قطب العربى

«ونحن أحق بالملك منه»

الإثنين، 10 ديسمبر 2012 05:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أكن بحاجة للاستعانة بصديق لأعرف موقف الأحزاب المشاركة فى جبهة الإنقاذ أو بعض القوى الأخرى المعارضة للرئيس مرسى من الإعلان الدستورى الجديد الذى ألغى الإعلان الصادر يوم 21 نوفمبر تجاوبا مع رغبة هذه القوى، ولم أكن بحاجة إلى وقت لأعرف رد فعل هذه القوى، فقد اعتدنا من هذه القوى أنها ترفض أى شىء يصدر من السلطة القائمة حاليا لا لشىء إلا لأنها مقتنعة تمام الاقتناع أنها الأحق بحكم مصر من الرئيس مرسى «أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه». لقد ظهرت التعليقات على الفور لرموز هذه القوى برفض الإعلان الدستورى الجديد، رغم أنه استجاب لطلبها بإلغاء إعلان 21 فبراير، وكان هذا الرفض تارة بدعوى أن الإعلان الجديد لم يلغ الآثار المترتبة على القديم علما بأن الأثر الوحيد هو تغيير النائب العام، وهو ما يعنى أن هذه القوى تريد عودة عبدالمجيد محمود الذى طالبت هى بتغييره وكان مطلبا رئيسيا لثورة يناير، وتارة بدعوى أن إلغاء الإعلان ليس كافيا، بل المطلوب تأجيل موعد الاستفتاء حتى يتم التوافق على الدستور، وهذا التوافق لن يتم أبدا، وهو ضد طبيعة المنطق الديمقراطى الذى يحتكم إلى الشعب عند اختلاف القوى السياسية، والمؤكد من خبرة الشهور الماضية أن هذه القوى لن تقبل بأقل من رحيل مرسى عن السلطة لتخلو الساحة لأحدهم (حمدين أو البرادعى أوعمرو موسى) باعتبارهم أحق بالحكم من محمد مرسى وحزبه.

لم يعد هناك مبرر سياسى أو أخلاقى لأحزاب جبهة الإنقاذ أو غيرها لتوتير الشارع وتعطيل المنشآت العامة مثل إغلاق مجمع التحرير أمام الموظفين والمواطنين، ولم يعد هناك مبرر لسلطات الدولة خاصة الأجهزة الأمنية للصمت على هذا الخروج عن الشرعية، وتعطيل مسيرة الديمقراطية بشكل متعمد، ولم يعد مقبولا أن تتراخى هذه الأجهزة عن واجبها القانونى فى حماية المنشآت العامة والخاصة بعد إحراق عشرات المقرات لجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة تحت سمعها وبصرها خلال الأيام الماضية، لم يعد مقبولا السكوت على حرق المزيد من هذه المقرات حتى لا تعطى هذه الأجهزة المبرر الشرعى لأصحاب وأنصار هذه المقرات أن يدافعوا عنها بأنفسهم فتتكرر الاعتداءات والقتلى والمصابين، وتنتقل عمليات الحرق والتخريب من هذا الحزب إلى ذاك، ومن هذا المكتب إلى ذاك، فالحرق والتخريب ليس أمرا صعبا فى ظل تراخى أجهزة الأمن عن ممارسة دورها. إن محاولة نشر الفوضى فى البلاد، والانقلاب على خيار الشعب تذكرنا بما حدث فى الجزائر مطلبع التسعينيات حين انقلبت القوى العلمانية هناك بالتعاون مع العسكر على الديمقراطية بعد أن فازت جبهة الإنقاذ الإسلامية بالأغلبية البرلمانية فتم إلغاء نتيجة الانتخابات وإقصاء جبهة الإنقاذ وحبس قادتها، وكانت النتيجة لذلك دخول الجزائر فى عشرية سوداء امتدت من العام 1992 إلى 2002 قتل خلالها مئات الآلاف من الجزائريين، ولم يعد الهدوء والاستقرار إلى الجزائر إلا بعد اعتراف الدولة بخطئها والسماح للقوى الإسلامية مرة أخرى بالمشاركة فى العملية السياسية وإن كان ذلك بشكل مقيد نسبيا فى ظل حضور كبير للعسكر، هل تريد القوى الداعية للفوضى فى بلادنا أن تدخل مصر هذا النفق المظلم؟ وهل تظن أنها قادرة على إسقاط رئيس شرعى وصل إلى السلطة بانتخابات نزيهة؟ ألا تدرك هذه القوى أنها لو تمكنت من إزاحة رئيس منتخب بعد خمسة أشهر فقط فإن القوى الأخرى قادرة أيضا على منع أى من رموز هذه القوى المدنية من دخول القصر بالأساس من أول يوم؟ وهكذا تظل البلاد فى هذه الحالة الفوضوية طالما أن هذه القوى ترفض الاحتكام للشعب. نصيحتى للقوى الليبرالية واليسارية أن تتجاوز مرحلة السذاجة السياسية وتنسى حكاية استنساخ ثورة 25 يناير، عبر الاعتصام بميدان التحرير أو أمام الاتحادية أو إغلاق مجمع التحرير، فثورة 25 يناير جاءت عبر تراكم نضالى استمر ستة عقود راح ضحيته مئات الشهداء، وتوحدت خلاله الأطياف الوطنية بجناحيها المدنى والإسلامى، ولا يمكن لثورة أن تنتصر بجناح واحد حتى لو كان إسلاميا، ونصيحتى أيضا للقوى المدنية أن تحترم مبادئها السياسية وأهمها احترام إرادة الشعب التى تكشفها صناديق الانتخابات، وأمامها الآن الفرصة لحشد الشعب لرفض الدستور، وأمامها فرصة للاستعداد للانتخابات النيابية المقبلة بدلا من استنزاف الوقت فيما لا طائل من ورائه إلا المزيد من الفوضى والتخريب.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة