمصر، وكأنه كان غائبا عنها.
الجانب المقلق فى عدالة الشارع أن كل طرف يرى فى نفسه صاحب الحق الكامل والحقيقة الناصعة المتعين على الآخرين قبولها وعدم نقاشها، تلمس هذه الخاصية لدى كثير من المنتمين للتيارات الثورية والدينية، وما يزيد من الهم والغم أن أحدا منهم لا ينظر لأبعد من تحت قدميه، فجميعهم يريدون البركة أو اللعنة الفورية، ولا موضع للوسطية واللين فى المواقف والآراء، فكل معسكر يؤمن بأن الواقفين على الجبهة الأخرى على خطأ تام، ويستحقون الرجم وما يتعرضون له من عنف وإذاء، فنحن ندمر الوطن بأيدينا وليس بواسطة اللهو الخفى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

يحيي رسلان

ولم تجاهل الاعتداء علي المساجد واعلام الدعوة

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد الدق

الدعاء لمصر

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد عبد المنعم

أولا يجب تطهير القضاء

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد العزيز

كل مصائبنا من التيارات العلمانية و الليبرالية

عدد الردود 0

بواسطة:

د. معتز سيف

شعبنا العبيط

شعبنا العبيط يستحق السك على قفاه

عدد الردود 0

بواسطة:

الطيب عبدالله

لا نميز فصيل على اخر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة